‘الإبداع الشعري المعاصر’ تتذكر عاشق البحر

الجسرة الثقافية الالكترونية

 

كتاب “المختار من أشعار الشاعر الراحل محمد محمود زيتون”، يأتي ضمن سلسلة الإبداع الشعري المعاصر، الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب في القاهرة، حيث مطبوعات سلسلة الإبداع الشعري، تعيد رسم خريطة الشعر المصري المعاصر بجناحيه الشعر العمودي والشعر الحر.

 

ويضمّ الكتاب 33 قصيدة مختارة من قصائد الشاعر محمد محمود زيتون، وهناك فصل خاص كتبه جامع المختارات بعنوان “عاشق البحر محمد محمود زيتون”، بالإضافة إلى سيرة موجزة عن جامع المختارات.

 

والشاعر الراحل محمد محمود زيتون يُوصف بأنه عاشق البحر، لأنه قضى حياته كلها مع البحر المتوسط، سواء في المدينة التي شهدت ميلاده وهي مدينة إدكو، أو مدينة الإسكندرية التي انتقل لها الشاعر وعاش فيها معظم أيام حياته؛ حيث بلغ حب الشاعر الراحل للبحر واندماجه معه إلى أنه تقمّص شخصية البحر في أكثر من عمل من أعماله، بل ويطلق على قصيدة من قصائده عنوان: “أنا البحر”، فيقول في بيتين اثنين من أبيات هذه القصيدة:

 

أنا البحر لا حلو لديّ ولا مرُّ ** وسيان عندي التجهم والبشرُ

 

أنا البحر إلا أنني لا تحدني ** شواطئ يرسو عندها المد والجزر

 

وُلد الشاعر محمد محمود زيتون في 4 مارس/آذار سنة 1916 بمدينة إدكو بمحافظة البحيرة المصرية في شمال دلتا مصر، وحفظ القرآن الكريم في سن مبكرة، وعندما أنهى دراسته ألحقه والده بالدراسة الثانوية في مدينة الإسكندرية شمال مصر، حيث حصل على شهادة البكالوريا في سنة 1935.

 

وفي هذه المرحلة المبكرة من عمره ألّف الشاعر الراحل محمد محمود زيتون كتاباً عن مدينته، كما ألّف ديواناً شعرياً بعنوان “جرس المدرسة”، بعدها التحق الشاعر الراحل محمد محمود زيتون بقسم الفلسفة بجامعة الإسكندرية، ثم انتقل لدراسة الأدب في جامعة القاهرة، وحصل منها على الليسانس في عام 1942.

 

وقبل أن يغادر جامعة القاهرة فازت قصيدته “أحلام الربيع” بجائزة عميد الكلية في ذلك الوقت د. أحمد أمين، كما كانت صحيفة “الأهرام” القاهرية تنشر له في ذلك الوقت العديد من القصائد الشعرية الطويلة التي يصل عدد أبياتها إلى نحو 100 بيت شعري، وهي مكانة لم يبلغها أي شاعر في نفس سنه خلال هذه الفترة، خاصة وأن صحيفة الأهرام كانت من أكبر الصحف المصرية في هذا الوقت ولا تزال.

 

وفي سنة 1943 سافر الشاعر الراحل محمد محمود زيتون للعراق، حيث عمل بالتدريس في جامعة بغداد، ثم عاد لمصر في عام 1945 ليخلد ذكرياته في العراق ضمن قصيدتين عن بغداد، يقول في إحداها:

 

بغداد حبك في دمي ** باق وذكرك في فمي

 

لي في ربوعك ذكريات ** حاليات الميسم

 

أنسام دجلة والفرات ** تناوبت قلبي الظمي

 

وفي مصر عمل الشاعر الراحل بوظائف في وزارة التربية والتعليم المصرية، حتى اختير مديراً لشؤون الثقافة بمحافظة الإسكندرية، التي عمل فيها أيضاً مديراً للشؤون الاجتماعية، ثم اختير مديراً عاماً للهيئة المحلية لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية في ذلك الوقت.

 

وبخلاف دواوين الشعر المطبوعة مثل جرس المدرسة، وأحلام الربيع، والدواوين المخطوطة ومنها: أنغام الخريف، وفاطمة سيدة النساء، وسكندريات، وفلسطين تتحدى، فللشاعر الراحل محمد محمود زيتون مسرحيات شعرية منها “وحدة الوادي”، و”جهاد النبي”، و”تحت أسوار الإسكندرية”، كما نال عن مسرحيتي “مينا، وميلاد النبي” جائزة الدولة سنة 1948.

 

كما كتب الشاعر الراحل دراسات تاريخية منها: إدكو – إقليم البحيرة – معركة كفر الدوار – الإدارة المحلية في مصر – حرائق القاهرة في التاريخ – الصين والعرب عبر التاريخ – الألعاب العربية – كفاح الجزائر – فلسطين ضحية المؤامرات – أحلام روتشليد.

 

بالإضافة إلى قصص للأطفال ومقالات صحفية، وما كتبه في التراجم والسير: الإمام أبو العباس المرسي، والقباري زاهد الإسكندرية، والحافظ السلفي.

 

ومن سمات الشعر عند الشاعر الراحل محمد محمود زيتون، أنه ملتزم تماماً بالشعر العمودي التقليدي، وعن ذلك قال الشاعر الراحل: الأدب الذي أكتبه صيغ في قوالب شعرية عربية، ولا يمكن اتهامه بالتقليد، لمجرد أنه ظل وفياً للشعر العربي في لفظه ومعناه وموسيقاه، بل يعلن الشاعر إخلاصه للشعر العمودي من خلال قصيدة بعنوان “شاعر الخلود”، وهي قصيدة يطالب خلالها غيره من الشعراء بأن يتمسّكوا بالتراث الشعري الأدبي الذي جرى عليه شعر القدماء، ويقول الشاعر في أبيات هذه القصيدة:

 

بالله يا شعراء العصر لا تهنوا ** في دولة قد تحملنا قضاياها

 

لا تتركوا عابثاً يلهو بصنعتنا ** وحاربوا كل من يدعو لفوضاها

 

ثوروا على كل إلحاد يراد به ** هدم العروبة من إحدى زواياها

 

الشعر عروتنا الوثقى حفظناها ** ومن يرد فتنة فيها أبيناها

 

يشار إلى أن كتاب “المختار من أشعار محمد محمود زيتون”، جمع وتقديم: محمد أحمد برمو، صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ، ويقع في نحو 104 صفحات من القطع المتوسط. 

المصدر: ميدل ايست اونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى