الاختيار الصعب بين أفلام قليلة في انتظار شكسبير

الجسرة الثقافية الالكترونية

*ابراهيم العريس

المصدر: الحياة

 

اليوم هو الأخير من أيام دورة هذا العام لمهرجان «كان» السينمائي. اليوم، تنتهي العروض بإعادة تقديم أفلام المسابقة الرسمية للذين فاتهم فيلم من هنا أو آخر من هناك. وعند نهاية هذا كله قبل الثامنة مساء بقليل، تضع لجنة التحكيم التي يقودها الأخوان الأميركيان كون، حدّاً للتكهنات والتخمينات من حول الأفلام القليلة العدد التي ستوزّع الجوائز عليها.

الحكاية نفسها تحدث مرة في كل عام، ثم ما إن تنتهي حتى يسدل الستار على دورة العام. لكن هذا، وكما كل عام أيضاً، لن يكون النهاية بل بداية سلسلة من السجالات بدأت منذ الأيام الأولى للدورة، ومحورها بسيط ومؤلم: ما الذي جعل كثراً يشعرون بأن المستوى العام للأفلام المعروضة في شتى المسابقات، أدنى من مستوى ما عُرض في أي من الدورات السابقة؟ هل حقاً لم يكن المعروض سوى صورة لما ينتج في العالم كما اعتدنا أن نقول؟ لا على الأرجح، فغداً يأتي، على سبيل المثال، مهرجان البندقية، ليعرض أفلاماً أقوى، كان عصيّاً على «كان» أن يحصل عليها، وكذلك حال مهرجان تورونتو الكندي ثم من بعدهما مهرجان برلين. ومؤكد أن اللوم كله سيقع على لجان الاختيار في التظاهرات المتنوعة التي بدت هذا العام أكثر بلادة وأقل احتفالاً بالأفلام الكبيرة من الأعوام السابقة.

في خضم هذا، سيكون السجال قوياً أيضاً حول اختيارات لجنة التحكيم هذا المساء، حتى وإن كان المتاح من أفلام تستحقّ الجوائز محدوداً جداً: نصف دزينة من أفلام على الأرجح أو أكثر قليلاً. إنه سيناريو العام الماضي وأرقامه، مع فارق أساسي، في العام الماضي كان التنافس حامياً ليلة الختام بين ستة أو سبعة أفلام يستحق كل منها أن يُعتبر تحفة في تاريخ السينما (ولنتذكر التركي «سبات شتوي» والروسي «لفياتان» والإنكليزي «مستر تيرنر» والصيني «لمسة الخطيئة»، وحتى الأميركي «خارطة النجوم»). أما مستوى الأفلام المتنافسة حقاً في هذه الدورة، فيبدو أضأل شأناً الى حد ما، أو الى حدّ كبير وفق وجهة النظر. صحيح أن ما نتحدث عنه هو أفلام أشدنا بها خلال الأيام الأخيرة، ونال معظمها ما يشبه الإجماع الذي يجعل من المنطقي مبدئياً، أن توزع الجوائز السبع الرئيسة عليها، لكنّ أياً منها ما كان في إمكانه أن يصمد لو تبارى مع تحف العام الماضي. ولئن كنا سنعود الى هذا كله لدى التطرق لاحقاً الى الأفلام التي ستفوز والى بعض القليل الجيد الآخر، نتوقف هنا لنخوض، كما يفعل غيرنا عادة، تلك اللعبة التخمينية التي لا بدّ منها، مع ما تحمله من مجازفات مهنية بالنظر الى أن من سيقرر أسماء الفائزين ليس نحن ولا استفتاء شعبي عام، بل ولا حتى منطق سينمائي يقوده نقاد، بل تسعة أو عشرة من ممثلين وسينمائيين لكلّ منهم ذائقته الخاصة وحساباته. ولعبتنا هنا هي بالطبع تحديد الأفلام التي نتوقع حصولها على الجوائز الرئيسة ونظنّها على الشكل الآتي: ربما تذهب السعفة الذهبية الى الإيطالي سورنتينو عن «شباب» أو مواطنه موريتي عن «أمي»، أما نحن هنا فنفضل «كارول» لتود هاينز. جائزة المحكّمين الكبرى قد تذهب الى «إبن شاوول»، فيما نفضّل نحن ذهابها الى اليوناني «الكركند»، وإلا فإن جائزة السيناريو ستكون لهذا الأخير.

جائزة أفضل ممثلة ربما تعطى لمرغريت باي عن «أمي» أو معاً لكيت بلانشيت شراكة مع رفيقتها في «كارول» روني مارا، فإن أعطيتاها سوية – طالما أن رئيسي لجنة التحكيم إثنان لن يكون ثمة ما يمنع أن تذهب جائزة أفضل ممثل أيضاً الى اثنين: مايكل كين وهارفي كيتل عن «شباب»، بينما من غير الممكن أن يخرج الكندي «سيكاريو» من دون جائزة (الإخراج مثلاً، متنافساً في هذا مع الفرنسي «قانون السوق»). فيما تذهب جائزة التحكيم الخاصة الى التايواني «قد تنزاح الجبال» متنافساً مع «إبن شاوول»، وهذا كله قبل أن يعرض آخر فيلم كبير من أفلام المسابقة الرسمية «ماكبث»، الذي يعيد به الأسترالي جاستن كارزل شكسبير الكبير الى ساحة السينما بعد غياب، وبدأ البعض يتحدث في صدده، على الأقل عن جائزة أفضل ممثل لبطله مايكل فاسبندر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى