البحرين وحركة النشر العلمي

الجسرة الثقافية الالكترونية

يمثل الكتاب وحركة نشره بصورة علمية في المجتمع حجر الزاوية في رفد الاقتصاد المعرفي ورفع مكانة المجتمع الفكرية والثقافية، ولا شك أن تعدد جهات النشر في الدولة يمثل مرتعاً خصباً لتحقيق ذلك، حيث يمثل هذا التعدد جانباً محورياً في استقطاب الأقلام اليانعة ليحسن قطافها بإنتاج فكري وعلمي محكم ومدروس.
وإذا كان من الصعب عقد المقارنة بين العالم العربي والعالم الغربي في دعم منظومة حركة النشر العلمي في المجتمع، فإن عقد هذه المقارنة تتمثل صعوبته بين البحرين وبين دول مجلس التعاون، فبينما تجد في العديد من دول المجلس تعددا في جهات النشر على اختلاف نطاقاتها الفكرية، فإنك تجد في البحرين جهات النشر في حكم العدم، هذا فضلاً عن عدم تبنيها لجوانب تحفيزية للباحثين لتحفيزهم على إعداد الدراسات وتحكيمها ونشرها.
وبالنظر إلى دول مجلس التعاون فإنك تجد العديد منها يدعم النشر العلمي بعد تحكيمه ضمن العديد من النطاقات، ففي المملكة العربية السعودية هناك بالنسبة لنشر الدراسات الأمنية فقط مركزان، فأما الأول فهو مركز الدراسات والبحوث بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، وأما الثاني فهو مركز الدراسات والبحوث بكلية الملك فهد الأمنية، كلاهما بالعاصمة الرياض، وهما مركزان يقومان من خلال برنامج إلكتروني بتحكيم الأبحاث ونشرها، مع منح الباحث نسخاً منها ومكافأة على ذلك، وفي غير ذلك من المجالات هناك مراكز بحثية ومؤسسات مختلفة تدعم النشر العلمي في المملكة العربية السعودية، أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، فإن هناك العديد من الجهات التي تدعم البحث العلمي وتزيد من نطاقات دعم الباحثين وحركة البحث العلمي في الداخل والخارج، حيث يأتي مركز الإمارات للدراسات الاستراتيجية بما يتبناه من برنامج متكامل للنشر على قائمة هذه المراكز، وهو ينشر الأبحاث والدراسات والكتب العلمية بعد تحكيمها ضمن عدة تصنيفات حسب حجم الكتاب وبمكافآت مجزية، كما يعقد مسابقات بحثية لدعم نشر الكتاب ضمن نطاقات مختلفة، هذا إلى جانب عقده لمؤتمرات دورية يتم من خلالها نشر الأبحاث المعروضة بعد تحكيمها من قبل المختصين، وهناك في دولة الكويت عدة جهات تتبنى النشر وتقدم هي الأخرى مكافآت مادية وخدمات مختلفة لتحفيز النشر، هذا فضلاً عن معارض الكتاب الضخمة التي تعقد في هذه الدول، والتي يتمثل أشهرها بمعرض الرياض الدولي للكتاب، ومعرض الشارقة الدولي للكتاب، إلى جانب معارض أخرى تعقد هنا وهناك.
وفي المقابل فإنك تجد حركة النشر العلمي في مملكة البحرين تكاد تكون في حكم العدم، فالباحث في مملكة البحرين لا يجد إلا جهة واحدة أو جهتين تتبنى نشر البحث أو الكتاب دون أي تحفيز للباحث، وأغرب الغريب عندما يتبنى نشر كتاب ومنح المؤلف خمسمئة نسخة من الكتاب المؤلف دون أي تحفيز مادي يذكر، وعندما ينوي الباحث بيعها في المكتبات يجد المؤلف ذات الجهة التي تعرض كتبها للبيع ليخرج بعد ذلك بخفي حنين ولا يتمكن من بيع أية نسخة. أما التطرق لوجود مركز بحثي للنشر في البحرين فقد كان هناك مركز يقوم بذلك ببرنامج تحفيزي هزيل، أما في ظل المركز الحالي فإن جهوده المبذولة ليست بارزة على الساحة إلا من خلال المؤتمرات الخاصة التي تعقد بصورة رسمية.
زبدة القول
إن حركة النشر العلمي في مملكة البحرين تصيب الباحثين والأكاديميين بالإحباط، ويتولد عنها ضعف من شأنه أن ينعكس على الحراك الثقافي في المملكة؛ وعليه فإن على الدولة أن تلتفت ببذل مزيد من الجهود واعتماد العديد من البرامج التحفيزية للنشر ودعم الباحث البحريني، والحال الواقع في ظل المعطيات الراهنة لا يمكن السكوت عنه لما له من تأثير سلبي على الحركة الفكرية والثقافية في المملكة.

…..

البلاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى