التشكيل القطري يعاني نقصاً في الفن السيريالي

الجسرة الثقافية الالكترونية
*أشرف مصطفى
أكّد الفنان التشكيلي فؤاد العمادي أن الساحة التشكيلية في قطر والخليج بشكل عام تعاني نقصًا في التشكيل السيريالي، في الوقت الذي أشاد فيه العمادي بالحركة التشكيلية في قطر وما وصلت إليه خلال الفترة الماضية، مشيرًا إلى أن هناك إشكالاً عديدة من التشكيل لا تلقى قبولاً لدى الفنانين ما يشكل نقصًا في بعض الجوانب، وأكد أنه لا يبخل بتقديم النصيحة لكل من يقرّر أن ينحو هذا المنحى من الفن التشكيلي، ويحرص على أن توجد أعماله التي تتجلى فيها السيريالية بكل معالمها في الملتقيات الفنية الكبرى التي تقام بالدوحة ليراها أكبر عددٍ من هواة التشكيل.
وفي هذا الإطار، قال العمادي إنه قام بعرض مجموعة من أعماله السيريالية خلال المعرض الذي تم افتتاحه أمس الأول بكتارا ونظمته “ماب آرت” تحت عنوان “ألوان الصحراء” بمشاركة مع عدد من الفنانين، وأضاف أهمية مشاركتي في المعرض تأتي بتقديم شكل مختلف من التشكيل وهو السيريالي، حيث جاءت أعمالي مغايرة تمامًا لما تمّ عرضه.
 
فهم السيريالية
العمادي أوضح أن هناك فهمًا خاطئًا لهذا الشكل من الفن التشكيلي، فالعديد من الفنانين الذين يحاولون الاقتراب منه يكون لديهم في الغالب تعريف غير صحيح للسيريالية، فهو ليس الفن الغامض الذي لا يستطيع أن يفهمه المتلقي، وهو ليس عبارة عن مجموعة من القصاصات غير المتناسقة التي لا تعبر عن شيء، بل إنه هذا الفن الذي يسعى لتقديم رؤية خاصة للطبيعة المنقولة والمتحولة إلى ما يشبه الأحلام، وهو في ذلك يعتمد على خيال الفنان بالدرجة الأولى، حيث لا يسعى خلاله لنقل الطبيعة، ولكنه يستحضرها من خياله ويقوم بالتعبير عنها بعقله الواعي وبمساندة عقله الباطن كذلك.
وعن أسباب ندرة الفن السيريالي عمومًا في العصر الحديث.. يقول العمادي إن هذا اللون من الفن يعدّ من أصعب المدارس، ويتطلب من الفنان جهدًا كبيرًا حتى يستطيع إنجازه، فخلاله يدخل الفنان في غيبوبة وكأنه يعيش داخل حلم بتفاصيله غير المنطقية، فالسيريالية هي ما يوحي العقل الباطن للفنان، فهو مطالب أمام لوحته أن يخرج ما في باطن عقله ويترجمه في خطوط وألوان، وحالة الحلم بتفاصيلها غير المنطقية لا تنتمي لفترة معينة ولكنها حالة إنسانية تصلح للعرض في أي فترة زمنية، وبرغم انتماء أعمالي إلى حد كبير للسيريالية إلا أن جميع الأشكال الفنية تجدها تتجلى في أعمالي، فالعمل الواحد تجد به أحيانًا سيريالية وتكعيبية وتعبيرية، لأنني مؤمن كما ذكرت من قبل أن لكل فنان أسلوبه الخاص الذي يمكن أن يتشابه مع أكثر من مذهب فني.
 
الفن الحديث
وعن رأيه في فن ما بعد الحداثة، والفنون المعاصرة ومدى أهميتها بالنسبة لفناني العصر الحالي، أكد أن الفن الحديث لا يكون إعجازًا إلا إن كان معبرًا ويحمل معنى ورسالة واضحة، وللأسف أصبح “مصطلح الفن الحديث” يطلق على عدد من الأعمال التي لا تمتّ للفن بصلة كونها لا تتعدى مجرد شخابيط وألوان تتبعثر هنا وهناك دون أي معنى ودون قصد محدد من ورائها، وعلى الرغم من أنه لا يصحّ أن يطلق عليها سوى مسمى فن فاسد، إلا أنها أخذت مكانها في العديد من المعارض التشكيلية سواء الخليجية أو العربية. ولا شك أن أي غموض يعتري المتلقي عند مشاهدته عملاً فنيًا يعني غموضًا في عقل من أنجز هذا العمل، فالفنان عليه أن يحمل رسالة وقيمة لجمهوره كما أنه عليه أيضًا أن يحترم عقله، وفي الوقت الذي أرى فيه أنه لا مانع من الخروج عن الكلاسيكية وتقديم أشكال فنية حداثية إلا أنه يجب أن تكون تلك الأعمال ذات قيمة حقيقية وتحمل معنى بالفعل، وبرأيي أن الفن الواقعي هو القاعدة لجميع الفنون والمدارس الفنية والفنان المحترف يبدع في عمله سالكًا المذهب الذي يفضله ويتقن فيه سواء التعبيرية أو التجريدية أو غيرهما.. حسب ميوله للمدرسة التشكيلية التي يتأثر بها، وقال: عن نفسي فقد بدأت منتهجًا المدرسة الواقعية، ثم وجدت نفسي أكثر بعد ذلك في السيريالية التي استمرت معي، ولا شك أنه من المستحيل أن أجيد السيريالية وأبدع فيها دون أن أكون متشبعًا ومتفهمًا جيدًا لأصول الواقعية.
 
فنانون عالميون
وعن أهم الفنانين العالميين الذين أبهروه .. ومدى تأثره بأي منهم قال: بالطبع تأثرت بسلفادور دالي ورمبرانت، لكنه تأثير غير مباشر، حيث صنعت من خلالهما مدرسة خاصة بي، وعمومًا أنا ضد التقليد لأنني مقتنع أن لكل مبدع شخصيته المستقلة التي تنعكس على أعماله، فالتقليد هو الذي يكتب نهاية أي فنان ويعني فشله، ورغم أنني من الممكن أن أتأثر بأسلوب بعض الفنانين العالميين إلا أن ذلك يتم بشكل غير مباشر، فلم أتأثر من قبل تأثرًا مباشرًا بأي عمل فني، حيث لم يسبق لي أن استوحيت عملاً من عمل فني آخر أو أو حتى أوحت إلي إحدى اللوحات بفكرة معينة، فالأفكار دائمًا تتدفق من داخلي، فأحاول تقديم العمل برؤيتي الخاصة لما أريد أن أصوره ليكون إطلالة على حالة خاصة أعيشها وأقدمها للمتلقي ومن خلال رؤيتي الشخصية للواقع. فالفن ليس تسجيليًا إنما يطرح شخصية الفنان ولونه الخاص حتى إن كان بصدد تقديمه للواقع إلا أن ما ينعكس هو حالته الخاصة به.
 
واقعية الفنان
ويؤكد العمادي أن أي عمل فني يجب أن يجيء من صلب الواقعية ثم ينحرف عنها حسب رؤية الفنان، ولعل التفاصيل التي يحاول المبدع أن يعكس من خلالها رؤيته تكون هي السبب في أن يتسمّر المشاهد أمام العمل ويعيش في عالمه للحظات، وفي رأيي أن المتلقي إذا مر سريعًا أمام اللوحة ولم تستوقفه يعني ذلك على الفور عدم قدرة الفنان على صنع صورة مبهرة، فأكثر ما يهمني أنه عندما يدخل الشخص إلى معرضي ويرى لوحة من لوحاتي يقف عندها ما يقرب من نصف ساعة أيًا كانت المدرسة التي تنتمي إليها تلك اللوحة، فيجب أن يُجبر المبدع المتلقي على تأمل الرموز التي أمامه وكأنه أمام فيلم سينمائي به الكثير من الأحداث والتفاصيل، ولا شك أنك عندما تذهب لمعرض وترى أن الجمهور يجوب بين العشرات من لوحاته في دقائق قليلة عليك أن تعرف فورًا أن المتلقي لم يجد ما يجذبه.
وأشار إلى أن أكثر الألوان التي تسيطر على أعماله ترتكز في درجات الأخضر والأحمر، ويضيف: لعلك تجد أن لكل فنان ما يميز أعماله من خلال اللون أو الأسلوب، أو حتى الخامات، ومن الجيد أن يخلق كل فنان بصمة لذاته فعندما يرى أي شخص أحد الأعمال يدرك أن هذا العمل ينتمي لهذا الفنان أو ذاك، وبشكل عام فإنني أرى أن هذين اللونين هما اللذان أستطيع من خلالهما أن أعبر عن أفكاري، لا سيما عالم الأحلام الذي يتجلى دائمًا في أعمالي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الراية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى