“الجنتلمان يفضل القضايا الخاسرة” تصدر عن دار روافد المصرية

الجسرة الثقافية الالكترونية –
كل قصة تحمل روحاً مختلفة عن الأخرى في مجموعة “الجنتلمان يفضل القضايا الخاسرة” لأحمد مجدي همام، والصادرة حديثاً عن دار “روافد”، وربما هذا ما يفسر تصديرها بكلمة لجون كوين “يمكن للمحاكاة أن تؤدي إلى الأصالة، قم بتمارين كتابة قصيرة تحاكي فيها أساليب مختلفة، جرب 10 أصوات إلى أن تعثر على الصوت الملائم لك، قلد اليد الواثقة لمعلم كبير، لكن تذكر: فلتكتب اعتماداً على تجربتك أنت”.
وتضم المجوعة 9 قصص متفاوتة الأحجام، يبدو التجريب فيها ملمحاً أساسياً، وعدم اكتراث بـ”الباترونات الجاهزة”، لغة بسيطة لاذعة، وعلاقات غريبة عابرة غالباً، وابتذال يصل إلى حد الواقع، وجمال يصل إلى أعلى درجات رقي الفن، خليط لا يقوم به إلا كاتب لا يتمرن كما يدعي، بل يعرف جيداً معنى الكتابة، ويستمتع بالكتابة.
في “كيف تثقب وجهك بقصيدة” يبدو الراوي منزوياً، حتى مع تدخله ووصفه لناشطة حقوقية بالمغمورة والقبيحة، يصف فقط الطريقة شديدة الغرابة التي يتصرف بها مايكل “ميكي” مع العالم، كيف يسحب كرسياً ليجلس أمام الحقوقية، فارضاً نفسه عليها، مقرراً (إن أنتِ خلاص.. صديقتي.. وبدل الدخان، أهديكِ شعر:
سأحدثك بصراحة
وأخمن أنك تفاجئين
لكن ثقتي في فطنتك كبيرة
وربما لذلك لا تفاجئين مطلقاً..
أنا الصديق الكبير، خزانة أسرارك…)
لينتهي المشهد بوابل من الشتائم لمايكل، ولقذف الناشطة الكتاب الذي كانت تقرأه لينفجر جرح صغير تحت عينه اليمنى، إذ تركنا همام حتى السطر الأخير من القصة نتساءل عن مضمون القصيدة الشهيرة لأسامة الدناصوري، التي شوهها “ميكي”، لنتفاجأ بأنها تعرف حقيقة سرقة القصيدة، مجيبة على سؤال الكاتب “كيف تثقب وجهك بقصيدة؟”.
وفي قصة “الشطحة الأرمينية” تبدأ العلاقة من اللا شيء، يترك الراوي مشكلته خلف ظهره في قسم الشرطة، ليسير خلف تلك السيدة الأرمينية الغريبة التي جاءت لشكوى جارتها.
تحدثه أم نسيم عن السيدة التي وصلت بها الخسة إلى أن تسخر من أصولها الأرمينية، وتقدم لها في عقيقة حفيدها، فطائر الكرواسون التي تشبه هلال الدولة العثمانية، في تلميح فج وغير حضاري للمذبحة التي ارتكبها العثمانيون في حق أسلافها الأرمن!
كانت تلك الشخصية هدية من السماء للكاتب، وجد فيها لقطة، وشخصية روائية بامتياز، وكشخص متحمس بدأ في التفكير في كتابة رواية ضخمة عنها، رواية كعب، فبوسعه أن يتتبع تاريخها، منذ جدها الرابع المولود في مدينة أرضوم التركية، وصاحب مصنع للبيرة الشعبية، ولكنه سيكتفي فقط بتوصيلها إلى شقتها، تاركاً لكل شخص كتابة قصة الأرمينية التي تروقه، أو إكمال الخيوط التي بدأها.
وفي “حرامي ولاعات” يسقط الراوي صاحب الصولات والجولات في سرقة الولاعات، الذي يحفظ ماركاتها وتواريخها، كما يخطط للإجهاز على فرائس البشر أصحاب الولاعات، بحسب تدرجهم على قائمة السماجة، حتى يسقط أخيراً، ويفتضح أمره بطريقة لم تخطر على باله، ولكنه أيضاً يتقبل الأمر، كما يكتب همام “بروح محارب ساموراي يسلم سيفه طواعية للفائز”.