الحركة التشكيلية محدودة الانتشار بالمجتمع القطري

الجسرة الثقافية الالكترونية-الراية-
*مصطفى عبد المنعم
أكّدت الفنانة التشكيلية القطرية جميلة آل شريم أن الحركة التشكيلية القطرية لا تزال محدودة الانتشار بين أفراد المجتمع حيث إننا نعاني من عدم وجود الاهتمام الكافي لدى أبناء المجتمع تجاه الأعمال التشكيلية ونجد أن الاهتمام يكاد ينحصر في أعمال الفن الواقعي دون التركيز على الفنون المعاصرة.
وقالت آل شريم في حوار خاص مع الراية إن الفن التشكيلي لن تقوم له قائمه إلا برعاية مؤسسية من الشركات والهيئات في القطاعين الخاص والعام من خلال تبني المواهب الإبداعية الشابة، والاهتمام بالنشء منذ نعومة أظفارهم.
آل شريم التي شاركت في مهرجان “المرأة في الفن” الذي أقيم في مدينة باري الإيطالية خلال الفترة من 1 حتى 9 أكتوبر وحلت خلاله دولة قطر ضيف شرف للمهرجان، أكدت أنها استفادت كثيرًا من هذه المشاركة الدولية الهامة التي تصقل الفنان وتكسبه المزيد من الخبرات.
وأشارت آل شريم في حوار خاص مع الراية إلى أنها واجهت العديد من المصاعب خلال شحن أعمالها ونقلها إلى مدينة باري وبالتالي تمنت أن تكون مثل هذه المشاركات بتنظيم ورعاية الدولة بدلًا من أن تكون بجهود شخصية للفنان وهو الأمر الذي سينجم عنه مزيد من التنظيم وسهولة في تيسير الإجراءات، خاصة أنها واجهت العديد من الصعاب نظرًا لغياب الدعم اللوجيستي حيث لم يكن هناك مسؤول عن ترتيب إجراءات الرحلة وإنهاء الشحن والنقل وما إلى ذلك وهي أمور غاية في الأهمية بالنسبة للمشاركات الدولية.
ممارسة إبداعية
وقالت إن الحركة التشكيلية تحتاج أيضًا إلى مزيد من الاهتمام والدعم من خلال التركيز على كونها ممارسة إبداعية تضيف للمجتمع وترتقي بالذائقة الفنية لأفراده، وأردفت قائلة: ولعل أول أولويات نشوء الفعل التشكيلي هو الوجود على أرض الواقع، والاعتراف الرسمي به وبمعاملة الفنان التشكيلي على أنه مثقف من طراز خاص، وأنه صاحب رسالة تحمل كثيراً من الأفكار والأبعاد، فلابد من توفير الدعم المناسب بدءاً من تأسيسه وتأهيله والوجود الحقيقي للدراسة الأكاديمية بجميع مستوياتها، وتهيئة الظروف المحيطة بها من دور عرض ومتاحف، واقتناء أعمال، ورعاية للفنان وأعماله، وصولاً إلى حصول الفنان على تفرغ لممارسة الفن وجعله صاحب مشروع مستقل، ولعل التفرغ للفن يعدّ من أبسط الحقوق للفنان.
التشكيل والمجتمع
وتحدثت آل شريم عن الحركة التشكيلية في داخل المجتمع القطري وقالت إنها لا تزال محدودة الانتشار بين أفراد المجتمع، حيث إننا نعاني من عدم وجود الاهتمام الكافي لدى أبناء المجتمع تجاه الأعمال التشكيلية ونجد أن الاهتمام يكاد ينحصر في أعمال الفن الواقعي دون التركيز على الفنون المعاصرة.
وعما إذا تمت مقارنة الحركة التشكيلية القطرية بالدول المجاورة، قالت: أعتقد أنه لن تقوم للفن التشكيلي قائمة إلا برعاية مؤسسية من الشركات والهيئات في القطاعين الخاص والعام من خلال تبني المواهب الإبداعية الشابة، والاهتمام بالنشء منذ نعومة أظفارهم تمامًا كما يحدث في بعض قطاعات الدولة الأخرى مثل الرياضة، وأن نعمل على رعاية الموهوبين من خلال إنشاء مدرسة داخلية تمامًا، كما حدث في أسباير، فلهذه الفنون أهمية كبرى مثل الرياضة تمامًا لأنها تعكس ثقافة وحضارة الدولة.
الانتقال للعالمية
وأعربت آل شريم عن أمنياتها بأن الفن التشكيلي القطري ينتقل من مرحلة المحلية إلى العربية والعالمية وأن يتم تسويقه في الخارج، والأهم هو مشاركة الفنان مع الجمهور ومع فنانين من مدارس مختلفة ولا يقتصر فقط على إنتاج أعمال دون تواصل حقيقي مع المجتمع، فالفن التشكيلي هو أحد لغات تواصل الفكر الإنساني مع الآخرين والصفة الظاهرة للتراث الماضي والحضاري وهو يتطور عبر عصور مختلفة ويتعاقب عليه أجيال، ويتجسد هذا التواصل من خلال لوحة فيها من المعاني الأحاسيس التي يجسدها الفنان.
أسلوب خاص
وحول الأسلوب أو المدرسة الفنية التي تعتمدها الفنانة جميلة في عملها أوضحت: لابد أن يكون لكل فنان بصمته الواضحة في عالم الفن وخطه الخاص الذي يميزه عن الآخرين ويجعله متفردًا بحيث إذا شاهد أي شخص عملًا له يعرف أنه هو من قام برسمه، ولا يشبه أحدًا إلا نفسه، وأنا مع أن الفنان لا ينتمي لأي مدرسة إلا مدرسته وأسلوبه الخاص، فالفنان الحقيقي هو الذي يستمرّ ويفرض نفسه على المدى الطويل وعلى الفنان أن يبحث ويتعلم، خصوصًا أن هذا المجال يتطور ولا حدود.
وتضيف آل شريم: يرجع نجاحي بعد شكر الله وفضله إلى الاقتداء بأساتذة الفن الذين تعلمت منهم أسرار الفن بالجوهر لا بالشكل ولهم شكري – فأنا محظوظة لأنني تتلمذت على يد أساتذة عالميين في الفن لهم وزنهم الفني – من العراق ومصر والسعودية.
التيمة العربية
كما لفتت إلى أنها دائمًا ما تبحث أثناء عملها عن مفردة ذات علاقة بالتيمة العربية الأصيلة في حضارتنا وثقافتنا ومن خلال البحث الطويل وجدت هذه المفردة ممثلة في الخيل العـربي الأصيل، حيث تجد فيه محاولة التعبير عن نفسها وعن الأعباء التي تحملها كامرأة لتحقق التوازن الذي تنشده كل امرأة وكل أم للتعبير عن القوة والتحدي والشموخ والحكمة والنجاح.. الأمر الذي ألهمها إلى أن تترجمها وتحولها إلى خيول عربية أصيلة.
وقد قدمت ثلاثة أعمال لخيول عربية أصيلة وهي خيول الشقب تحت عنوان أمومة فرس، وأميرة وحورية، واللوحة الثالثة هي رؤية قطر 2022،وأكّدت أن كل فكرة لوحة وما تحتويه بالنسبة لها عبارة عن تجربة إنسانية جمالية وشكلية تبدأ بالذات وبالواقع والأحداث القريبة والبعيدة من خلال ترجمة هذه الأحاسيس، المشاعر والأحداث إلى صور بصرية معبرة وذلك من خلال تجربة جديدة تعكس كل خبراتها في الرسم والطباعة.