الداخلة في المحظور.. وصعلوك الشعر

الجسرة الثقافية الالكترونية

 

*هناء الحاج

 

في إطار فعاليّات اليوم السادس لمعرض بيروت العربي الدولي للكتاب، نظّمت شركة المطبوعات للتوزيع والنشر ندوة حول كتاب «صورة على هاتف جوّال»، للكاتبة إلهام منصور، شارك فيها موسى وهبة وكاتيا سرور، تقديم يسرى مقدم. كما أُقيمت ندوة في «ذكرى وفاة الشاعر أحمد فؤاد نجم» ألقى خلالها كلٌّ من سامي مشاقة، الزميل طلال سلمان وكريم مرّوة كلماتٍ، قدّم لها أحمد علي الزين.

رأت مقدّم أنّ الكاتبة استطاعت أن تدخل إلى الكتابة الإبداعية روايةً وسيرةً من مداخل بحثية أكاديمية تُعنى خصوصا في آليات تحررها.

واعتبرت سرور أنّ منصور دخلت في المحظور الذي لا يستطيع أحد أن يدخله، إذ إنّها في روايتها أرادت أن تُسلّط الضوء على منطقة رأس بعلبك وليس على منزل جدّيْها فقط، كما تكلّمت عن عرس جدّها وجدّتها وعن العادات والتقاليد المشتركة بين المسلمين والمسيحيين من حِنّة وبرزة وغيرهما.

وتذكّر وهبي في رثاءِ الكاتبة لبيت جدّيْها رثاءَ المتنبي لجدّته، وأشار إلى أنّها حين تكتب لا يهمّها الإتقان، فحيث لا سلطات يُرفع إليها يكون الإتقان تكلّفا وفساد صنعة.

وفي ذكرى وفاة الشاعر المصري احمد فؤاد نجم، ألقى كلٌّ من الزميل طلال سلمان، وكريم مروّة وسامي مشّاقة كلماتٍ أكّدوا فيها أهميّة نجم في عالمنا العربي (تقديم أحمد علي الزين)، تخلّلها فيلم عن حياته، وأدّى علي جواد أغانيَ من قصائد نجم.

«جاء إلى الدنيا بسيطًا كما يجيءُ البسطاء، ورحل شريفا كما يرحل الشرفاء»، بهذه الكلمات افتتح مشّاقة كلمته مُعتبراً أنّه ببساطته وشرفه جسّد بأمانة كاملة الغضب الشعبي، خصوصاً بعد هزيمة العرب الكبرى عام 1967 أمام اسرائيل، ليشكل ديوانه الأوّل «يعيش أهل بلدي» مُنعطفًا مهمًّا في الاتجاهات الأدبية والشعرية.

وأكّد مروّة أنّ غياب شاعر الثورة المصريّة في عهود عدة لا يمكن أن يغيّبه من ذاكرة الأجيال القديمة والجديدة، فهو شاعر الثورة والشعب في آن. ولا يسعنا في هذه الذكرى إلاّ أن نتذكر شريكه ورفيق دربه الشيخ إمام. فهما قد تحوّلا معًا إلى ظاهرة من نوع فريد، ظاهرة الشاعر والملحّن. وقد أورد مروّة نبذةً بسيطة عن حياة الشاعر، الذي كمّل في سيرته شعراء سالفين أمثال بيرم التونسي وفؤاد حداد (من أصل لبناني) وصلاح جاهين. وقد لعبت الفترة التي عاش فيها نجم دوراً مهمًّا، إذ دخل مرات عدة إلى السجن بسبب قصائده التي تتناول التناقض الحاصل بين ما كان يسمعه في خطب الرئيس عبد الناصر وممارسات الأجهزة الأمنية، وظلّ مثابراً على النقد حتّى عهد الرئيس السادات. وقد أصرّ مروّة على أنّ الاحتفال بذكرى الشاعر هو احتفال بالثورة المصرية الحديثة في مرحلتيها 25 يناير و30 يونيو إذ كان له دورٌ تاريخي سابق عليها ومساهم في التمهيد لها.

وكانت للزميل طلال سلمان كلمة أشار فيها إلى عدم إمكانية الفصل بين الفاجومي (الشاعر) والشيخ إمام اللذيْن توغّلا في جراح الشعب، بالشعر المُعزّز بالألحان التي تُثير الأمل في النفوس، إلى حدّ يُتخوّف فيه «من أن نذهب مع أحلامنا بالثورة إلى أبعد ممّا يُتيحه الواقع»، مُخصّصًا كلمته للحديث عن لقاءاته «بصعلوك الشعر من غير ادّعاء»، (بحيث كان اللقاء الأوّل في العليّة في حوش آم)، وعن طرائف كانت تحصل معهما، وعن جولتهما في القاهرة التي أراد نجم أن يُعرّفه عليها «قم بنا أعرّفك إلى القاهرة التي لا تعرفونها أنتم الخواجات الذين تجيئونها سائحين». وأردف سلمان قائلاً: إنّ نجم واحد من أكبر شعراء جيلنا، فهو شاعرٌ فحلٌ وصعلوكٌ كما يُقال في المديح، وهو ابن البلد الأصلي المُرهف الإحساس في قلب الفقر، مُتجاوزاً مصريّته إلى العروبة، مُغنيًّا الثورة والثوار، مُتميّزاً باستخدامه الكاريكاتور والصورة البسيطة باللهجات المصرية المحكيّة مُعبّراً بها عن الحبّ والغضب. واختتم كلمته بقوله: «لقد افترق الشعر عن الشاعر، لكنّ احمد فؤاد نجم الشاعر عاش فشهد ما بشّر به في قصائده التي أخذته إلى السجن مراراً».

ــــــــــــــــــــــــــ

السفير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى