الدوحة عاصمة الفنون

الجسرة الثقافية الالكترونية-الراية-
*أشرف مصطفى
افتتح سعادة الدكتور حمد عبد العزيز الكواري وزير الثقافة والفنون والتراث ملتقى الدوحة لفناني الخليج الثاني الذي ينظمه مركز الفنون البصرية بكتارا، بحضور عدد كبير من أعضاء البعثات الدبلوماسية بالدوحة والفنانين والمهتمين، وبمشاركة ستة من فناني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وهم بلقيس فخرو من مملكة البحرين، وبدر قبازرد من الكويت، وهند المنصور من المملكة العربية السعودية، ومحمد المزروعي من دولة الإمارات العربية المتحدة، وإنعام أحمد من سلطنة عمان وفرج الدهام من قطر..
عاصمة للفنون
وأكد سعادة وزير الثقافة أن هذا الملتقى يؤكد دور الفن الجاد والعميق في التواصل بين الأمم والشعوب، مشيرًا إلى أهمية الملتقى وضرورة استمراره بصفته حاضنًا لنخبة من تشكيليي الخليج العربي على أرض دولة قطر لتقديم تجاربهم الفنية جنبًا إلى جنب، موضحًا أن الدوحة باتت عاصمة لاحتضان الفنون، كما أن الجمهور في قطر يقبل على هذه الفنون ويتمتع بها وهو ما يعني أننا استطعنا الارتقاء بالذائقة الفنية للجمهور، وقال: نعتقد أن لهذا التواصل أوجهًا عديدة، قد نصطفي منها اليوم العروض الفنية التي تستقطب في فضاءاتها تلك القيم الجمالية الممكنة والطليعية، بالقدر الذي يجمع الجمال بالمعرفة في آنٍ واحد، وأضاف سعادته: إن هذه الفعالية المهمة لا تمثل ظاهرة ينحسر أثرها بعد حين، بل على العكس من ذلك، حيث تصنع امتدادًا حيًا ومتجددًا داخل شرايين المشهد الفني في قطر.
مواصلة النجاح
من جهتها أكدت الفنانة هنادي الدرويش أن أكثر ما حفّز المركز على مواصلة هذا الملتقى الذي يحظى بدعم من سعادة وزير الثقافة والفنون والتراث، هو النجاح الكبير الذي لقاه الملتقى في دورته الأولى، وإصرار الفنانين الخليجيين على استمرار التلاقي، وذلك بعد أن ضمّ هذا الملتقى أعمالاً متميزة لنخبة من التشكيليين في الخليج العربي، بالإضافة إلى رد فعل المتلقين الذي كان بمثابة الإشارة التي وجهتهم إلى نقطة مضيئة في مستقبل المشهد الفني الخليجي، وأضافت أنه قد تم خلال الملتقى الحالي اختيار مجموعة أخرى متميزة تثق في قدراتها على تقديم صورة تتلاقى مع حساسية الفن المعاصر وقضاياه الجمالية الراهنة، بل ومواكبته مع مخرجات الفن والثقافة العالمية.
أعمال متنوعة
ويضم ملتقى الدوحة لفناني الخليج الثاني ست تجارب فنية من دول مجلس التعاون، تلتقي لكي تتقارب في فضاء العمل الفني، وتشكل رؤية موحّدة، حيث لا تتقاطع فيها الرؤى ولكنها تتجاور، لترسّخ المشترك بينها وتوضّح المختلف الذي جاء عبر جموع إبداعي لستة فنانين من دول مجلس التعاون أرادوا أن يعبّروا عن أشكال ومدارس فنية مختلفة، يجمعها كلها أنها أعمال فنية خليجية، وهم: بلقيس فخرو من مملكة البحرين، وبدر قبازرد من الكويت، وهند المنصور من السعودية، ومحمد المزروعي من الإمارات، وإنعام أحمد من سلطنة عمان، وفرج الدهام من قطر.
يضم المعرض لوحات لبلقيس فخرو تستنطق فيها تلافيف الذاكرة وتغور في أرجائها بحثًا عن مواطن للحلم، وسعيًا نحو بلورة المعنى الخفي الذي تمور به اللوحة. وثمة ما يدعو إلى الترحال دومًا في أعمال هذه الفنانة، كما تدخل لوحات إنعام أحمد في علاقة مشاكسة بالذات والآخر، فهي تفصح عن رؤية بركانية للعالم تحوّل اللوحة إلى حلبة تستجمع فيها الذات أشياءها المتطايرة، من ثم فالتشكيل لدى الفنانة سعى نحو امتلاك الكثافة السادرة للعالم، من خلال حركية تسعى جاهدة إلى تشخيص ما يستعصي على ذلك، هذه المفارقة هي ما تسعى أعمال إنعام إلى الإمساك بها من خلال الآثار والكتابات والحروف المقروءة وغير المقروءة، باعتبار كل لوحة هي مشهد حي لذاكرة لا تزال تحيي من خلاله رموزها المرئية والغائبة، أما بدر قبازرد فيهتم بملامح الزمن وخاصة الوجه الذي يمثل لديه سيرة الجسد والوجود. وهو من ثم بوتقة الرؤية والتعبير التي تسعى لمساءلة الذات والهوية الذاتية. ولذلك يحوّل بدر قبازرد الوجه إلى مسرح للكينونة. وتتحاور مع أعمال السابقين أعمال محمد المزروعي الذي تتميز بالعفوية تبعًا لرؤية طفولية تستجلي عمقها وتفصح عن غنى تشكيليتها. بينما ينطلق فرج الدهام في أعماله من مبدأ تبني الفرجة على مشهدية تمنح للمرئي فسحة التلقي، ليؤكد لنا بأن الفرجوي هو ما يقوم عليه العالم اليوم. لذلك يلتقط الفنان هذه المفارقة ليبنيها على مبدأي الغياب والحضور: غياب الإنسان وحضور الصورة. وتنحو هند منصور إلى تجذير الهوية التشكيلية في وسائط معاصرة من خلال أعمالها المشاركة في الملتقى وكأنها باستعمال الطباعة تسعى إلى الامتلاك المتعدّد لما كان يبدو فرديًا أحاديًا وخاضعًا لمبدأ الأصل وتدعو إلى عالم ينضح بانتمائه العربي الإسلامي سواء من خلال انتقاء المواد والأصباغ التقليدية كالحناء أو من حيث العلاقة المتجذرة بالخط والزخارف الإسلامية.
وقد قام سعادة وزير الثقافة خلال الحفل بتكريم الفنانين المشاركين بحضور جمع وعدد من الفنانين القطريين والمقيمين والمهتمين بالفنون التشكيلية.