“السردال” يكشف حاجة المسرح العربي للدراما تورج

الجسرة الثقافية الالكترونية
*مصطفى عبد المنعم
المصدر: الراية
تواصلت الندوات التطبيقية التي تنظمها اللجنة المنظمة لمهرجان المسرح المحلي حيث عقدت مساء أمس الأول ندوة عرض “السردال” بمسرح قطر الوطني لمؤلفها الإماراتي عبدالله صالح والمخرج فالح فايز اللذين حضرا الندوة والعمل من إنتاج شركة السعيد للإنتاج الفني، وعقب على العمل الدكتور سعيد السيابي الباحث المسرحي من سلطنة عمان والذي بدأ حديثه بتقديم التحية لفريق عمل السردال ثم استحضر مقولة للناقد الكبير عبدالله الغذامي “لم يكن النقد يوما خطابا في المحبة” ، موضحا أن أي عمل مسرحي يعاني من تداخل السلطات مثل سلطة المخرج وسلطة المؤلف، وسلطة الممثل في الارتجال فوق الخشبة، مؤكدا أن هذا التداخل والتضارب بين السلطات لا نشاهده إلا في المسرح العربي، حيث “كل يغني على ليلاه” ، ولذلك تأتي الأعمال المسرحية ضعيفة وغير متماسكة وبلا أي عمق ثقافي ولا فكري.
وقال الدكتور السياب إن عروض مهرجان الدوحة المسرحي تشكو من هذا الداء، وتحتاج لكي تتجاوزه إلى وعي آخر بمهنة المسرح، وإلى الانفتاح على تخصصات أخرى منها أساسا مهنة المعد المسرحي “الدراماتورج” والتي ينظر إليها عادة في الوسط المسرحي الخليجي على أنها تعد على اختصاصات المؤلف وتدخل في مهنة المخرج، بينما ينظر إلى السينوغرافيا على أنه منفذ ديكور وتشكيلات حركية ليس إلا، كما نعاني من الارتجال المسرحي الذي يحدث على الخشبة.
وعرج المتحدث إلى ضرورة المضي قدما في مشروع دراسة الدبلوم للفنون المسرحية في كلية المجتمع بقطر، والذي أكدت عليه التوصيات الصادرة عن الندوة الفكرية المصاحبة لمهرجان الدوحة المسرحي، حيث إن هذا هو المدخل الذي ينتظر أن يحدث الانتقال من الهواية إلى الاحتراف على الأسس الصلبة والسليمة.
وأشار إلى أن نص السردال من نوع النصوص التي عرفها الإرث العربي أو الخليجي أو التراث الإنساني عامة لتسجيل موقف من ذلك الإرث الذي يتقاطع مع الواقع الخليجي الحالي ولكن بأدوات وشخصيات مغايرة.
وقد حمل العمل بصمات فالح فايز كمخرج يبحث دائما ويجرب بأسلوب متميز، إذ كانت بعض مفردات العرض مباشِرة وجاءت بعد المشاهد متكررة لا تقود لصعود الحدث الدرامي، بالإضافة إلى اختيار المخرج لهذا الكم من الشخصيات الذي عدّه الناقد مغامرة صعبة خاضها مع مجموعة العمل.
وأشاد الدكتور سعيد، أن العرض تناول موضوعا تقليديا عن صراع بين المحتل وأدواته المحلية وبين تشكل المقاومة وردة الفعل إلى أن نصل إلى الانتصار، مسجلا في الوقت ذاته، أن العرض اتخذ منحنى غير واقعي في الديكور الذي جسد من خلاله بيوت الحارة.
كما يمكننا أن نشاهد اشتغال المخرج واجتهاده المميز في العمل من خلال استغلاله كل مناطق المسرح في التمثيل، مشيرا إلى بعض المناطق التي ربما كانت تحتاج إلى هذا الأمر، مثل الافتتاحية في حارة القرية ثم في معسكر الإنجليز حيث بدت نفس الساحة بدون تغيير مع أن النص وإرشادات المؤلف كانت واضحة في تقسيم ساحة المسرح لأكثر من مكان للانتقال بمناطق التمثيل، منبها أن ملابس الجنود البريطانيين حديثة لا تعبر عن تلك الحقبة التاريخية، فضلا عن طغيان الميلودراما الهندية في الأداء، مشيدا بتميز أمير دسمال في سرد حكاية البقرة الصنم مع تجسيدها على الملا الضخم. ومتسائلا: “لماذا شنكر يكلّم قماشة دون أن تغطي وجهها، علما أن العرض يحكي عن زمن يمثل مجتمعا محافظا، مستغربا من انتصار دسائس أصحاب المال حيث الختام يبعث برسائل للمتلقي حول هذا الأمر.