السينما العربية لا تضم نجوما كهوليوود لاجتذاب المشاهدين

الجسرة الثقافية الالكترونية
خالد الكطابي
يعتبر من أحد النقاد والإعلاميين الإسبان الذين برزوا في الساحة السينمائية منذ ثلاثة عقود، وتربطه بالسينما حالة ولع خاص منذ الطفولة، حيث كانت تصحبه والدته إلى قاعات السينما قبل تردده عليها منفردا، ليجد نفسه في ما بعد مقدما لبرامج ثقافية في الراديو، ثم لبرامج تلفزيونية منها، برنامجه «لا نوتشي دي..» أي «الليلة لـ..»، الذي يتابع تقديمه منذ أزيد من عشرين سنة، على قناة «إي تي بي»، وفيه يتعرف المشاهد على فيلم الليلة، ثم يقدم أخبارا خاصة بالنجوم.
كما أنه يتابع فيه زلات المخرجين ومشاركات الممثلين الباسك والإسبان في هوليوود التي يعترف أن نجومها هم مقياس عرض ورفع نسبة المشاهدة في القنوات، وأن السينما الأفريقية والعربية ينقصها نجوم عالميون. كما يتطرق الناقد والكاتب فيليكس ليناريس خارا، المولود في مدينة بلباوسنة 1948، إلى الملل الذي يطبع الدراسات السينمائية الأكاديمية، وتراجع الناقد أمام الخبر التلفزيوني، وكيفية إعداد برنامجه واختيار الأفلام المعروضة، وأهمية مهرجان سان سيباستيان بالنسبة للسينما الإسبانية وإحساسه بالألم الشديد الذي انتابه بعد رؤيته لصورة الطفل إيلان ملفوظا على شاطئ البحر. في مدينة سان سيباستيان التقينا فيليكس ليناريس فكان معه الحوار التالي.
■ ما الذي تعنيه السينما لفيليكس؟
□ إنها بالخصوص ولع مفرط. وهو الأمر الذي فتنت به عندما كنت طفلا، وبعد مرور الوقت، أصبحت جزءا من مهنتي. صحيح أنه من الصعب الحفاظ على شغف السنوات الأولى، ولكن حتى الآن لا يزال يبدو حدثا عندما يبدأ عرض فيلم على الشاشة.
■ ما هي معاييرك لاختيار وعرض فيلم في برنامجك؟
□ لا توجد. الأمر ليس بيدي. هناك مبرمج يحدد الفيلم ومساحة عرضه، ويجب عليّ أن أتحمل ما يقدم. هناك أفلام طلبت تقديمها لكنهم رفضوا. 100%من الأفلام التي تم عرضها تم فرضها. وشيء آخر هو أنه في بعض الأحيان اتفقت مع المبرمج في بعض اختياراته.
■ الفيلم الذي أردت أن تقدمه ولكنك لم تستطع؟
□ تحضرني أفلام كثيرة. قبل ثلاث سنوات من بدء برنامج «لا نوتشي دي»، كنت قد بدأت بتقديم الأفلام. وتكريس دورة لكل المخرجين الكبار، ولكن بعد ذلك توجهت إلى الأفلام الكبيرة. ومن بين الأفلام التي قمت بإعدادها لتقديمها كان هناك فيلم لأنغريد بيرغمان، وهو واحد من المخرجين المفضلين لديّ. سأكون سعيدا لتقديم فيلم لهذا المخرج السويدي. ولكن أخشى أنه لن يكون ممكنا. لأن الفيلم الأخير له يعود لأكثر من ثلاثين عاما.
■ ما الأفلام التي ما تزال عالقة في ذاكرتك؟
□ تفضيلا تلك التي ارتبطت بها في مرحلتي الطفولة والمراهقة. أتذكر عندما كنت طفلا رأيت فيلمين لهيتشكوك «غرباء في القطار» و»المتهم المزيف»، وقلت هذا الرجل جيد جدا، وتابعت كل أفلامه. وفي سن الطفولة، كنت يوما أجلس في السينما مع العديد من الأطفال، وكانوا يصرخون وعندما انقطع النور وبدأ عرض فيلم «20.000 فرسخ تحت البحر» كل الاطفال صمتوا… وهناك العديد من الأفلام.
■ كيف تنظر إلى السينما الإسبانية الحالية؟
□ إنها مثيرة للاهتمام، كما هو الحال دائما. لحسن الحظ هناك مخرجون غير تقليديين يواصلون العمل. على الرغم من أن الآخرين توقفوا في الطريق ويعملون، على سبيل المثال في الإعلانات. السينما الإسبانية، خاصة منذ «أوتشو أبييدوس باسكوس»أي (ثمانية أسماء عائلية باسكية)، لها جمهورها، ولكن الأكثر إثارة للاهتمام هو في بعض الأفلام التي تفشل، وللأسف لا يتم التطرق إليها.
■ الفيلم الذي قمت بتقديمه من أجل التقديم فقط؟
□ هناك أفلام كثيرة، ولكن أتذكر خصوصا فيلم «الآلهة لا بد أن تكون مجنونة»، وهو كوميديا سخيفة تم تقديمه، كما لو كان قرارا جماعيا من طرف طاقم البرنامج في خطة ساخرة. وبعد ذلك حصل على جمهور كبير. إنها أشياء تقع في السينما.
■ لماذا القنوات التلفزيونية، «إي تي بي»على سبيل المثال، ليست منفتحة لعرض الأفلام العربية والأفريقية؟
□ لديهم فكرة، تبررها البيانات، فالسينما الأمريكية فقط لديها ما يكفي من جذب بين المشاهدين. وهنا تحارب من أجل الجمهور، لذلك فمن الطبيعي جدا أن يتساءل، على سبيل المثال، هل الأفلام تضم مشاهير. إذا ظهر كلينت ايستوود أو توم كروز.. من المؤكد أن تحصل على نسبة مشاهدة جيدة. وهؤلاء لا يعملون في السينما الأفريقية.
■ ما مدى أهمية مهرجان سان سيباستيان السينمائي الدولي بالنسبة للسينما الإسبانية؟
□ هو مهرجان كبير على مستوى الدولة الإسبانية، والوحيد الذي يحمل تصنيف الفئة «أ»، فمن المنطقي أن المنتجين يتصارعون لكي تقبل أفلامهم هنا. منذ سنوات أسس مهرجان ويلبا للسينما الإسبانية وأمريكا اللاتينية وأكثر من ذلك نظم في الآونة الأخيرة مهرجان ملقة للفيلم الإسباني فقط، ولكن تأثير سان سيباستيان هو دائما أكبر.
■ هل يمكننا الحديث عن نقد مستقل في إسبانيا؟
□ عموما أعتقد ذلك. شيء آخر، هوعندما يكون المخرج والناقد صديقين، بالتأكيد، فالانتقادات ستكون أكثر اعتدالا. ولكن، وعلاوة على ذلك، فالنقد أصبح لا يعني شيئا للمشاهدين تقريبا، كما تشارك جميع وسائل الإعلام في الدعاية للأفلام، على سبيل المثال في الأخبار التلفزيونية التي تبث يوم الجمعة.
■ هل أنت راض على تقديمك لبرنامج «لانوتشي دي»؟
□ أخذا بالاعتبار الوسائل المتاحة لنا، فنحن فريق صغير جدا، يضم مخرجا ومنتجا، وكاتب السيناريو. وبشكل أساسي المخرج وكاتب السيناريو يتحملون عبئا أكبر. وأنا أحاول أن أبذل ما بوسعي ليكون التقديم جيدا. وبشكل عام إذا لم أكن راضيا فإنني أكرر العرض مرة أخرى، يمكن أن يكون أفضل، لكن بالتأكيد يمكن أن يكون أسوأ، في النهاية نحن نعمل بأسلوب عال.
■ الأفلام التي تركت بصماتها في ذاكرتك؟
□ كثيرة، لذلك فأنا في حاجة إلى كتاب كامل لتسجيلها.. بالطبع «المواطن كين» وبعض أفلام الويستيرن لجون فورد على سبيل المثال، «الرجل الذي أطلق النار على ألبيريي فالانس»، وكوميديا بيلي وايلدر «الشقة واحد، اثنان، ثلاثة». وأفلام الموجة الجديدة، والسينما الحرة والسينما اليابانية من» راشومون» للمخرج أكيرا كوروساوا إلى «التمرد» لماساكي كوباياشي. الآلاف من الأفلام.
■ ماهي الكتب النقدية ذات الصلة بالسينما التي كان لديها تأثير على حياتك المهنية؟
□ قليلة جدا. لقد قرأت، بطبيعة الحال «السينما حسب هيتشكوك» للمخرج والناقد فرانسوا تروفو أو «طباعة أسطورة»، و»السيرة الذاتية لجون فورد»، ولكنني قرأت قليلا الدراسات السينمائية الأكاديمية، لأنها بصراحة مملة جدا. وأعتقد أن السينما هي أكثر انفعالا، أكثر إحساسا، ولكن تحليل الإطار والمونتاج تجعلها مقيدة للقضايا التقنية. وكما قال أحدهم: «الحياة حسنة. لكن السينما أفضل .
■ كيف شاهدت صورة الطفل إيلان مرميا على شاطئ البحر؟
□ بألم شديد، مثل أي شخص آخر. فكرت أن لديّ حفيدا في هذه السن. ولكن للأسف، البشر ينسون بسرعة. وأنهم ليسوا على استعداد لحدوث ذلك مرة أخرى ويتجاهلون الأخبار التي تتحدث عن الأطفال الآخرين الذين قتلوا لمحاولتهم الهروب من الحرب. ولكن الشيء الرهيب هو أننا يجب أن نبقى رهائن لما يقرره الأقوياء، وأن عواقب القرارات بدافع المصالح في النهاية ضحاياها هم الأبرياء.
المصدر: القدس العربي