الشطرنج عبر العصور

الجسرة الثقافية الالكترونية
*خالد السروجي
طبقا لروايات الفرس، بأن الشطرنج دخل بلاد فارس في عصر كسرى أنو شروان وأن دخوله ارتبط أو عاصر دخول كتاب “كلية ودمنة”، ولو أن كتاب “الكارماناك” الذي روى سيرة الشاة “أردشير” قد وردت به إشارات الى وجود الشطرنج في هذا العصر.
ولكن كتاب “الشطرنجاماك” الذي كتب بعد “الكارناماك” بحوالى مائتي سنة يروي دخول الشطرنج في عصر كسرى أنوشروان وقد نقلت اللعبة من الهند بصورتها التي كانت عليها وإن جرت محاولات لتقوية قطعة الفيل سنة 820، كما أعطى الفيل نقلة الى أي مربع وترى الى الامام, ولكن هذا التعديل لم يستمر طويلا واقتصر الأمر على النقلات الوترية.
وفي الإسلام، فإن دخول الشطرنج من فارس الى بلاد العرب هو محل اختلاف في التاريخ، ويرى البعض أنه دخلها عندما بدأت مع الحروب العربية الفارسية، ويرى البعض الآخر من مؤرخي الغرب انه دخلها بعد فتح المسلمين لبلاد فارس ما بين أعوام 638 و651. كما يرون أن الشطرنج في العصر الاسلامي لم يجد مقاومة من أئمة المسلمين.
أما أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فقد سأل عن اللعبة, فعلم أنها لعبة في الفنون العسكرية وقال إنه ليس فيها خطأ وكان يمر على الناس وهم يلعبون الشطرنج فلا ينهاهم عنه.
وظهر في العصر الاسلامى لاعبون مهرة أمثال الصحابي أبي هريرة والتابعي سعيد بن جبير وكان الامام الشافعي يلعبه حاضرا ومستدبرا. ورآه الامام ابو حنيفة النعمان مكروها.
أما أشد المواقف تشددا فكان للامام علي بن أبي طالب, ومن بعده أئمة الشيعة, فقد رأي الأمام علي بن أبي طالب في الشطرنج قطع منحوتة علي شكل الصور والأصنام التي نهي الإسلام عنها, وخاف على ألناس وكانوا حديثي العهد بالإسلام أن يعاودهم الحنين إلى الكفر وعبادة غير الله.
ولكن الإمام الشافعي وضع شروطا للعبة:
– الا يلعب برهان.
– الا يتداخل مع مواعيد الصلاة ولا يقف حائلا دون العبادات.
– ألا يلعب في مكان عام.
– ألا يؤدى الى الغضب أو التنابذ بألفاظ نابية.
– أن تكون القطع لها شكل عادي وليست منحوتة على شكل صور.
ورفضت طائفة الشيعة في فارس وبلاد الهند تلك الشروط التي وضعها الإمام الشافعي.
وكان الشطرنج مرحبا به في بلاط الخلفاء المهدي وهارون الرشيد وأخته العباسة وغيرهم. واشتهر الشطرنج في الدولة الاسلامية وتطور وألفت فيه الكتب.
وكان أول من ألّف الكتب في الشطرنج أبو عباس العادلي ثم الرازي الشطرنجي وعمر بن الماوردي وأبو بكر الصولي. وذاع حديث الشطرنج في العالم الاسلامي حتى بلغ اليمن والاندلس، وقد صاحب تحول الشطرنج في العصر الوسيط عدة سمات أهمها:
1- أصبحت اللعبة بين اثنين بدلآ من أربعة.
2- استغنى عن إحدى الشاهين واستبدلا بقطعة تسمى المستشار، وتعتبر نصف قوة الملك فينتقل خانة واحدة.
3- لا يترقى البيدق الا الى درجة فرز (مستشار).
4- تغيرت مواقع الأفيال والأرخاخ في أول الدور بعضها ببعض.
5- صار الشطرنج لا يستعمل فيه النرد.
6- الفوز يحتسب بنقة كش ملك.
7- ابتدع العرب نظام التعبئة وهو ما تطور في العصر الحديث.
أصبح الشطرنج مؤهلآ للانتقال الى العصر الاوروبي، بعد أن قاموا بتطويره، ووضعوا الأساس لتطور اللعبة. هذه التطويرات جعلته ينتشر في روسيا وأوروبا, رغم معارضة الكنيسة, وبالانفتاح والتطويرات التي حدثت في عصر النهضة أصبح الشطرنج لعبة أوروبية مختلفة عن الشطرنج الإسلامي.
وفي الأندلس ذاع صيت أبو زيد أبو بكر بن عمار الشاعر وهو الذي لاعب الأدفنش (الفونسو الرابع) ملك قشتالة وهزمه.
كما ظهر بالأندلس أبو رزيقة وكان يجيد اللعب بالاستدبار، وانتقل الى صقلية ثم الى فلورنسا بأيطاليا حيث أمكنه أن يذهل الاوروبيين حينما قدم سنة 664 هجريآ عرضا بملاعبة ثلاثة لاعبين بالاستدبار في آن واحد.
وانتقلت لعبة الشطرنج الى اوروبا عن طريق العرب، وسرعان ما أسست النوادي والمقاهي التي تمارس فيها اللعبة، وانتقل عبء تطوير الشطرنج الى اوروبا، والتي أوصلتنا الى الشطرنج الحديث كما نلعبه الآن.
ويذكر أن “إيفان الرهيب” قيصر روسيا كان مولعا بلعب الشطرنج حتى مات على رقغة الشطرنج، كما نبغ امبراطور المغول تيمور لنك في لعب الشطرنج.
المصدر: ميدل ايست اون لاين