“الشلات” تعاني من غياب الجهات الداعمة

الجسرة الثقافية الالكترونية

*هيثم الاشقر

المصدر: الراية

أكد عدد من الشعراء أن فن “الشلات” استطاع خلال السنوات الأخيرة أن يحقق نجاحًا جماهيريًا في قطر، والخليج بشكل عام حيث إن الجمهور يطالب دائمًا بتقديم أمسيات للشلات سواء في المناسبات الوطنية أو في حفلات الأعراس، حيث إنها تعتبر جزءا لا يتجزأ من موروثنا الشعبي والبدوي، وأشاروا إلى أن “الشلات” استطاعت أن تتفوق على الأغاني التي تراجعت في ظل نجاح وانتشار الشلات بل إن هناك بعض المطربين تحولوا إلى منشدين، حيث إن الجمهور أصبح لديه حالة من التشبع من الألحان الموسيقية، ومتعطش لسماع القصائد الشعرية التي لا تعتمد على الموسيقى.

 

كما طالبوا بأن يكون هناك اهتمام من قبل وزارة الثقافة والفنون والتراث بهذا اللون التراثي، من خلال إبرازه وتسليط الضوء عليه، وإقامة الأمسيات الشعرية، ودعم المنشدين فنيا، وتسويقيا، حيث إن غياب شركات الإنتاج من أبرز المعوقات التي تحول دون انتشار فن “الشلات” ، كما أن قلة الاستوديوهات وعدم وجود مهندسي صوت ذوي خبرة كبيرة في مجال تسجيل الشلات من الأسباب التي تجعل المنشدين يسافرون إلى الخارج لتسجيل شلاتهم.

 

موروث شعبي

 

في البداية أكد الشاعر فالح العجلان الهاجري مدير إدارة الثقافة بوزارة الثقافة والفنون والتراث أن فن “الشلات” استطاع أن يصل خلال السنوات القليلة الماضية إلى شريحة كبيرة من المجتمع القطري، واستطاع هذا اللون الفني أن يقدم نفسه للجمهور كجزء أصيل من موروثنا الشعبي، والبدوي، وقد لقي صدى شعبيا بسبب حالة التشبع من الغناء الموسيقي، حيث أصبح الجمهور متعطشا لسماع القصائد الشعرية التي لا تعتمد على الموسيقى.

 

وأوضح فالح الهاجري أن التطور الموسيقي الكبير الذي حدث خلال السنوات الماضية على مستوى اللحن، والتوزيع كان من أسباب غياب “الشلات” ، ولكن مع غياب التجديد، عاد الجمهور لينبش في منابع التراث، فأصبحت “الشلات” تقدم في العديد من المناسبات كالأعراس والأعياد والمناسبات الوطنية.

 

وعن غياب الدعم أكد الهاجري أن الشعر بصفة عامة كان يعاني من غياب الدعم والاهتمام، وكان الشعراء دائما مايشتكون من عدم تسليط الضوء عليهم، وإبرازهم بالشكل الذي يليق بهم، إلى أن جاءت المسابقات الشعرية، وانصفتنا، وأصبح الشعراء لهم جمهور كبير على امتداد الوطن العربي يتابعهم، ويهتم بهم، موضحا أن المنشدين الآن يحتلون مكانة كبيرة، والمستقبل كبير، لذلك علينا أن ندع الأمور تسير بطريقة منظمة بعيدة عن العبثية.

 

وأضاف: نحن في وزارة الثقافة والفنون والتراث قد ندعم هذا التوجه، ولكني أرى أنه من الأفضل ترك هذا اللون الفني يأخذ وضعه طبقا للعرض والطلب، فأنا عندي اعتقاد أن الفن لا يمكن أن يقدم بصورته الحقيقية تحت أي رعاية مؤسسية، فالشلات لون فني فرضته الحاجة، واستمراره أمر سيفرضه السوق، غير أن الفنان الآن مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي يستطيع أن يصل بصوته لأبعد الحدود.

 

وقلل الهاجري من أهمية دور القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية في دعم فن “الشلات” ، مؤكدا أن هذه القنوات في النهاية لا تبحث سوى عن الربح المادي، وملء ساعات البث.

 

واختتم كلامه قائلا: الساحة القطرية غنية بالاصوات الجيدة، كما أن “الشلات” فن خليجي وليس قطريا فحسب، لذلك فالسوق كبير، ويستوعب جميع الأصوات الجيدة.

 

مهندسو الصوت

 

من جهة أخرى يقول المنشد ناصر الهاجري أن أبرز المعوقات التي تواجه فن “الشلات” في قطر، هو غياب مهندسي الصوت الجيدين، مشيرا إلى أن “الشلات” تعتمد بشكل أساسي على طبقات الصوت، فإذا غاب مهندس الصوت الفاهم والمستوعب للفكرة، لن يكون بمقدور المنشد أو الشاعر “شلة” جيدة.

 

ويقول الهاجري صاحب أول ستوديو لتسجيل الشلات، أنه قرر إقامة هذا الاستوديو، لأن معظم ستوديوهات التسجيل الموجودة في قطر خاصة بالأغاني فقط، ولا يوجد مكان مختص لتسجيل الشلة، لكنه لا يستوعب العدد الكبير من المنشدين الراغبين في تسجيل شلاتهم.

 

وأوضح الهاجري أن المؤثرات الصوتية التي يتم إدخالها على الشلات هي مؤثرات بشرية وليست موسيقية، حيث إنها تضفي المزيد من المسحة الجمالية على الشلات، مشيراً إلى أنه نادرا ما يتم إدخال المؤثرات الموسيقية التي لا يرغب فيها الجمهور، كما أن الجمهور قادر على التمييز بين المؤثرات البشرية والموسيقية، فالمؤثرات الموسيقية إذا تم إدخالها على الشلات تحولت إلى غناء وليست إنشادا.

 

وأشار الهاجري إلى أن الشلات تساهم بشكل مباشر في انتشار القصائد، داعيا الشعراء إلى التعاون مع المنشدين من أجل انتشار قصائدهم جماهيريا، مشيرا إلى أن عملية التعاون بين الشعراء والمنشدين علاقة تبادلية، كل واحد يساهم في نجاح الآخر، حيث إن بعض المنشدين يساهمون في نجاح القصيدة، كما أن هناك بعض القصائد التي تساهم في نجاح المنشد.

 

وعن غياب الدعم أقر الهاجري بأن هناك غياب تام لوزارة الثقافة والفنون عن دعم هذا اللون الغنائي، كما وجه الشكر لمجلس الشعر الذي لا يألو جهدا في هذا المجال.

 

وقال الهاجري: إن المنشدين يلاقون أيضاً مشكلة التعامل مع الشاعر وصاحب الحفل، حول اختيار اللحن، ففي بعض الأحيان قد يتعب المنشد في اختيار اللحن المناسب، وبعد هذا التعب والمشقة لا يجد قبولا من قبل الشاعر أو صاحب الحفل، فيضطر إلى البحث عن لحن آخر.

 

تقصير متعمد

 

من جهة أخرى أكد الشاعر ناصر الشمري أن فن “الشلات” لا يلقى الدعم والاهتمام الكافي، مقارنة بالدول الخليجية الأخرى مثل السعودية، مطالبا بضرورة زيادة الاهتمام بالشعراء والمنشدين، من خلال دعوتهم إلى مختلف المهرجانات والمناسبات الوطنية والرياضية والتراثية، كما طالب وسائل الإعلام بالاهتمام بفن الشلات، بإظهار المنشدين إعلاميا سواء في القنوات الفضائية أو في الصحف والمجلات، مؤكدين على أهمية دعم الأصوات الجديدة وتشجيعها على الظهور في الأمسيات والمهرجانات المختلفة، مبينا أن هناك تقصيرا أشبه بالمتعمد من جميع المؤسسات، والهيئات الثقافية والإعلامية للمنشدين، والشعراء.

 

وأشار إلى أن فن “الشلات” ينشط بشكل كبير في الاحتفالات الوطنية، والأعراس، موضحا أن “الشلات” قد حققت نجاحا جماهيريا كبيرا في الوقت الحالي، الذي يعتبر العصر الذهبي للشلات، خاصة أنها تفوقت على الأغاني الموسيقية، وشدد الشمري على ضرورة استغلال هذا النجاح، من قبل شركات الإنتاج، وتوفير ستوديوهات التسجيل للمنشدين، والتسويق الجيد لفنهم، مؤكدا على أن المنشدين القطريين يتمتعون بخامات صوتية جيدة تؤهلهم لمنافسة نظرائهم في دول الخليج.

 

استوديوهات التسجيل

 

من جانبه يرى الشاعر عايض الغيدة أن فن الشلات أصبح مطلوب جماهيريا، وخاصة بين الشباب الذين يفضلون سماع القصائد الشعرية بدون موسيقى، كما أكد على أن هناك إقبال الكبير على استوديوهات التسجيل إلى درجة أن المنشدين لا يجدون مواعيد للتسجيل، ما يضطرهم للسفر إلى الخارج للتسجيل، مشيراً إلى أن التسجيل في الخارج أفضل، مشيرا إلى أن قطر لا تملك سوى ستوديو ناصر الهاجري فقط، وهو لن يستطيع بمفرده استيعاب كل هذا العدد من المنشدين، مشيرا إلى أنه قبل تأسيس هذا الاستوديو كانوا يضطرون للسفر إلى السعودية للتسجيل، لافتا إلى أن هناك مشكلة أيضا في ندرة مهندسي الصوت الأكفاء.

 

ويرى الغيدة أن فن “الشلات” يعتمد بصفة أساسية على الجهود الفردية، بينما يوجد غياب تام لمؤسسات الدولة وهيئاتها الثقافية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى