“الطفولة تشكل مفتاحاً هاماً في أعمال غارسيّا ماركيز”

الجسرة الثقافية الالكترونية-العربي الجديد-
إنكبّ داسو سالديفار لأكثر من عشرين عاماً على دراسة حياة غارسيّا ماركيز (1927 – 2014)، قبل أن ينشر كتابه “الرحلة إلى الجذور”، تلك الرحلة التي تعد السيرة الذاتية الأكثر شمولاً عن “غابو”.
تشكل قصص الطفولة التي كان يستمع إليها الروائي الكولومبي الراحل غابرييل غارسيّا ماركيز الحائز على جائزة نوبل للآداب في عام 1982، مفتاحاُ هاماً إستندت عليه أعمال صاحب رواية “مائة عام من العزلة” الرائعة، حسب ما قاله كاتب سيرته الذاتية، الأديب الكولومبي داسو سالديفار لوكالة فرانس برس خلال مقابلة كانت أجرته معه مؤخراً.
وقد عمل سالديفار على دراسة حياة غارسيّا ماركيز (1927 – 2014)، لأكثر من عشرين عاماً، قبل كتابة ” الرحلة إلى الجذور”، التي تعد السيرة الذاتية الأكثر شمولاً عن “غابو”.
يقول كاتب السيرة الذاتية “مع بلوغ غارسيّا ماركيز سن العاشرة، تجلّت تفاصيل الحياة التي عايشها في منزل أجداده، برفقة عماته اللاتي كن يعتنين به، بالإضافة إلى الزيارات العديدة التي كانت تروى خلالها القصص عن قرية اراكاتاكا وعن الحروب التي ورثتها، والتي لم تكن لها نهاية.
وكانت قصص الحياة الواقعية تلك، بشخصياتها المذهلة في سنوات إستثمار الموز، أو المذبحة التي تعرض لها العمال في عام 1928، قد أنشأت عالماً خيالياً نقله الكاتب، بعد ذلك، إلى رواياته، وبصورة جلية في “مائة عام من العزلة”.
ففي سنوات طفولة غارسيّا ماركيز تلك، يكمن مفتاح أعماله، حسبما يقول سالديفار، المولود في أنتيوكيا عام 1951، والذي وصل الإسبوع الماضي إلى مدينة ليما، عاصمة بيرو، للمشاركة في “معرض الكتاب”، الذي يتم فيه تكريم الكاتب الحاصل على جائزة نوبل، و المتوفي في نيسان/ أبريل الماضي.
ويؤكد سالديفار أنه عندما قرأ “مائة عام من العزلة” للمرة الأولى، وذلك في عام 1970، عندما كان لا يزال طالباً، أعجب به أشد الإعجاب، ومنذ ذلك الحين إستمر في “إلتهام” جميع أعمال غارسيّا ماركيز.
وكان سالديفار شرع في جمع المعلومات في عام 1972، من دون أن يضع نصب عينيه كتابة السيرة الذاتية، وإنما فقط لإعجابه ولرغبته العميقة في إنشاء مقالات حول كل ما يدور عن الكاتب.
ويوضّح سالديفار قائلاً “عندما شرعت في القراءة، لم أستطع وضع ترتيب لكتبه ولا من أين كان قدم ماكوندو، أومن تكزن الشخصية النموذجية في القرية التي كانت تتجسّد في أعماله. كنت أرغب في معرفة العلاقة، والسبب الوراثي لكتب غارسيّا ماركيز وحياته وأسرته. ولم يكن هناك، في ذلك الحين، من روى ذلك، أو توصل إلى سبر أغوار تلك العلاقة”.
وبُعيد نيل غارسيّا ماركيز جائزة نوبل في عام 1982، إنتبه سالديفار إلى أن الجميع كان يتحدث عن أعمال غارسيّا ماركيز، من دون أن يعلم شيئاً عن حياته، ولا من حيث جاء هذا العالم السحري الذي كان يصفه في كتبه.
وفي هذا الوقت، قرر سالديفار كتابة السيرة الذاتية لأعظم كاتب كولومبي، وراح يكثّف من دراساته عنه. وبعد عمل إستغرق أكثر من 18 عاماً، في آذار/ مارس عام 1989 عندما إلتقى الكاتب في منزله، يقول “تحدثت إليه وأعانني كثيراً في الإحاطة بالقرية التي كان يسميها ماكوندو”. وكان إستخدم غارسيّا ماركيز مسقط رأسه آراكاتاكا كمرجع جغرافي لإنشاء هذه المدينة الخيالية، والتي تحولت، فيما بعد، إلى مصدر أدبي عالمي رائع.
ويبدأ سالديفار كتاب السيرة الذاتية مع الرحلة التي يقوم بها غارسيّا ماركيز برفقة والدته إلى آراكاتاكا، مسقط رأسه، في آذار/ مارس من عام 1952، من أجل بيع منزل جده. إذ يقول عنها ” خلال تلك الرحلة كان الروائي قج توصل إلى إكتشاف إسم ماكوندو. ورغم أنه كان قد رآها لمراتٍ عديدة في طفولته، إلاّ أنه، في تلك الرحلة بالذات، أدرك أنه ينبغي عليه أن يطلق الإسم ذاك على القرية التي كانت تتحدث روايته عنها، وهو أمر كان شغله سنواتٍ طوال”. ويحاول سالديفار تسليط المزيد من الضوء على ذلك قائلاً “أن العلاقة بين الحياة وأعمال غابو تعد متاهة رائعة رغبتُ أن أسبر أغوارها، بغية إكتشاف عالم جديد. أن عملية كتابة (الرحلة إلى الجذور) تبدأ في العام 1992، وتبلغ أوجّها في العام 1997، مع ساعات عمل تصل إلى ثماني ساعاتٍ يومياً، بما في ذلك أيام السبت والأحد والعطل”.
عندما أنتهى سالديفار من كتابة سيرة الروائي الذاتية كانت بلغت صفحات الكتاب أكثر من ألف صفحة، مما دفعه إلى إختصارها، مع التركيز على أهم المحطات الرئيسية في حياة الكاتب. ويقع الكتاب حالياً في 600 صفحة، مع مجموعة من الصور العائلية الخاصة بغابو.
وكتاب “الرحلة إلى الجذور” يعد بمثابة السيرة الذاتية الأكثر شمولاً عن أحد أبرز كتاب الرواية في أمريكا اللاتينية. وقد تمّ نشر سبع طبعات منه، وترجم إلى أكثر من 13 لغة.
ويعكف الكاتب داسو سالديفار في الوقت الحاضرعلى وضع عدد من السير الذاتية الخاصة بحياة مجموعة من الكتاب والأدباء، من بينهم الكاتب المكسيكي خوان رولفو، والباراغواي أوغستو روا باتوس، والكولومبي ألفارو موتيس.