الفنانون يطالبون بالتفرغ

الجسرة الثقافية الالكترونية
*مصطفى عبد المنعم
المصدر: الراية
أكد عدد من الفنانين والمبدعين أن التفرغ ظاهرة صحية ومطلوبة في الوسط الإبداعي تتيح للمبدعين على اختلاف مشاربهم الاستفادة من خبراتهم وعلاقاتهم الخارجية والتي تسهم في رفع اسم قطر، مشيرين لـ الراية إلى أن التفرغ يجب أن يقترن بمجموعة من الضوابط والشروط حتى لا يساء استخدامه، كأن يتمتع المبدع بباع طويل من الإنتاج الفني المشهود له وكذلك أن تكون هناك لجنة تراقب أداء هذا الفنان بعد حصوله على التفرغ.
الإبداع بحرية
الفنان والمخرج فهد الباكر يقول: تفرغ الفنان يتيح له التحرك بحرية والتنقل من مكان إلى آخر ومن دولة إلى أخرى لتقديم فنه وإبداعه وهو في هذه الحالة يمثل دولته ويكون بمثابة سفير لها في الخارج وللأسف نحن لا نملك رصيد إجازات يكفي أن نسافر ونشارك في المحافل الدولية وأغلبنا يستنفد رصيد إجازاته في مثل هذه الأمور فكيف أسافر وأقدم فني على نفقتي الخاصة ويخصم من راتبي؟!، كما أنني كمخرج أحتاج إلى أن أقوم بإخراج ثلاثة أو أربعة أعمال في السنة على الأقل حتى أضيف إلى الحركة الفنية والمسرحية وأضيف إلى ذاتي والعمل المسرحي يتطلب فترات طويلة من الوقت للإعداد والتحضير والبروفات والسهر وهو ما يتعارض مع الدوام والوظيفة، فنحن نحتاج للفنان أن يركز في عمله الفني ونحتاج منه كموظف أن يداوم بنشاط وأن يبلي بلاء حسنا في وظيفته، ويضيف الباكر قائلا: غالبية الفنانين لديهم مشاكل صحية بسبب نمط حياتهم ويعانون من التعب والإرهاق المتكرر نظرا لأنهم يسهرون، لذلك أنا أرى أن التفرغ للفنان المسرحي أمر ضروري وأيضا للمبدعين الذين يحتاجون إلى التركيز والتفرغ من أجل إنجاز أعمال إبداعية جيدة، ومهنتنا كفنانين تحتاج للتفرغ حتى نكون مستعدين لأن نقدم للفن أفضل ما لدينا في داخل دولتنا وخارجها.
خبرات فنية
> وما هي فترات التفرغ وهل سيكون هناك مواصفات لمشاريع الإبداع الفني وهل سيكون المنتج الإبداعي معروف المواصفات والمعايير والمردود؟
– من جهته يقول الفنان محمد البلم رئيس مجلس إدارة المركز الشبابي للفنون المسرحية: الفنان يجب أن يتفرغ حتى يبدع ولا يمكن أن نطالب المبدعين بالإنتاج وهم يداومون صباحا، وأن تكون هناك أنواع من التفرغ.. تفرغ وقتي وتفرغ كامل، والتفرغ الوقتي هو الذي يكون مرتبطا بحدث ما أو مهرجان في وقت محدد يحتاج الفنان إلى الحصول على موافقة للتفرغ من عمله بهدف المشاركة في هذا المحفل ومن ثم يعاود إلى دوامه ووظيفته، أما التفرغ الكامل فهو يجب أن يكون مقننا بشروط معينا لمن قضى سنوات طويلة في وظيفته ولديه خبرات كبيرة في مجاله ونحتاج إلى الاستفادة منه ومن خبراته أو من يقترب من سن التقاعد هؤلاء يفترض أن يتم تفريغهم لأنهم من أصحاب الخبرات وحتى نستفيد من علاقاتهم الإقليمية والعربية والعالمية وحتى ينتجوا ويبدعوا، وأن يكون النتاج الفني مميزا ولا بد أن يكون الأمر ليس ببعيد أو في معزل عن دول العالم حتى لا نغرد خارج السرب ونتعرف على تجارب الآخرين وعندما ننقل خبراتهم بصدق وإبداع وأن تكون التجارب بالفعل مميزة ومن هنا تتضح أهمية مشاهدة تجارب الآخرين حتى لا يكون صاحب تجارب قديمة وعفى عليها الزمن.
تطبيق سيئ
من جانبه يقول الفنان والمصور الفوتوغرافي محمد الحاصل لا اعتراض على فكرة التفرغ في حد ذاتها. الفكرة وجيهة، غير أن بعض الأفكار الوجيهة يسيء إليها التطبيق، وغياب المعايير الصحيحة. ويضيف: «لأن السؤال يتعلق بتفرغ شعراء وقاصين وروائيين وفنانين فالمسألة تبدو أكثر تعقيدا. أول ملاحظة على التفرغ في مجال الإبداع الأدبي والفني هي نسبية النظر إلى الإبداع. وفي هذه الحال قد يعطي من لا يملك ذائقة عالية شهادة لمن لا يستحق»!
ويقول: في مناخ ثقافي تقليدي قد تواجه الأعمال الإبداعية المتجاوزة باستبدادية «الذوق الحسن»، واستبدادية القيم الجمالية التقليدية. فكيف تفرغ شاعرا أو روائيا ثم لا تجيز عمله الأدبي؟ لهذا السبب قد تفرض المؤسسة الثقافية المعنية بالأمر شروطا تتعلق بالمضامين. والإبداع الحقيقي بحاجة إلى فضاء أوسع لا تحده الشروط ولا القيم الجمالية التقليدية. ولعل فكرة التفرغ في مجال الدراسات والبحوث العلمية أكثر واقعية.
ويضيف الحاصل: قد لا تكون معايير تفرغ المبدعين أفضل من المعايير المتبعة في منح الجوائز الأدبية، أو تكريم الأدباء، أو الترشيح لحضور المهرجانات والملتقيات التي تقام داخل وخارج المملكة، حيث توجد تحفظات على معايير وظروف اختيار المرشحين، من أبرزها الارتجال، وعدم وجود آلية لمتابعة نتاج الساحة الثقافية، وكذلك المجاملة والعلاقات الشخصية، وهو ما قد يحدث لو أقر مشروع التفرغ.