الفنان منذر العقربي : الموسيقى الغربية فقدت روحها

الجسرة الثقافية الالكترونية
#رضوان شبيل
منذر العقربي اسم اشتهر منذ السبعينات في مدينة سوسة ومنها في العديد من المحافظات التونسية اقترن بعالم الأسطوانات وتركيب الإيقاعات الموسيقية الغربية فهو ليس مجرّد “لاعب اسطوانات ” أو ما يعرف ب”الدي دجي” بل هو مبدع من نوع خاص انجذب إلى الموسيقى الغربية منذ الصغر وفتح عينيه في عالم الإلكترونيك حيث اتخذ والده منذ الأربعينات محلا بمدينة سوسة التونسية لإصلاح بعض الآلات الإلكترونية وخاصة المذياع والآلات الصوتية في بداية ظهورها ، و اتخذ منذر في أول السبعينات ركنا في محل والده تعلم فيه بصفة عصامية تركيب الإيقاعات الموسيقية وتسجيل أشهر الأغاني لمحبي الأغنية الغربية ومنه أصبح محط أنظار أكبر الفضاءات السياحية بالجهةافتتح فضاءاتها الترفيهية الموسيقية ومنها انتقل إلى مختلف المناطق السياحية التونسية الأخرى ،انقطع منذ أكثر من عشر سنوات عن هذه المهنة ولكن رجع مؤخرا لتنشيط سهرة حنين عنونها”هيا لنسترجع ذكرياتنا” بالفضاء السياحي “سمراء” الذي بالمناسبة يعرف آخر حفلاته بحكم أنه سيقع هدمه وتجديده بعد مسيرة كبرى في عالم السياحة،التقته “الجسرة الثقافية” في هذه السهرة التي حضر فيها العديد من جيل السبعينات لاستماع إلى موسيقى تلك الفترة واسترجاع ذكريات الشباب أيام كانت الفضاءات السياحية تستقطب فئة من أصحاب الذوق الرفيع في مجال الموسيقى الغربية ، وعبّر المبدع منذر العقربي كما لم يعبر من قبل وقد بدا متأثرا إلى درجة التأسف على فترة زمنية وصفها بالنقية في حوار هذه تفاصيله:
1- كيف بدأت هذه المهنة خاصة في فترة زمنية تعتبر صعبة من حيث العقلية وقلة الإمكانيات ؟
هي في نهاية المطاف هواية حيث تعلقت بالموسيقى الغربية واعتمدت على ذاتيو تعلمت تقنيات المزج بين الإيقاعات ثم تركيب الموسيقى إلى أن أصبحت قادرا على توظيف مختلف التقنيات وكنت أجتهد في البحث عن الأغاني الغربية خاصة في تلك الفترة لم تكن لنا مصادر الإنترنات حيث كنت أوصي بعض الأصدقاء المقيمين في الخارج بأن يرسلوا جديد الموسيقيين في الغرب والأغاني المشهورة وشيئا فشيئا أصبح لي اسم وقمت بافتتاح أكبر الفضاءات الترفيهية السياحية في مختلف المحافظات التونسية وكان بمثابة المنتوج الفني الذي يستقطب السياح لا يقل قيمة عن بقية المنتوجات السياحية باعتبار أن الموسيقى وسيلة ترفيه هامة للسائح والذي يأتي لا للتمتع بالبحر والشمس فقط بل أيضا للإستماع إلى الموسيقى والتمتع في الفضاءات الترفيهية وما تقدمه من فقرات تنشيطية .
2-هل ما زالت الفضاءات التنشيطية السياحية محافظة على ذلك الدور ؟
يا حسرة ، تغيرت المعطيات وانقلبت القيم للأسف فقدت هذه الفضاءات دورها السياحي والفني بسبب كثرة الدخلاء وتغير العقلية وانحرف دورها ،إضافة أن الموسيقى تغيرت فأغاني الستينات والسبعينات كانت تخاطب الروح وكنا نتفاعل مع نصوصها الإبداعية ، فحتى الموسيقى الآن أصبحت جلها الكترونية جافة فقدت روحها إلى جانب أن التقنيات وإن تطورت ولكن تبقى آلات “الفينيل” هي أحسن من “الليزر” و”السيديات” فكل شيء أصبح معلّبا الآن وتقلصت الصبغة الفنية “للاعب الإسطوانات” فكنا نبدع ونغيّر حتى في الألحان بطريقتنا ونتحكم في الإيقاع ولكن الآن مجال الإبداع يكاد يكون مفقودا والذوق بدوره تقلصت قيمته الفنية وللأسف لم تتطور هذه المهنة أصبحت تجارية بالمفهوم المهمش لهذا الفن القائم الذات في ظل قلة الحرفيين .
3- انقطاعك عن المهنة في تلك الفترة خلف العديد من التساؤلات وسبب حتى صدمة للعديد من المقربين منك رغم أنك كنت في أوج العطاء فما سبب ذلك ؟
ظروف عائلية إضافة إلى عامل السن فهذه المهنة لها سن معين لا يتجاوز فترة الشباب مهما كانت درجة العطاء .
4- مَنْ مِنَ الجيل الحالي ترى فيه مستقبل هذه المهنة ؟
بعد أن غاب الجيل القديم عن الساحة في هذا المجال بحكم كل اختار طريق آخر ،ظهرت بعض الأسماء التي برزت وسط غابة من المتطفلين على المهنة كناجي العمدوني في تونس العاصمة ،كريم سيالة في إذاعة “شمس أف أم” وسامي زراد بإذاعة “جوهرة ” وعادل وهو من جيلي الذي لازال يمارس في هذه المهنة .
5- ألا تفكر في بعث مدرسة لتعليم أصول هذا الفن ؟
لما لا إذا استقرت البلاد سيكون هناك مشروع من هذا القبيل مع توفر التشجيعات فلنا الأفكار ولكن تنقصنا التشجيعات والدعم .
6- عملت بالعديد من النزل التي كان لها اشعاع كبير ولكن الان في طريقها إلى الإندثار هل خلف ذلك شيئا في نفسيتك؟
قلبي آلمني ليس على هذه النزل فحسب بل على مدينة سوسة ككلّ التي تغيرت نحو الأسوأ يؤسفني ذلك كثيرا.