القاهرة تشهد افتتاح ‘ملتقى التاريخ الشفوى في أوقات التغيير’

الجسرة الثقافية الالكترونية
مرفت واصف
افتتح د. محمد أبوالفضل بدران الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، ود. هدى الصدة رئيس مجلس أمناء “المرأة والذاكرة” الملتقى الدولي بعنوان” التاريخ الشفوي في أوقات التغيير”، بقاعة المجلس الأعلى للثقافة صباح الأحد الموافق 13 سبتمبر/أيلول والذى يستمر حتى 15 من الشهر نفسه، بحضور د. عماد أبوغازي وزير الثقافة الأسبق، والسفير عبد الرؤوف الريدى، ود. شكرى مجاهد رئيس المركز القومى للترجمة، ود. أحمد مرسي مستشار وزير الثقافة لحفظ وصون التراث غير المادي، ود. خلف الميري رئيس الإدارة المركزية للشعب واللجان الثقافية بالمجلس.
حيث رحب بدران بالحاضرين فى بيت المثقفين (المجلس الأعلى للثقافة) متمنيًا من خلال الأوراق البحثية، والمناقشات الثرية، أن تضيف لبنة من تأصيل التاريخ الشفوي للنساء ليرفع ظلمًا أحاق بالنساء، وجعلنا نفقد رافدًا من روافد التاريخ.
وقال إن جنسًا أدبيا معرفيا يتشكل الآن عبر الإنترنت ووسائل الاتصال الحديثة، وهو المدونات التي لم تجد من النقاد ولا علماء الاجتماع والسياسة والتاريخ من يهتم بها، ويحللها تحليلاً منهجيًا كمصدر من مصادر المعرفة والتاريخ، لقد تلامست الأرشفة والتوثيق مع أجناس أدبية كالرواية والقصة والسرد بشكل عام، وأضحت الرواية كنز التاريخ الشفوى مع السير الذاتية وأدب الرحلات، ناقلة روايات شفوية نسائية نحن فى أمس الحاجة إلى درسها عبر مناهج علمية تجلو غبار التغييب المتعمد لدور النساء في التاريخ وتقزيم أدوارهن في صنع الواقع ورؤيتهن للواقع الذي عشنه بآلامه وآماله ورؤاهن لمستقبلهن ومستقبل أوطانهن.
إن ملتقانا اليوم يكتب أهمية عامة وخاصة، أهمية عامة لأنه يعيد للمهمشين والمهمشات حقوقًا ضائعة، ويعيد للمرأة دورها في صنع الرواية التاريخية والأرشفة العلمية التي لا تغفل النساء، ويكتب أهمية خاصة لأنه يجىء بعد ثورتي مصر 25 يناير و30 يونيو وكيف كان للنساء دور قمن به لا يقل عن دورهن في ثورة 1919 بل تفوق أثرًا وتأثيرًا ونأمل لهن في انتخابات مصر القريبة أن يتبوأن مكانتهن التي تليق بهن.
مشيرًا إلى إن ما يراه في وطننا العربي وفي مصر من عودة الصالونات الأدبية لا لتكون محكى النساء بل لتصنع التاريخ لا بالمؤامرات، بل بالعلم، نحن في أمس الحاجة إلى مساق يدرس في جامعاتنا الحكومية والخاصة عن “التاريخ الشفوى” حتى يعرف الأبناء والأحفاد أهمية هذا المُعين الذي طرحه الدرس الجامعي جانبًا استعلاءً رأي أن الأدب الرسمي يكفي وأن المدوّن أفضل من الشفهي وأعلى قيمة ورتبة وهذا قول باطل علميًا وواقعيًا.
ودعا بدران إلى إعادة النظر في الموقف الذي يرى ضرورة إبعاد الشعر عن التاريخ الشفوي، كما دعا إلى حرية الإبداع في الأدب وفنون السينما والمسرح، وأن تتبوأ المرأة دورها كصانعة للتاريخ والقاء الضوء على المهمشين والمهمشات في مجتمعاتنا العربية حتى يعود إلى صاحباته.
وأشارت د. هدى الصدة في كلمتها إلى بدايات إنشاء أرشيف أصوات النساء وأهدافه مشيرة إلى أنهم يحتفلون هذا العام بمرور 20 عاما على تشكيل مجموعة المرأة والذاكرة وعملها في مجال إنتاج معرفة بديلة من وجهة نظر المرأة أو من منظور يأخذ في الإعتبار قضايا النوع أو الجندر، كانت البداية في أواخر التسعينيات حين قامت مجموعة من الباحثات في المرأة والذاكرة بإجراء مقابلات مع نساء لهن باع في العمل العام في مجالات التعليم، الصحة، الثقافة، العمل النقابي، السياسي، الفن، الأدب ….. الخ، وكان الهدف من ذلك بناء أرشيف تأريخ شفوي للنساء يساعد على سد الفجوة المعرفية ومساهماتهن في صنع التأريخ والحضارة، أرشيف يساهم في إنتاج وبناء مصادر تاريخية لكتابة التاريخ الإجتماعي والسياسي ويعضد من شأن مساعي النساء لبناء مجتمعات عادلة ومتوازنة للجميع بدون تميز.
المرحلة الثانية بناء أرشيف في عام 2012، الهدف منه توثيق تجارب النساء وخبراتهن في التفاعل مع الآحداث الجسام ومشاركتهن في المجال العام بعد ثورة 25 يناير 2011، أي الحفاظ على ذاكرة النساء وحمايتها من النسيان أو التهميش في التاريخ الرسمي، ثم بدأ الاهتمام بالتاريخ الشفوي في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين من قبل المؤرخين الاشتراكيين، وقد شهدت السبعينيات نشاطًا ملحوظًا في مجال التأريخ الشفوي مع اتجاهات بحثية رأت قصورًا في التاريخ الرسمي الذي يؤرخ لسير وحياة المشهورين والأغنياء ويغفل حياة الناس العادية بسبب اعتماده على الوثائق والأوراق الرسمية.
أما التاريخ الشفوي للنساء العربيات ظهرت تحديات أخرى تتعلق بالتاريخ الكولونيالي للمنطقة العربية ومحورية التمثيلات العربية عن المرأة العربية وارتباطها بالصراعات المحلية والدولية حول الهوية والدولة الوطنية والاستقلال الوطني، أما بالنسبة للقرن الــ 21 قد شهد تناميًا ملحوظًا في سبيل الاعتراف بأهمية التاريخ الشفوي في كتابة التاريخ، مما أدى لظهور مشروعات بحثية ومراكز متخصصة ومواقع الكترونية تهتم بتاريخ التوثيق الشفوي، حتى نجحوا في تسليط الضوء على أصوات من لا صوت لهم وساهموا في إنشاء أرشيفات شفوية لمجموعات مهمشة في المجتمعات المختلفة.
ومن أهم العوامل التي ساعدت في مجال التأريخ الشفوي هي الثورة التكنولوجية في الإعلام الرقمى وفي شبكات التواصل الإجتماعي وبرامج الكمبيوتر المفتوحة أتاحت التكنولوجيا الجديدة أدوات مبتكرة وحفظها واتاحتها.
فالأرشيفات بشكل عام هي أدوات المتحكمين في السلطة، فهي تؤسس لسرديات مهيمنة كما تؤسس لسرديات مضادة.
وفي نهاية كلمتها أكدت د. هدى الصدة بأنهم يجتهدون لبناء أرشيف أطلق عليه أرشيف الأمل في مستقبل أفضل مستندًا إلى خبرات وتجارب قريبة وبعيدة تدعم النساء وتعزز من الثقة في النفس وفي القدرة على الفعل والتأثير الإيجابي على الواقع والعالم.
المصدر: ميدل ايست اون لاين