«الكاميرا العربية في روتردام».. سينما الحياة لا السياسة

وئام يوسف

 

حاولُ «مهرجان الكاميرا العربية» في روتردام أن يعطي صورة عن السينما والثقافة في العالم العربي، من خلال أفلام تحكي يوميات الإنسان وما تحمله من مفاهيم حياتية كالحب والفراق والمعاناة والأمل، بعيدا عن الصورة المركبة والممنهجة التي يصدّرها الإعلام للعالم، وفي دورته الثالثة، يركز المهرجان على الأفلام التي لم تنل حقها من الانتشار والتي هي خارج إطار المهرجانات العالمية.
لمرة واحدة في العام تطل الأفلام العربية من شاشات روتردام، المدينة العريقة التي نفضت غبارها وبُعِثت من جديد بعد الدمار الذي تعرضت له خلال الحرب العالمية الثانية لتصبح في ما بعد «بوابة أوروبا» – كما تُلَقّب – وقبلة ثقافتها، وفي عام 2001 انطلقت النسخة العربية لمهرجان روتردام السينمائي تزامنا مع اختيار روتردام عاصمة للثقافة الأوروبية، وبات المهرجان من الفعاليات التي تجذب المهتمين بالسينما العربية سواء كانوا عربا مقيمين في هولندا أو من سكان أوروبا، وفي عام 2012 حدثت تغييرات إدارية في المهرجان طالت اسمه ليتحول إلى «مهرجان الكاميرا العربية»، الذي يعرض هذا العام 28 فيلما طويلا وقصيرا، تضـمنت المســابقة منها 14 فيلما.
صورة العالم العربي
كان المهرجان قد اختار مصر لتكون منصّة لمؤتمر إعلانه هذا العام. علل مدير المهرجان روش عبد الفتاح ذلك بأن مصر هي بيت السينما العربية ووجهة النجوم العرب، مضيفا لـ «السفير» أن المهرجان لا يتمتع بالانتشار الذي يناله غيره من المهرجانات إلا أن قيمته تكمن في مدى تحقيقه للأهداف التي أُسّس لأجلها ولعل أهمها إيصال الثقافة السينمائية العربية للعالم الأوروبي، مشيرا إلى أن المهرجان لاقى صدى جيدا خلال دوراته السابقة وتوافد إليه جمهور من سائر الجنسيات المقيمة في هولندا وهذا دليل نجاح يعطي دفعا لاستمرار الفعالية.
«صورة العالم العربي باتت مشوهة في الغرب خلال السنوات الأخيرة نتيجة للمتغيرات التي ربطت العربي بالإرهاب، لذا حمل المهرجان على عاتقه مسؤولية توضيح الثقافة العربية من خلال الأفلام التي تحكي ما يكابده الإنسان العربي، مسلطا الضوء على المفاهيم التي تظهر القيم العربية» يقول عبد الفتاح، مضيفا أن المهرجان يركز على الأفلام التي لم تنل حقها في الانتشار وقدمت خارج إطار المهرجانات.
استهلّ المهرجان «بركة يقابل بركة» فيلم سعودي من إخراج محمود صباغ، استحق تقدير الجمهور والنقاد وجال مهرجانات عالمية عدة في دبي وتورنتو وبرلين. الفيلم طفرة فنية ترصد كمَّ القيود التي تحاصر الشباب السعودي، تحديدا الفصل بين الإناث والذكور، درجة أن يكون اللقاء العفوي بين الجنسين وتبادل الإعجاب حلماً للكثيرين، فبطل الفيلم «بركة» يتعرف على الصبية «بيبي» ــ اسمها بركة أيضا ــ عبر انستغرام لتبدأ رحلة الحب بينهما في ظل ظروف لا تخلو من المفارقات المحزنة في آن والمضحكة في آنٍ آخر. الفيلم يركز على الأمل القادم في التغيير والذي ينتظره الشباب السعودي ليتنفس بعض الحرية أسوة بشباب العالم.
مطاردة سينمائية
«المطاردة السينمائية» مشروع يتخلل المهرجان قوامه فكرة وجود رابط شكلي بصري بين أربعة أفلام وثائقية أو تجريبية قصيرة، والربط بين الأفلام هو المشهد الأخير من كل فيلم. فكرة المشروع مستوحاة من «المطاردة الشعرية» لعبةُ ترويض الذاكرة في المنطقة العربية من خلال الربط بين نهايات القصائد. كما يعطي المهرجان مساحة لصناعة الأفلام مع اللاجئين في روتردام المهتمين بصناعة السينما، ضمن موضوعات أساسها «إعادة بناء الحياة».
على ضفة أخرى من مهرجان الكاميرا العربية يعقد المهرجان ندوة حول المخرج الراحل محمد خان إلى جانب عرض عمله الأخير «قبل زحمة الصيف» الفيلم الذي قدم خان من خلاله صورة سينمائية متقنة ومشكلة بعناية فاستحقت المشاهدة والتقدير. يقدم الفيلم حكاية تصنف ضمن الواقعية السحرية تحكي الخبيء والمكبوت في العلاقات الاجتماعية، عبر لقاء يجمع أشخاصاً على أحد شواطئ الساحل الشمالي قبل أن يزدحم بمرتاديه.

 

(السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى