المعارك الأدبية ساهمت في إثراء الحركة الثقافية

الجسرة الثقافية الالكترونية
*أشرف مصطفى
المصدر: الراية
نظم المركز الصالون الثقافي التابع لوزارة الثقافة والفنون والتراث ندوة بعنوان “المعارك الأدبية وأثرها في الحركة الثقافية” بمشاركة الدكتور محمد عبد المطلب عضو لجنة أمناء بيت الشعر، و الروائي والإعلامي الدكتور شاكر نوري، بينما أدارها الدكتور إبراهيم الكعبي، الأستاذ بقسم الاجتماع في جامعة قطر، حيث تناولت الندوة عدة محاور منها أعنف المعارك الأدبية بين كبار الكتاب والأدباء والشعراء، ولماذا اختفت المعارك الأدبية من حياتنا الثقافية، كما تعرضت لاثر المعارك الأدبية على الحركة الثقافية والأدبية.
في البداية تحدث الدكتور محمد عبدالمطلب، عن أهم المعارك الأدبية التي شهدتها الحياة الشعرية قديما، وحديثاً فبدأ متطرقاً لتلك التي كانت بين النابغة مع حسان بن ثابت، رضي الله عنه، أو بين جرير والفرزدق، إلى أن تطورت خلال القرن الماضي، حتى ظهرت معارك أدبية بين عباس العقاد وأحمد شوقي، وكذلك المعارك التي دارت حول كتاب د.طه حسين “الشعر الجاهلي”، وعن المعارك التي دارت حول أحمد شوقي، أكد أن كل من تجاوز في حقه الشعري، جميعهم عادوا الى الاعتراف بأن شوقي استحق عن جدارة لقب “أمير الشعراء”، وهو اللقب الذي لايزال يستحقه عن جدارة حتى وقتنا الحاضر، لافتاً إلى أن الذين هاجموا شوقي في حياته، عادوا لينصفوه بعد رحيله. معتبرا من يهاجمون “أمير الشعراء” بأنهم افتقدوا للجانب التاريخي.
كما تحدث د. عبدالمطلب عن أهم الفوارق التي شهدتها المعارك الأدبية قديماً وحديثاً. مؤكدا أن الأولى كانت راقية بشكل واضح، إذ أنه على الرغم من الهجاء بين جرير والفرزدق،إلا أنه كان كلاهما لم يكن يطعن في كفاءة الآخر الشعرية، واصفا معارك هذه الفترة بأنها كانت أخلاقية، عكس ما ظهر من معارك خلال المرحلة التالية، أي القرن العشرين، والتي ظهرت في أحيان كثيرة في صورة سباب. مرجعا ذلك الى كثرة المبدعين من ناحية، والثراء المالي، والشهرة، وظهور الصالونات بشكل كبير، وظهور المجال الإعلامي، من ناحية أخرى.
وسرد د.عبدالمطلب للمعارك التي ظهرت بين المدارس الأدبية المختلفة، مثل الإحيائية والرومانسية والواقعية والحداثية، وغيرها من المدارس الأدبية ، ورموز كل مدرسة أدبية.
أما الروائي والإعلامي د.شاكر نوري، فتساءل خلال ورقته: هل انتهى عصر المعارك الأدبية في الغرب؟ معتبرا أنها لم تنته إلا في أواخر القرن العشرين بدخول التقنيات الحديثة على الخط، وتحول الثقافة إلى مجرد استهلاك تحت وطأة العلامات الإعلامية الاستهلاكية.
وأرجع ذلك الى غياب قامات المبدعين التي تحرك الساحة الأدبية، وكذلك تضاؤل اهتمام الناس بالأدب والأدباء علاوة على انصراف البعض الى فضائح الفنانين وخصومات فرق كرة القدم، وسرد نوري سرد بعض الخلافات بين أفلاطون وأرسطو، وكذلك التلاسن بين روسو وفولتي، بالإضافة إلى المعارك بين جول رونار وجروج صاند، والحلاب الكلامية التي دارت بين سانت بوف وفكتور هوغو، وبين شاتوبريان وبروست. وقال إن المعارك الأدبية في أوروبا تقلصت بعدما ظهرت الحركات والتيارات الأدبية والفنية، واندمج المثقف الأوروبي بتيارات ما بعد الحداثة التي أجمعت أغلب طروحاتها على “همشية الانسان”، وعجزه عن التغيير بعد ولادة المفكرين الكبار.
وقد ركزت الندوة حول النبوغ والإبداع، حيث كانت هناك المعارك بين هؤلاء المبدعين منذ العصور الأولى، وظلت تتطور، وتتخذ أشكالاً وأبعاداً مختلفة، والغريب أن أبطالها كانوا هم من يفترض فيهم أنهم دعاة الاستنارة والتنوير للعالم. واللافت في هذه المعارك أن أبطالها أدباء وكان سلاحهم القلم وضحاياها بلا دماء. وعلقت هذه المعارك في الأذهان سواء بالثقافة العربية أو الأخرى الأجنبية.