المواهب الشابة أبرز إنجازات المهرجان

الجسرة الثقافية الالكترونية

*مصطفى عبد المنعم وأشرفمصطفى 

المصدر: الراية

تواصلت لليوم الثاني على التوالي فعاليات مهرجان المسرح الشبابي في نسخته الخامسة بعرض مسرحية نادي قطر والتي حملت عنوان “أيها الحي أنت ميت” من تأليف وإخراج حنان صادق وبطولة يوسف الحداد، زينب العلي، محمد الملا، محمد المطاوعة، منذر الثابعي، يوسف سالم وخالد المهندي، مساعد مخرج وموسيقى إبراهيم عبد الرحيم، إضاءة عمار العتروس ومدير الإنتاج محمد العمادي.

 

وأكدت المخرجة والمؤلفة حنان صادق لـ  الراية  أن استقبال الجمهور للعمل كان رائعا مشيدة بالمهرجان الشبابي للمسرح الذي أتاح لها الفرصة لطرح مؤلفاتها المسرحية حيث قدمت صادق نفسها كمؤلفة في المهرجان إلى جانب كونها مخرجة، وأكدت أنها عمدت أثناء كتابتها لمسرحية “أيها الحي أنت الميت” أن تكون بلغة شعرية لأنها تؤمن أن الفنان ليس كالسياسي وعندما يحكي حكاية أو يصف مشهدا لا ينبغي أن يسرده مجردا بدون المحسنات البديعية.

 

ولفتت إلى أنها كتبت هذا النص بعد زيارة لمخيم صبرا وشاتيلا، وقالت صادق إنها حرصت على أن تشتغل كثيرا على الممثلين الشباب الجدد الذين أبلوا بلاء حسنا وأشادت بأدائهم اليوم مؤكدة على أنه أداء متميز بالنسبة لشباب يقفون لأول مرة على خشبة المسرح ووجود ممثلين من الشباب صغار السن يحقق أهداف المهرجان في اكتشاف المواهب.

 

وقالت حنان صادق في كلمتها بالبروشور الخاص بالمسرحية إن هناك حياة بأكملها مشاعة لهم، وهناك منازل فارغة تنتظر فتيل ضوء، ثمة حزن يقطع أوصالنا.. ثمة الكثير من الأحلام المتحفزة خارج الأبواب. ثمة دم يشدو على الأرصفة، ثمة أصابع ترتجف من البرد والصراخ، وقلوب عالقة في قشة حكاية، هابيل وقابيل يحتضر بينهما الذنب، وهناك مارد نائم.. سبارتاكوس سيعلن ميلاد الأضحية يوما ما.

 

 

 

رسالة للشباب

 

ومن جانبه قال محمد سلطان فخرو رئيس اللجنة الثقافية بنادي قطر في رسالة واضحة للشباب المشاركين بالمهرجان: أيها الشباب نحملكم أمانة المحافظة على القيم المسرحية، وأكد فخرو أن اللجنة الثقافية بنادي قطر تحرص منذ تأسيس المهرجان على المشاركة بهدف تقديم رؤية ورسالة واضحة لقطاع الشباب في مجال المسرح، ونؤكد تماما على إيماننا بأن من سيحمل رسالة الفنون هم الشباب الواعد الذين نتشرف بهم مستقبلا، ولفت إلى أن رسالة المسرح هي رسالة تنويرية لجميع المجتمعات يساهم فيها المسرحيون المبدعون الذين يسعون للتكامل الحقيقي ولتقديم رؤية ترتقي بنا مسرحيا، وأشار إلى أن النص من أهم ركائز العمل المسرحي التي تعبر عن صدق المبدع، ووجه فخرو رسالته للشباب حتى يبذلون قصارى جهدهم ليواصلوا مسيرة الرواد في عالم المسرح.

 

 

 

إسقاطات كثيرة

 

والعمل يمثل طرحا جديدا لمدى خطورة القمع وكبت الحريات ميز العرض المسرحي “أيها الحي أنت ميت” الذي حمل في طياته إسقاطات كبيرة من خلال مناقشته لقضية تغريبية اعتمدت على انعدام المكان والزمان، حاولت من خلالها المخرجة حنان صادق أن تقدم أبعاداً سياسية تتعدى حدود الحكاية البسيطة التي اعتمد عليها العمل، ليمتد بذلك لمناقشة حال الشعوب المقهورة التي راحت تبحث عن حريتها وكينونتها، بعد شعورها بالغربة في مجتمعات لا تتلاءم وأفكارها، فتهرب من الدمار وتنذوي بعيداً.

 

 

 

متاهة

 

وتتكئ المسرحية على الذاكرة المفقودة في ظل مجتمعات يعيش جزء كبير من أفرادها مغتربين في أوطانهم ما يجعلهم ضحية محتملة للتأويلات، وفي ذلك اعتمدت المخرجة على إضاءة خافتة تعبِّر عن مشاعر الفتيان الذين يشعرون بالمتاهة بعد أن انقلبت حياتها إلى جحيم، ووُفقت المخرجة في استخدام الإضاءة بشكل جمالي لكن عابها عدم إعطائها لوجوه الممثلين النسب الكافية لرؤية بصرية واضحة في بعض اللحظات، وقصدت في اللحظات الأخيرة إلى تحويل وجهة الممثلين ليعطوا ظهورهم للجمهور خلال لحظات طويلة أثرت سلبياً على إيقاع العمل كما طالت فترة تغير حركة مقدمة خشبة المسرح إلكترونياً هبوطاً وصعوداً وتحرك الممثلين من أسفل الخشبة للدخول مرة أخرى لمنطقة التمثيل عبر الكالوس وهو ما جعل فترة الانتظار تطول.

 

 

 

العبث

 

وربما كان اعتماد المخرجة على العبث سبباً في غموض بعض من الأحداث ببعدها عن المنطق الذي يمكن أن يجذب الجمهور العادي للمسرح، حيث راحت تعبر من خلال العبث عن واقع أليم مستخدمة مساحات من الإضاءات الغامقة للتعبير عن شخصيات تحيا في قلب الظلمة، فحملت العرض الكثير من الرموز التي أرادت من ورائها القول بان هناك رضوخا للمصير يحدّده أصحاب السطوة، والعمل بشكل أو بآخر جاء ليعكس معاناة الشعوب التي تقع تحت السيطرة من قِبل قوى متسلّطة، مع تركيز إضاءة موجهة من الخلف لتعبر عن الأمل في من يساعد على التخلص من تلك الغربة والتي تمثلت في فتاة ظلت تساعدهم للخروج من قلب الغربة، متعمدة بذلك الإسقاط على وضع الشعوب التي قامت بثورات الربيع العربي وإيجاد مبرر منطقي لها.

 

 

 

أداء الممثلين

 

وبشكل عام فقد كان أداء الممثلين خلال أغلب لحظات المسرحية أكثر قرباً للمبالغة، وابتعاداً عن التلقائية والبساطة، وربما كان هذا مبرراً في إطار الميلودراما التي أحاطت بكل تفاصيل العمل بدءا من الموسيقى التي جاءت في خلفية المسرحية، واجتهدت في اعتصار القلوب في محاولة لمساعدة الممثلين على تقمص تلك الحالة المأساوية التي يحيون فيها، كما أن الإضاءة حاولت أن تساعد أيضاً على تلك الحالة الميلودرامية، حتى ولو كان ذلك من خلال الإضاءة الخافتة طوال الوقت وكأن هذا البيت لا يرى النور نهائياً.

 

 

 

رسائل الغربة

 

والمسرحية تتعرض لعدد من القضايا العامة التي لا تتعلق بزمان أو مكان معين، في إطار المسرح العبثي، لتستلهم موضوعا إنسانيا لا حدود له من خلال رسائل الغربة والضياع، كرسالة لوقف الموت والدمار، والمجاعات والصراعات الاجتماعية والسياسية، بشكل خاص من خلال قصة لعدد من الأشخاص يعودون من أماكن وأزمان مجهولة لأسباب مختلفة يمكن إسقاطها على “الغربة والقوة والظلم” وهم بلا ذاكرة وأشبه بأشباح تعود للحياة، ويدور صراع حولهم بين الخير والشر، فالخير تمثل في شخصية “الطيف” الذي عبرت عنه الفنانة الشابة زينب العلي، والتي ترمز للمرأة أو الأرض أو الأم، بينما جسد دور الشر الفنان الشاب يوسف الحداد الذي يلعب دور الطاغية والظالم والخبيث، لتدور معركة بين الخير والشر أو بمساعدة الشخصية النسائية تتمكن هذه الشخصيات الضائعة من العودة للذاكرة وتذكر المكان، والنص يحتمل أكثر من تأويل حيث يمكن أن تكون حالتهم هذه بسبب كثرة الحروب والظلم والانتهازية، ولكنهم يمثلون العودة للضياع، في الوقت الذي يرفض فيه الطفل الذي يرمز للمستقبل العودة معهم ويقبل بالتحدي ومواجهة الصعاب.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى