النساء والعلوم في العالم العربي.. تحديات ونجاحات

الجسرة الثقافية الالكترونية – وكالات -لا تزال المرأة في دولنا العربية تحارب حتى يتعامل المجتمع معها على أنها فرد منتج، لها نفس الحقوق وعليها نفس الواجبات، ولا يُستثنى من ذلك النساء العاملات في المجال العلمي؛ حيث تتعرض المرأة لتحديات ومشاكل تعوق مسيرتها المهنية، وتجعلها أكثر صعوبة من نظرائها من الرجال.
وقد ناقشت مجموعة من العالِمات تلك المشكلة في أثناء ندوة بعنوان ’في دائرة الضوء: النساء والعلوم‘ أقامتها ’نيتشر ميدل إيست‘، و’نيتشر الطبعة العربية‘، بالتعاون مع الجامعة الأمريكية في القاهرة، خلال فعاليات شهر العلوم، يوم 27 مارس 2014.
تحدثت رانيا صيام -رئيس قسم علم الأحياء بالجامعة الأمريكية في القاهرة- عن أن البعض قد يزعم أن عدم المساواة الذي تشعر به المرأة هو من نسج خيالها، وأن لا وجود له في أرض الواقع، لكن الأرقام تؤكد غير ذلك.
فقد أظهرت دراسة لمجلة نيتشر العام الماضي أن النساء يمثلن 45% من الحاصلين على شهادة الدكتوراه في العلوم والهندسة على مستوى العالم، إلا أن 26% منهن فقط يتقدمن للعمل في وظائف ذات صلة بدراستهن، وأظهرت الدراسة كذلك أن التخطيط لتكوين أسرة وإنجاب الأطفال يؤثر سلبًا على المسيرة المهنية للعالمات، ويجعلهن يحجمن عن التقدم للوظائف المختلفة.
ووفق أحدث إحصائيات منظمة اليونسكو، الصادرة في اليوم العالمي للمرأة 8 مارس، فإن عدد النساء العاملات بالبحث العلمي في الوطن العربي يبلغ 38%، وهي نسبة أعلى من نظيراتها في كل من: أمريكا الشمالية (32%)، وغرب أوروبا (30%).
وعلى الرغم من ذلك، لا يزال البعض يرى أن المرأة لا تصلح إلا لتكوين الأسرة والاهتمام بالمنزل وإنجاب الأطفال، ويمارس ضغوطًا قوية لتظل داخل هذا الإطار. أما المرأة التي تقدِّر عملها فيصمها المجتمع بأنها أنانية وغير صالحة للزواج.
رانيا عايشت المشكلة من خلال تجربتها الشخصية، التي أدركت من خلالها أن البعض يقوم بالتفرقة وهو واعٍ لما يفعله، والبعض الآخر يكون غير مدرك لذلك.
تحكي رانيا: ”لم يكن مسموحًا لي بالسفر للخارج لاستكمال دراستي أو حضور المؤتمرات العلمية قبل الزواج، حتى بعد الزواج اختلف تعامل مشرف المعمل الذي كنت أعمل به خلال رسالة الدكتوراه معي تمامًا، لمجرد علمه بأني حامل، فلم يعد يسند إليَّ مهامَّ داخل المعمل“.
التمييز ضد النساء لا يقتصر على الدول العربية فقط، ولكنه أمرٌ منتشرٌ في العالم بأسره، تحكي سارة سراج -طالبة دكتوراه- عن تجربتها في جامعة هارفارد الأمريكية، وكيف أن التمييز قد يأخذ أشكالاً عدة بخلاف إقصاء النساء وعدم تعيينهن، حيث يلجأ الأساتذة لتعيين نساء في معاملهم؛ لا لإيمانهم بأنهن الأفضل، لكن لينفوا بذلك عن أنفسهم صفة التمييز ضد المرأة.
لتغيير كل ذلك –من وجهة نظر الحضور في الندوة- يجب أن تكون هناك منظومة لمساندة النساء للتغلب على تلك العقبات، ويحب أن تبدأ من الدولة وأجهزتها، مثل فنلندا التي سنَّت -مؤخرًا- قانونًا تجبر فيه الزوج على أخذ إجازة وضع عند إنجاب زوجته لطفل، مما يجعل نظرة صاحب العمل للجنسين متساوية، وبذلك يحصل الفردان على الفرص نفسها، من غير تحيز لجنس دون الآخر.
وقد أجمعت العالمات على أن من أساسيات النجاح، وجود شريك متفهم ومتعاون، ليس فقط للعاملات في مجال العلوم ولكن في أي مجال. كما أن ”للإعلام دورًا مهمًّا في إظهار النماذج المشرفة من الباحثات، والبعد عن تصويرهن بأنهن شخصيات غير جذابة، غير مرغوب فيها، وليس لها حياة اجتماعية“.
وأضافت رانيا، ناصحةً العاملات في مجال العلوم: ”لا تحاولي أن تصبحي رجلاً ليتقبلكِ المجتمع ويأخذكِ على محمل الجد، أنتِ ما أنتِ عليه، وعلى الجميع تقبل ذلك، في النهاية ما سيتحدث عنكِ هو خبرتكِ، وعملكِ، وأبحاثك“.