“النّباشون” للكاتبة السورية سوسن جميل حسن / لوسين جرار

الجسرة الثقافية الالكترونية

اختارت المؤلفة الكتابة عن حياة المهمشين الذين يعيشون على حدود الجغرافيا و الحياة ، البسطاء و شبه المعدمين الذين يمرون بنا أو يخدموننا دون أن يكون لهم ملامح في أذهاننا رغم كونهم لبنات أساسية في أي مجتمع “نحن نعيش على حدود الحياة، مع أن الحياة لا تسير من دوننا” .
تعرض بإسلوب رشيق حكايات الألم و الانكسار و الأحلام المجتزئة لأشخاص و بعض الحيوانات ( ما منح نصها حس الفكاهة ) ، حكايات القاع الاجتماعي و الانساني و قاع العادات الموروثة البائنة الخانقة . تتراكم العشوائيات التي تفوح منها روائح كريهة و لكنها روائح تعاند الموت سواء على الارض أو في نفوس سكان هذه المناطق المنسية من حسابات الزمن ” هل تجاوزك زمنك و ذهب إلى حيث عليك القبول بأزمنة غيرك دون أن تعترض حتى “
تولد الأحلام لتموت أمام ناظري الحياة قاسية الملامح “كان سابقاً يهرب منه إلى الأحلام التي تحمله إلى عوالم أخرى مزخرفة ، تشع بألوان عذبة ، يؤسس لغده البعيد بين رحابها و يعود مترعاً بالسكينة ، أما اليوم و هو يقف على حدود الواقع تتعرى أمامه الحياة بحرأة تصل إلى حد الوقاحة، فهو لا يعرف كيف ينجو من أسئلة هبت ثائرة في أعماقه كانت تقيم فيها كل تلك السنين الحالمة “
” ما الذي جعلك تقف عاجزاً أمام ما حدث هل إكتشاف نفسك و مدى خواء أحلامك و حقيقتك العارية”
لكن المفارق هنا أن بعض الحيوانات التي حّملتها الكاتبة بعضاَ من مقولة النص كانت أكثر عزماً على مجابهة واقعها وأكثر قدرة على التخطيط الجيد لمصائرها، فقرّرت التحرّر من استعباد الإنسان لها، ونجحت في فرار جماعي إلى موطنها الأصلي حيث لا عبودية و لا استغلال بينما في عالم البشر جاءت النهايات أكثر تشتتاً و ألماً مع بقاء ظل أمل موارب ( لم يره الكثيرون ) في هدم ” جمعة ” الشخصية الرئيسية لبيته ” حلمه المؤجل ” و ارتمائه على الركام .
قراءة ممتعة لمن قرر الولوج إلى عالم ” النباشون ”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى