انطلاق ملتقى عمّان للقصة القصيرة

الجسرة الثقافية الإلكترونية – خاص –
عمان- من خالد سامح
برعاية أمين عمان الكبرى عقل بلتاجي انطلقت صباح أمس في مركز الحسين الثقافي فعاليات ملتقى عمّان الرابع للقصة، والذي تنظمه الدائرة الثقافية في أمانة عمان الكبرى بمشاركة نخبة من القاصين والنقاد العرب، وتختتم فعالياته مساء الغد.
وفي كلمة افتتاحية للملتقى رحب عقل بلتاجي بضيوف الأردن وبالمشاركين الأردنيين في الملتقى وأكد على دعم الأمانة ورعايتها للحركة الثقافية بما تشكل من محور هام في منظومة المدينة والتنمية المجتمعية، لافتا الى عدة أسباب قدت تكون ادت الى تباطؤ في هذا الدعم خلال السنوات الماضية ومنها الظروف السياسية التي تعصف بالمنطقة، ومتأسفاً لانتشار العنف والفوضى والفكر الظلامي في المجتمعات العربية.
وخاطب بلتاجي المشاركين بالقول ” أؤمن أن دوركم ريادي وعلى المؤسسات العربية أن تحتضن كل محافلتكم وتتبنى أقلامكم لتصل أفكاركم الى الجماهير، وتساهم في احداث التغيير المطلوب”.
أما مديرة الملتقى القاصة بسمة النسور فقد عبّرت عن بالغ سعادتها لاستئناف الملتقى نشاطه مكرساً عمّان عاصمة للقصة العربية كما قالت، وأضافت عمّان ترحب بنخبة من فناني هذا الفن المدهش راسخ الجذور، مثمنة دور أمين عمان في رعاية الملتقى وموجهة التحية لروح مؤسسه القاص والشاعر الراحل عبدالله رضوان والقاص الراحل جمال أبو حمدان والناقدة رفقة دودين التي يكرمها الملتقى في جلسة خاصة اضافة الى القاص العراقي الراحل عبد الستار ناصر.
كلمة المشاركين العرب في الملتقى ألقاها بالنيابة عنهم القاص المغربي أنيس الرافعي، مهنئا الجميع باستئناف ملتقى عمّان للقصة، ومشددا على ماتربطه بعمان من أواصر المحبة و”الحلف الوجداني الوثيق” على حد تعبيره.
ورأى الرافعي أن القصة القصيرة فن يقوم على ما أسماه العبادة الخاصة وتابع ” هي عبادة مريبة وغير معترف بها جمهورها فراشة وحيدة لا جموع من الثيران، وهي منظومة إشراكية قبل أن تكون حادثة أدبية”.
وأكد الرافعي أن على القاص الاهتمام بكل ماهو دقيق ومجهري ولا مرئي في المجتمع والذات الانسانية.
أما كلمة المشاركين الأردنيين فقد قدمها القاص محمود الريماوي، الذي شكر كل القائمين على الملتقى وثمن جهودهم وعلى رأسهم أمين عمان الكبرى والقاصة بسمة النسور، كما استعرض الارث القصصي في التاريخ وأهمية القصة وموقعها في القرآن الكريم والكتب السماوية والأساطير والمرويات وحتى الأحاديث النبوية.
ومما قاله الريماوي ” فن السرد غائر في القدم ومرتبط بنشوء اللغات، وتراثنا العربي يزخر بالمرويات، فهو فن ملاصق للاجتماع البشري، وجزء رئيسي من عملية الابداع والمؤانسة ومحاورة الواقع”.
عدد من المبدعين الأردنيين والعرب في فن القصة وجه الريماوي لهم تحية خاصة في كلمته، وأبرزهم : العراقي محمد خضير، السوري زكريا تامر، المغربي أحمد شكري، المصري ادوراد الخراط، كما وجه تحية لروح القاص الأردني الراحل مؤخرا جمال أبو حمدان.
وفي نهاية حفل الافتتاح كرم أمين عمان الكبرى ضيوف المتقى العرب وهم: القاص أنيس الرافعي من المغرب، القاصة كوليت بهنا من سوريا، القاصة استبرق أحمد من الكويت، القاص زياد خداش من فلسطين، القاص محمود الرحبي من عمان، والقاصة الأردنية سامية العطعوط، وذلك بتوزيع الدروع التذكارية عليهم.
تلا حفل الافتتاح جلسة تكريمية للقاصة الأردنية سامية العطعوط، تضمنت شهادات وكلمات لكل من الشاعر والناقد د. حكمت النوايسة، الشاعر والناقد د. مصلح النجار، وشهادة قدمتها القاصة المكرمة، وأدار الجلسة الفنان حكيم حرب بالنيابة عن الفنان محمد القباني الذي يصارع المرض حاليا في احدى مستشفيات عمّان، وقد عبر المتحدثون عن بالغ تمنياتهم له بالشفاء العاجل.
د. النوايسة رأى أن قصص سامية العطعوط تتميز بانتمائها المشاكس للعالم وللواقع الذي ترصده بعين المبدع دون أن تجمله كما قال، وأضاف ” الواقع في قصصها يبدو عنيفا مفزعا على شكل نتف مصورة بالكاميرا وهي غامضة ومغمضة أحيانا”، واستدل على ما قال من مجموعة قصص للعطعوط ومنها “المقهى الخشبي”، “كافكا في المدينة”، “قيمة مضافة”، “أحدب عمّان”، وغيرها.
أما الناقد د. مصلح النجار فقد نوه بأهمية المنجز القصصي للعطعوط مبينا أنها ومنذ مجموعتها الأولى “جدران تمتص الصوت” وحتى مجموعتها الأخيرة ” بيكاسو كافيه” ظلت مخلصة لمشروع ابداعي حملت فيه هموم المرأة بدون أن تركن للحساسية الجندرية، محملة نصوصها حمولة ثقافية رفيعة.
واستعرض د. النجار بعضا من السمات الفنية لنص العطعوط مشيرا الى استعارتها للصور السينمائية والأساليب الشعرية، وقال ” ظلت تبحث دائما عن القص ومتعته وصناعة الفن السردي، واستشهد بعدد من قصصها ومنها : “الصرخة”، “صباح الخير بيروت”، “ثلاثية التمرد والاذعان”.
القاصة المكرمة قدمت شهادة ابداعية تناولت فيها ما أثر في مجمل مسيرتها الابداعية لاسيما خلال مرحلة الطفولة حيث شهدت الاحتلال الاسرائيلي لمدينة نابلس التي ولدت فيها، كذلك وفاة والدها، وانطلاقها نحو عوالم الثقافة والمعرفة بكتب الفلسفة الوجودية والماركسية، وقالت ” من قال ان الكتابة متعة! انها جبال من هواء تتأرجح بنا في عالم أصابه دمار شامل وشلل رعاشي..الكتابة تصل بنا الى حد الهذيان المجرد من المنطق، لذلك تصادف ان انقطعت عن الكتابة في مرحلة من حياتي اذ أصابني الاكتئاب لكني عدت اليها متسلحة بالكثير من الأدوية والارادة والاصرار”.
وأختتم اليوم الأول للمتلقى بقراءات قصصية على جلستين أدارتهما كل من الناقدة والروائية شهلا العجيلي والفنانة مجد القصص، وشارك بهما كل من: محمود الرحبي من سلطنة عمان، أنيس الرافعي من المغرب، ومن الأردن: رسمي أبو علي، ابراهيم العامري ، جمعة شنب، عامر الشقيري، نبيل عبد الكريم، ماجدة العتوم، محمد خليل.