بعد أن قامت القيامة

الجسرة الثقافية الالكترونية
أحمد شافعي *
المصدر /ثقافة
ترى الكاتبة ناعومي كلاين، أن ما لا حصر له من الأفلام والكتب التي تصور حكومات طاغية، ودول بوليسية قاسية، وانهيارات بيئية، ومواطنين عاديين يشهرون أنيابهم ومخالبهم ليتمكنوا من البقاء، وغيره من السواد، علامة نذير.
وتقول كلاين في الحلقة رقم 129 من سلسلة “دليل جيك إلى المجرة” ـ التي تنشرها نيوستيتسمان على موقعها الإلكتروني ـ مضيفة أن “هذا هو أصعب جزء في عملي، وهو أن أقنع الناس بأننا قادرون على شيء آخر خلافاً لرد الفعل القاسي هذا على الكارثة”.
في كتابها “هذا يغير كل شيء: الرأسمالية في مواجهة المناخ” تذهب كلاين إلى أن التغيير الدراماتيكي للسياسات هو وحده القادر على الحيلولة دون وقوع كارثة مناخية، وأن البشر العاديين ينبغي أن يجهروا بالمطالبة بإجراءات بيئية صارمة كتحديد انبعاثات الغازات، وتعميم النقل الجماعي، والانتقال إلى طاقات متجددة. وتلك من الناحية السياسية صفقة عسيرة، ولذلك فقد اقترحت بدائل أخرى أيسر ـ وإن يكن مشكوكا في فعاليتها.
تقول كلاين: “يبدو الأسهل علينا الآن، والأكثر واقعية، أن نعتم الشمس من أن نضع بعض ألواح توليد الطاقة الشمسية فوق أسطح البيوت في الولايات المتحدة، وهذا يكشف لنا الكثير عن أنفسنا، وعما نعتقد بقدرتنا عليه، وعما نعتبره واقعياً”.
ولكن الأمور آخذة في التغير، بقضايا قانونية كسبها مواطنون فمنعت التنقيب عن النفط في أراضيهم، وبتآزر مجتمعات صغير لإقامة شبكات الطاقة الشمسية بدلاً من غيرها من مصادر الطاقة الملوثة للبيئة، وبحملات إعلامية متزايدة لفضح وعزل صناعة استخراج الوقود الحجري.
الشباب.. الأثرياء والمناخ
ويقود كثير من هذه الحركات نشطاء شباب، مثل أنجالي أبادوراي التي ألقت كلمت في 2010 أوضحت فيها أن الأمم المتحدة تتكلم بلا جدوى عن التغير المناخي منذ ما قبل ميلادها.
تقول كلاين إن “للشباب دوراً حاسماً في هذا الصدد لأنهم الذين سيحتملون مغبة أسوأ التغيرات المناخية، وحينما يكون للشباب صوتهم المعنوي في هذه الأزمة، فهذا متغير أكيد”.
تكشف نعومي كلاين عن استعدادات الأثرياء للتغير المناخي:
“هناك دلائل كثيرة على أن الشركات تستعد. وأبشع سبل الاستعدادات هي التي تقوم بها شركات النفط ـ وهي في الوقت نفسه أكبر ممولي حملات إنكار وجود التغير المناخي من الأساس ـ فهذه الشركات تستغل كل فرص التنقيب عن النفط لأنها تعلم أن ذوبان الجليد القطبي قد بدأ بالفعل. لقد حدث بعد عاصفة ساندي الكبرى أن بدأت الشركات الكبرى في نيويورك وغيرها في تسويق أنفسها باعتبارها “مؤمنة ضد الكوارث”، فلديها مولداتها الخاصة، أي أن لديها “خنادقها” الخاصة، وحواجزها المقاومة للعواصف، فهي عملياً تقول: “عندما تقوم القيامة، ستكونون معنا في أمان” … وفي أعقاب إعصار كاترينا، تأسست في فلوريدا شركة اسمها “طائرة النجدة”، وهي شركة خاصة للإنقاذ من الكوارث وكان شعارها حرفيا هو: نحن سنجعل من كوارثكم ترفاً”.
الطبيعة والخيال العلمي
وعن علاقتنا بالطبيعة تقول كلاين:
لو أنكم رجعتم إلى دعاية شركات التنقيب عن الوقود الحجري في القرن الثامن عشر لرأيتم أنها كانت تقوم بالأساس على وعد بأن الفحم سوف يحرر البشر من ربقة الطبيعة، فلن ينتظر أحد هبوب الريح لتسيير سفينة، ولن يضطر أحد إلى إقامة مصنع على مقربة من شلال ليحرك سواقيه. كان الفحم يعد بأن يضع السلطة في يد البشر.
وتستمر قائلة: “كان وعداً للإنسان بأن يسود الطبيعة ويعلو عليها، وتبين أنها كانت كذبة، فنحن لم نسد الطبيعة قط، وهذا هو التحدي الأكبر في ظني في ما يتعلق بالتغير المناخي، وهو تحد لا يواجه الرأسمالية وحدها، بل يواجه أسطورتنا الحضارية في صميمها، ذلك أن الطبيعة تقولها سافرة: أظننتم أن الغلبة لكم؟ حسن، كل ما أحرقتموه من فحم طول كل تلك العقود كان يحتشد في الغلاف الجوي حرارة متقدة، والآن يأتيكم الرد. والطاقة المتجددة هي القادرة على استئناف الحوار بيننا وبين الطبيعة، علينا أن نفكر في الريح إذ تهب، وفي الشمس إذ تسطع، لا يمكننا التظاهر بأن المكان والفضاء بلا قيمة، لقد رجعنا إلى العالم”.
وعن الخيال العلمي تقول كلاين:
“طفرة أدب الخيال العلمي اللاطوباوي مثيرة للغاية، لكنني أعتقد أنها قد تكون خطيرة إذ لم تعتبر نذيراً، بل تأكيداً لقضاء محتوم. أعتقد أن مارغريت أتوود في “سنة الطوفان” والثلاثية كلها تقدم نموذجاً ناصعاً للنذير والنفير، في مقابل كتابات كثيرة لا قيمة لها، تقول وتكرر: نحن على طريق الكارثة، ولا أمل لنا”