بورتريه محمد شكري الكاتب “الطنجوي” /إدريس علوش (المغرب)

الجسرة الثقافية الالكترونية-خاص-

 

الوشاية،الوشاية النصية على مستوى الدقة والتحديد، وحدها استنادا إلى ما أبدعه هي التي أفصحت عن درجات الحب القاسي الذي كنه الكاتب المغربي محمد شكري لمدينة طنجة. محرابه الأثير الذي اختاره ملاذا لاستيعاب فن العيش، ولصياغة نصه المشتهى، سيرة حب استثنائية جمعت بينهما، ألهمت محمد شكري سجلات مفردات التعبير الفريد عن طنجة المتخيل والواقع المنسجم مع سر التناقض ال>ي أفصح بالنهاية عن كاتب كبير. 

 

   محمد شكري وحتى الرمق الأخير من حياته كان يردد :”أنا كاتب طنجوي” ، وكأنه كان بصدد التأسيس لوعيه بالمكان ، والوفاء له ، والانتماء إلى تناقضاته وتمظهراته  وتداعياته وتجلياته ، والبوح بما يشغل الروح من ولع بالمدينة التي أسرت أحلامه وهيئته بكل ما أوتي من قوة المتخيل والذاكرة ليصبح كاتبا عالميا وكونيا في آن. 

   ف”طنجة” ألهمته أقصى ما يمكن أن يرسخه كنصوص وطقوس، وهي حاضرة وبكل قوة في جل كتاباته ،  وهو لم يقل غير ذلك في أية مناسبة أتيحت له للحديث عن أهمية “طنجة” في مساره الحياتي والإبداعي  …ناهيك عن  انشغالاته اللامتناهية بالتفاصيل واليومي والمعيش، وهي دائما مستمدة ومستلهمة من الحراك الاجتماعي ل “طنجة” المكان ،المحيط ،والمجال، والإنسان… باعتبار  هذه المكونات تشكل معا مرجعية محمد شكري الأساس في الكتابة  استنادا إلى الدينامية التي تشهدها المدينة وافق الانتظار الذي تعرفه  ، وهي المدينة التي قال عنها تشرشل يوما:”طنجة مدينة لا تنام أخشى عليها من السهر”…

        في انتصاره لقيم الهامش واحتفائه بالمهمشين على هذه الأرض التي تشكل أرخبيلات الإبداع والكتابة تماثل محمد شكري بوعي نقدي وإبداعي تناقضات المجتمع المغربي  مبرزا وبشجاعة واقع الحال الذي كانت عليه “طنجة” بدءا  في منتصف القرن العشرين إلى حدود أفوله ، لكن ليس من موقع المؤرخ ، بل من موقع المبدع الجريء ، بهذا المعنى تصبح “طنجة” رأسماله الرمزي الذي لا يفنى ولا يقدر بثمن، وسر حضوره القوي في المشهدين الإبداعيين  المغربي والعالمي، أو بمعنى أدق سر نجاحه الذي جعل منه أسطورة…

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى