بوليتيكو: بروباغندا الكرملين تهيمن على التلفزيون الروسي

الجسرة الثقافية الالكترونية

ميسون جحا *

المصدر / ثقافة 24

من كتابه حول روسيا في عهد بوتين، صدر مؤخراً بعنوان “لا شيء حقيقي، وكل شيء ممكن”، قدم المؤلف بيتر بوميرانتسيف، رؤيته حول الإعلام ودوره الحالي في الترويج لسياسات الرئيس الروسي، ونشر المقال اليوم في صحيفة بوليتيكو الأمريكية.

وفي سياق وصف تجربته الإعلامية في موسكو، يقول بوميرانتسيف “حدث في عام ٢٠٠٢، بعد أن تخرجت من الجامعة وكنت أعمل في مؤسسة فكرية مهمتها تعزيز العلاقات السياسية الروسية الأمريكية، أن دعاني ناشر روسي إلى أول لقاء لي في موسكو، وفي تلك المناسبة، وجدت نفسي في مكان واحد مع كبار مسؤولي الإعلام الروسي، في الطابق العلوي لاوستانكينو، مركز تلفزيوني من العهد السوفييتي، يعنى في بروباغندا الكرملين، ويضم إستوديوهات أكبر القنوات الروسية، هناك اجتمع ألمع رجال الفكر والإعلام لمدة أسبوع لتقرير ما ستبثه القنوات في أوستانكينو”.

لا سياسات حقيقية
ويمضي الكاتب “في جانب من المائدة، جلس أحد أشهر مقدمي البرامج التلفزيونية السياسية، وكان ضئيل الحجم، ويتكلم بسرعة كبيرة، وبصوت مرتفع، قال : (نعلم جميعاً أنه لن تكون هناك سياسات حقيقية، ولكن يتحتم علينا أن نعطي لمشاهدينا الانطباع بأن شيئاً ما يجري حالياً، إنهم بحاجة للتسلية)”.

ومن ثم سأل الرجل” إذاً ما الذي يفترض أن نتلاعب به؟ هل نهاجم حكم الأقلية؟ ومن هو عدونا للأسبوع الحالي؟، لا بد للإعلام السياسي أن يكون شبيهاً بالسينما”.

سينما قاتمة
ويشير الكاتب إلى أنه “بعد أكثر من 10 سنوات، بدت تلك السينما قاتمة وباعثة على القلق، إذ كان أول ما فعله رجال الميليشيا الروس عندما سيطروا على مدينة في شرق أوكرانيا، أن استولوا على أبراج التلفزيون واستبدلوها بقنوات الكرملين، وعلى الفور سرعان ما بدأ السكان يرددون ما سمعوه في تلك القنوات عن الفاشيين في كييف، وعن المؤامرات الأمريكية لطرد الناطقين بالروسية من شرق أوكرانيا، وكان ما يدعو إلى القلق، ليس ما يقولونه وحسب، بل التنامي الحلزوني واللامنطقي لجنون العظمة، والفرضيات اللاعقلانية والتي يستحيل معها محاججتهم حولها”.

حرب إعلامية
وفي هذا الإطار، يقول مسؤول البروباغندا في الكرملين ديميتري كيسيليف: ” إن الحرب الإعلامية تمثل حالياً أهم أنواع الحروب، وهي التي تمهد الطريق للعمل العسكري”.

وحول تلك المعلومة، يقول بوميرانتسيف: “إن رجال الإعلام في عهد بوتين، خير من يقومون بتلك المهمة، إذ استخدموا أسوأ الآليات، من أساليب غسل الأدمغة على الطراز السوفييتي، وبث الخوف والرعب في نفوس الروس من المكائد التي يحيكها الغرب ضد بلدهم، ومن ثم غزو الدول المجاورة بحجة حماية أمن البلاد، وتعزيز الاستقرار”.

قوة نافذة
ويضيف الكاتب: “حال تسلم فلاديمير بوتين السلطة عام ٢٠٠٠، سيطر على التلفزيون، واعتقل ونفى الأقلية التي وقفت في وجهه، وفي بلد تغطي أراضيه 9 مواقيت، ويحتل سدس مساحة الكرة الأرضية، ويمتد من المحيط الهادي وحتى بحر البلطيق، ومن صحارى أواسط آسيا، إلى قرى أشبه ما تكون بمناطق من العصور الوسطى، وحيث يسحب سكانها الماء باليد من آبار خشبية، وإلى مدن لا يوجد فيها سوى مصنع وحيد، ومن ثم بالعودة إلى ناطحات سحاب فولاذية ذات نوافذ زجاجية في موسكو الجديدة، يبقى التلفزيون القوة الوحيدة القادرة على توحيد وحكم وتقييد الشعب”.

دمى معارضة
ويوضح الكاتب: “عبر التلفزيون يعلن الكرملين عن الساسة الذين سيسمح لهم بأن يشكلوا معارضة له، وهم أشخاص لا أكثر من دمى يحركها زعيم القصر كيفما شاء، وفي وسط المشهد الكبير يظهر فلاديمير، ولا شيء سواه، حيث تعرض مهاراته وأدواره كجندي وعاشق وصياد ورجل أعمال ورئيس سابق للاستخبارات السوفييتية، وسوبرمان، كما تركز نشرات الأخبار على نشاطات الرئيس، ولقاءاته وقراراته وتصريحاته، وبهذه الطريقة يسيطر الكرملين على الإعلام المرئي كما كان الحال في العهد السوفييتي، ولكن هناك خطأ يحرص الروس على عدم تكراره، ألا وهو عدم جعل البرامج مملة كما في الأيام السابقة، ولذا كان لا بد من الاستعانة بالمنتجين والمخرجين الغربيين لإنتاج برامج مسلية تمتع المشاهد الروسي، ولكي لا يبتعد عن شاشة بلده، وليبقى لصيق السياسات والبرامج التي يقرها ويروج لها الكرملين”.

عودة الى الأعلى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى