بوليكفتش والشعار وسحاب في «مترو المدينة».. روح الرقص

الجسرة الثقافية الالكترونية

*أروى عيتاني

المصدر: السفير

 

هو صانع الفرح. يحرّضك في كل مرّة تشاهده فيها على التمعّن بأحاسيس قد تمرّ عليك من دون الالتفات اليها، لكنه بجسده وتعابيره المخيفة وسلطته المهيبة على المسرح، يلقي عليك سحرها لتكتشف بأنّ ما تخاله عادياً، هو عالم من عبث الأحاسيس الجميل. هو الكسندر بوليكفتش في عرضه الجديد «بلدي يا واد» على مترو المدينة، مع عزف حي وظهور خاص لرنين الشعار، مع البنت كايداهم لينا سحاب. في جو كاباريهات الحتت الشعبية التي نراها في الأفلام المصرية، ومن وحي راقصات مصر تألّق أليكس داخل القالب الجديد الذي قدمه الينا. للمرة الاولى نراه مع الفرقة والغناء المباشر فأبدع كعادته. مزج في رقصه انفعالات حادة الانطباع على موسيقى تراوحت بين الشعبي الراقص والطربي (أغاني ام كلثوم). النظر لأليكس يرقص، صورة متوهّجة لفنان يملك أكثر من جسد. لعل العلاقة الدائمة بيننا وبين الرقص تبقى مرتبطة بالروح. روح الراقص هي التي تمنحنا المتعة. فنحن غالباً ما نرى رقصاً، لكن نادراً ما نجد الروح. اليكس يمتلك هذا السر. يعلم جيداً كيف يحركك فوق مقعدك لتبقى تدور حول فلكه. تحنو عليه، تشعر بانكساراته وخيباته وتعيش معه لحظات حياته الجميلة. فهو يُخبرنا تفاصيلها في كل مرة يرقص فيها. في جرأة أليكس بامتهان فن محسوب على النساء نجد معادلة التحدي الأجمل. جسد يعشق ويعيش في ما يسمع، يتلوى ويتحرك على وقع حيث تقوده مشاعره، فيجتاح الخشبة أو يثبت راقصاً في مكانه مع تعابير وجهه، العامل القوي المكمل لجسده، من دون الحاجة لخطوات كبيرة، ليبرهن بأن الرقص البلدي أعمق بكثير من مجرد هزّ الوسط. هذا الشجن الجميل الذي سكن اليكس مع أغاني الست، وتفاعله البارع معها تحوّل الى لغة بينه وبين الموسيقى، وبين الكلمات التي وإن لم نسمعها تكفّل هو بتجسيدها بروعة استثنائية تصل بك لحدّ التأثر. وهي حالة نادراً ما نراها في عرض راقص. اما صوت رنين الشعار، فهو عالم آخر حلقوا بنا فيه، شعرنا بقوة طاقة هذا الديو وامتناننا لهم لسماحهم لنا بالتواجد فيه. اختيار موفق قام به اليكس بالاضافة لأزيائه التي أكملت بهجة المنظر (تصميم كريكور جابوتيان). حتى الفكاهة كانت موجودة مع كايداهم (لينا سحاب) التي استطاعت أحياناً كسر ثقل المشاعر التي كانت تجتاح اليكس في لحظات عدة، لتعود به الى أرض الواقع بطريقة كوميدية أعطت خفّة مطلوبة للعرض. عرض «بلدي يا واد» من العروض الراقصة القليلة التي التمسنا صدقها لراقص يفاجئنا باستمرار ليس فقط بجسده إنما بإصراره على إثبات بأنّ هناك الكثير من الامور التي لا تستدعي الكلام بل تستوجب الرقص.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى