بيكاسو قبل أن يكون “بيكاسو”

الجسرة الثقافية الالكترونية

 

أحمد ضيف*
المصدر / ثقافة 24

كل المدن التي عاش فيها، اعتبرت بيكاسو ابناً لها. “مالغا” حيث ولد، وبرشلونة التي قضى بها شطراً من شبابه، باريس، أنتيبس، فالوريس، موغينس، حيث شيدت أسطورته. وكثير من تلك المدن أقامت له متحفاً باسمه، زاره كل أتباعه بالمنطقة.

غير أن سيرته تذكرنا أنه في عام 1891، قبل أن يتم العاشرة، وصل بابلو لمدينة لاكورونيا برفقة أبويه خوسيه وماريا، وأختيه لولا وكونشيتا، واستمروا هناك مدة أربع سنوات، تحديداً حتى أبريل (نيسان) 1895، إذ توجهوا بعدها إلى برشلونة. وفي سن الرابعة عشرة التفت بابلو للموهبة التي تموج بداخله، إذ كان على وشك أن يكون: بيكاسو.

بداية من الجمعة القادمة، بحسب صحيفة (إيه بي سي) الإسبانية، وبمناسبة مرور 120 عاماً على معرضه الأول، تحتفي مدينة لاكورونيا ببيكاسو بعرض أولى رسوماته، تلك اللوحات التي أنجزها في سن الـ 13، وقال عنها الناقد الفني بصحيفة “لا بوث دي غاليثيا”: “ليس لدينا شك في أنه مغامر، ولو استمر في الرسم بهذا الشكل سيسير في الطريق الصحيح، ولا نشك في أن مستقبلاً باهراً ومجيداً ينتظره”. ولم يخطئ الرجل.

المدينة رأت في هذا الحدث فرصة لتحصل على “نصيبها” في بيكاسو، وتنظم معرضاً له في متحف الفنون الجميلة تحت عنوان “بيكاسو الأول”، الذي ينقذ إنتاجه الكوروني غير المعروف جيداً، والذي يفتتحه اليوم الخميس، الملك دون فيليبي والملكة ليتثيا، ثم يفتح للجمهور بداية من الجمعة وحتى 24 مايو (أيار). 

المعرض يضم 81 لوحة لبيكاسو، بعضها استعارة من ورثة الفنان وبعضها تم استحضاره من متاحف أخرى له، بالإضافة للوحات الحكومية والخاصة، لكن كلها تخدم في نفس الغرض: بيكاسو قبل أن يصبح بيكاسو.

راعيه الأول
الطبيب والسياسي، رامون بيريث كوستالس، الذي صار وزيراً للأشغال العامة، كان أول راعٍ له. وفي عام 1895، رسمه بيكاسو بشارب كبير ومظهر مميز. لكن هذه اللوحة، التي يحتفظ بها أحد ورثة بيكاسو، غير موجودة بالمعرض. كما رسم موديستو كاستيّو، ابن راعيه، وهو يرتدي زي المسلم، وهو العمل الذي بيع في مزاد عام 2012 بـ 2,6 مليون يورو، وهو أعلى سعر للوحة رسمها طفل في التاريخ.

تاريخ عائلة
أقامت عائلة بيكاسو، خلال فترة لاكورونيا، في شقة إيجار بالطابق الثاني رقم 14 بشارع بايو غوميث، الذي تحول الآن إلى “بيت بيكاسو”، لكنه لا يضم الأعمال الأصلية، بل مقلدة. والبيت يمثل جزءاً من “الرحلة البيكاسوية”، التي تتكون من معهد إوسبيو غاردا، حيث درس، وميدان بونتيبدرا، حيث كان يلعب مصارعة الثيران مع أصدقائه، والشارع الملكي، الذي شهد لوحاته الأولى، والمسرح الرئيسي، حيث كان يحضر لمشاهدة أعمال كالديرون وإيتشيغاراي. بالإضافة لزيارة برج هركليس وشاطئ رياثور وأورثون. وفي شوارع لاكورونيا كان يصطاد قطط الشوارع ببندقيته برفقة أصدقائه، وهناك عرف حبه الأول، وهناك فقد أخته كونشيتا، التي ماتت بالدفتيريا عام 1895. حينها أقسم بيكاسو أنه لو ماتت سيتوقف عن الرسم، ولحسن الحظ حنث بقسمه.

المعرض الذي يستمر أكثر من شهرين يعتبر أول معرض يضم أعمال الفنان الإسباني الأولى، ومن هنا يكتسب أهميته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى