تونس تجدد العهد مع الحداثة في ذكرى رحيل رائد فكرها الإصلاحي

الجسرة الثقافية الالكترونية
أحيا مجموعة من المثقفين التونسيين الثلاثاء الذكرى الثمانين لرحيل رائد الفكر الإصلاحي للبلاد الطاهر الحداد صاحب كتاب “امرأتنا في الشريعة والمجتمع”.
وخلال ندوة فكرية نظمت بأحد فنادق العاصمة، قال الحبيب الكزدوغلي، عميد كلية الآداب بجامعة منوبة (ضاحية غرب مدينة تونس) إن “الحداد يظل رمزاً للحركة الإصلاحية التونسية”، بوصفه مفكر الحداثة في الإسلام.
وولد الطاهر الحداد عام 1899 بمدينة الحامة في محافظة قابس (جنوب)، وهو مفكر ونقابي وسياسي، كرس حياته في النضال من أجل الحقوق الاجتماعية، وتحرير المرأة التونسية، ومنع تعدد الزوجات، والدفاع عن مدنية الدولة، قبل أن يتوفى في عز شبابه يوم 7 ديسمبر/ كانون الأول 1935.
وأشار الكزدوغلي أنه “تجرّأ على السائد في ثلاثينات القرن الماضي بدعوته إلى تحرير المرأة ومنع تعدد الزوجات، ما تسبب في نبذه من قبل النخبة”.
ومورست على الحدّاد آنذاك صنوف القهر والمعاناة، فقد مُنع من مواصلة دراسة الحقوق، وجُرّد من شهاداته العلميّة وحُرم من الحق في التدريس والعمل، كما رُمي بالخيانة رغم أنّه من مُؤسّسي “الحزب الحرّ الدستوري” الذي قاد البلاد إلى الاستقلال.
وإمعانا في تجريد الحدّاد من كلّ حقوقه المدنيّة والسياسية، طالب شيوخ جامع الزيتونة آنذاك بـ”إخراجه من الملّة”، فأصدر محمد الصالح بن مراد كتابا للغرض بعنوان “الحِداد على إمرأة الحدّاد”. ففُـرضت عليه العزلة الشاملة حتّى سيق إلى الموت ولم يتجاوز سنّه السادسة والثلاثين عاما.وأضاف الكزدغلي أن “قرار رئاسة الجمهورية بمنح الحداد وسام الشرف، يعد خطوة مهمة لإعادة الاعتبار لهذا المناضل الفكري والنقابي، بعد أن ظلمته دولة ما قبل الاستقلال”.
وأعلنت خلال الندوة روضة المشيشي مستشارة رئيس الجمهورية أن “الرئيس قرر اليوم منح الحداد وسام الجمهوريةاعترافاً له بالجميل، ولرد الاعتبار لأحد رموز حركة الإصلاح الوطني”.
وقالت المشيشي، في تعليق على ذلك، إن “هذا التكريم هو رمزي من قبل الدولة التونسية لأحد مفكريها”.
ويعتبر كتاب الحداد “امرأتنا في الشريعة والمجتمع” مرجعاً أساسياً في تاريخ الفكر الإصلاحي التونسي، وتحدث الكاتب فيه عن وضعية المرأة في تلك الفترة، ونادى بتحريرها.
وفي 13 أغسطس/آب 1956 أصدر الرئيس التونسي الأسبق، الحبيب بورقيبة، المدونة القانونية التي منعت تعدد الزوجات،وأقرت الزواج المدني، ومنحت المرأة التونسية مكاسب التي طالما نادى بها الطاهر الحداد.
توفي الحداد عام 1935، لكن كلماته ظلت ترنّ في الآذان، وتردد صدى أفكاره بين الناس، إلى أن جاء الاستقلال سنة 1956، فتحولت أفكاره إلى قوانين ملزمة للأفراد، وأطلق اسمه على الساحات العامة والشوارع والأزقة ودور الثقافة في البلاد تخليداً لذكراه.
يذكر ان بداية العام 2015 شهدت تحطيم تمثال الطاهر الحدّاد في مدينة الحامّة مسقط رأسه، في ما قُرئ على انه رسالة للتونسيين مفادها أنّ تهديد نمطهم المجتمعيّ لا يزال هدفا ذا أولويّة للمتشدّدين، وأنّ معركة الحريّات لم تُحسم بعد لمجرّد خسارة الإسلاميين خلال الانتخابات التشريعيّة والرئاسيّة الأخيرة.
المصدر ميدل ايست اونلاين