(ثورة الوان) يحكي نضال الشباب في الربيع العربي

الجسرة الثقافية الالكترونية-الراية-

 

تشير بوصلة السينما في السودان إلى أنها سبقت وصيفاتها في الظهور والإنتاج خاصة في حقبة الاستعمار الإنجليزي منذ عقد الثلاثينيات حتى الخمسينيات من القرن الماضي ثم تأرجحت صعودا حتى هبطت اليوم بدون صالات عرض أو إنتاج محلي أو خارجي.

 

الأستاذ المخرج عبادي محجوب الأمين العام لاتحاد السينمائيين السودانيين استعرض في حواره مع (الراية) واقع ومستقبل السينما في السودان والترتيبات الجارية لإنشاء قناة سودانية للدراما لعرض الأفلام والمسلسلات السودانية، فإلى مضابط الحوار.

 

> متى بدأت صناعة وإنتاج السينما السودانية ؟

 

— السينما على مستوى المشاهدة في السودان بدأت مع وجود المستعمر الانجليزي وكانت هناك صالة عرض (الاسكيت انقرنق) وكانت الصالة عبارة عن حلبة للتزحلق على الجليد، فتم تركيب شاشة عرض سينمائي وكان يرتادها جنود المستعمر والجاليات الأجنبية مثل الإيطالية والإغريقية والأرمن وبعد ذلك تم افتتاح أول سينما رسميا عام 1935 وهي سينما كلوزيوم التي أنشأها الإخوان جورج وانطوان ليكوس في الخرطوم. وفي أم درمان أنشأ قديس عبد المسيح باشا سينما قديس. ومنذ منتصف ثلاثينيات القرن الماضي بدأ السودانيون مشاهدة السينما والتي أصبحت مصدر دخل اقتصادي للمؤسسين.

 

> متى شارك السودانيون في إنشاء وإنتاج السينما؟

 

— في أواخر ثلاثينيات القرن الماضي اجتمع نفر من الرأسمالية الوطنية السودانية فقاموا بإنشاء (شركة السينما الوطنية) التي انتشرت في كل عواصم السودان وأصبحت السينما الوطنية في كل مدينة من مدن السودان وبلغت 68 دار عرض.

 

> ما هي المراحل التي مرت بها صناعة السينما في السودان؟ وما مدى الإسهام الوطني في ذلك؟

 

— قام المستعمر الإنجليزي بإنشاء (وحدة أفلام السودان) لخدمة مصالحه ونشر أخباره في شكل أفلام قصيرة خبرية تعكس نشاطه في مجال الزراعة (مشروع الجزيرة) إضافة إلى الخدمات الصحية التي كان يقوم بها. وكان يبث هذه الرسالة الإخبارية المصورة عبر ما يسمى في ذلك الوقت بالسينما المتجولة إلى أن تمت سودنة هذه الخدمة عام 1952م وانضم إليها الرواد الأوائل من السينمائيين السودانيين أمثال العم جاد الله جبارة وكمال محمد إبراهيم وحسين ملاسي وتم ابتعاث مجموعة أخرى لأمريكا وقبرص وانجلترا لدراسة السينما، وبعد عودتهم ازدهرت وحدة أفلام السودان وقامت بإنتاج العديد من الأفلام القصيرة الإخبارية لأنه حتى ذلك الوقت لم يظهر التلفزيون السوداني فكانت تلك الأفلام الإخبارية تعرض في صالات عرض السينما قبل عرض الأفلام.

 

> حدثنا عن تطور صناعة السينما السودانية.

 

— تطورت صناعة السينما السودانية حينما فكر العم جاد الله جبارة وكمال محمد في إنتاج أفلام تثقيفية قصيرة تساعد في تنمية وعي وتثقيف المشاهد السوداني في مجالات الصحة والتعليم، فتم إنتاج أفلام (الذهب الأبيض) عن مشروع الجزيرة وفيلم (المنكوب) الذي تناول مرض السل وخطورته في ذلك الزمن من خمسينيات القرن الماضي وفيلم (الطفولة المشردة) 1952م.

 

> نود التعرف على قصة إنتاج أول فيلم سوداني ؟

 

— يعتبر فيلم (تور الجر في العيادة) عن قصة عثمان حميدة أول فيلم سوداني من إخراج جاد الله جبارة ومشاركة إبراهيم خان أحد نجوم السينما السودانية التي أسهمت في السينما المصرية. وفي حقبة الستينيات من القرن الماضي ظهر المخرج الرشيد مهدي وأخرج فيلم (آمال وأحلام) في 1969م وتم عرضه في كل عواصم ولايات السودان. أما في حقبة السبعينيات فتم إنتاج فيلم (عرس الزين) 1973م عن رواية الأديب والروائي العالمي السوداني الطيب صالح ولكن في قانون السينما يعتبر الفيلم كويتياً نظراً لأن منتجه ومخرجه خالد الصديق كويتي الجنسية إلا أن مكان الفيلم والممثلين والكادر الفني كله من السودانيين وأبرز قدرات الممثل السوداني الكبيرة وقدرته على الأداء السينمائي ومنهم الفنان التشكيلي العالمي إبراهيم الصلحي الذي أجاد دور الشيخ الحنين وعلي مهدي. ثم من بعد ذلك أنتج المخرج أنور هاشم فيلم الشروق وفيلم رحلة عيون بطولة صلاح بن البادية ومشاركة النجمة المصرية سمية الألفي ثم إنتج جاد الله جبارة فيلم تاجوج . وفي حقبة الثمانينيات تم إنتاج فيلم (الرحيل) قمت بتنفيذ الإخراج فيه وكان يحكي عن كارثة المجاعة والتصحر التي ضربت السودان في ذلك الوقت. والفيلم تحريض لعودة الناس إلى مناطقهم ليقوموا بالزراعة مرة أخرى بعد انتهاء كارثة الجفاف والمجاعة.

 

> ما هي السمة العامة لمستوى المشاهدة للسينما السودانية المحلية أو الأجنبية ؟

 

— كانت المشاهدة مميزة والأفلام الأجنبية التي تعرض في ذلك الزمن عالية الجودة وإنتاجها حديث وعالمية تعرض في نفس الزمن الذي تعرض فيه في العواصم الأجنبية أو الخارجية أيا كانت ..تم عرض فيلم زوربا اليوناني الشهير كأول عرض في أفريقيا كلها وحضر هذه المناسبة منتج ومخرج الفيلم لدى عرضه بالخرطوم في أواخر ستينيات القرن الماضي.

 

> صالات العرض السينمائي بالسودان اليوم، ماذا عنها ؟

 

— لا توجد صالات عرض بالسودان اليوم سوى ثلاث، صالة عرض قاعة الصداقة وصالة قصر الشباب والأطفال وصالة أسواق عفراء. وصدر قرار بتكوين لجنة عليا تضم مجموعة من السينمائيين الكبار لدراسة أمر دور العرض السينمائي والالتزام بعودة ثلاثة دور عرض سينمائي بالخرطوم وأم درمان وبحري.

 

> ما المشاكل والتحديات والصعوبات التي تقف أمام نهضة السينما في السودان؟

 

— تعتبر السينما صناعة وتجارة وفناً وإذا لم تجد مكانا لتعرض فيه صناعة السينما ستكون هذه مشكلة كبيرة ولهذا لا أقول إن على الدولة إنشاء دور العرض بل يجب أن تساعد الرأسمالية وأصحاب الأفكار السينمائية في إنشائها نسبة لما تقدمه هذه الدُور من معرفة وثقافة للمواطن وبالتالي تسهم الدولة في رعاية وتشجيع كافة الفنون حتى يتم تقديم رسالة هادفة عبر هذه الوسائل الإبداعية من مسرح وسينما وصالة عرض فنون تشكيلية. نحن نخاف على ضياع الشباب الذي يشاهد الأفلام الضعيفة والمبتذلة والإباحية.

 

> التحديات التي تواجه الدراما التلفزيونية السودانية ؟

 

— الدراما السودانية .. لا تواجه أزمة نص أو إخراج أو ممثلين وإنما تعاني من أزمة وجود مكان لعرض تلك الدراما.. لدينا كتاب مسرح وتلفزيون وإذاعة وشعراء لا يجدون من يطبع كتبهم .. وتعاني الدراما التلفزيونية كما تعاني السينما من مكان العرض إلا أن الدراما تجد مكانا في القنوات الرسمية أو غيرها ولكن بمساحات قليلة ولابد للدولة من الاهتمام بالهوية والثقافة والدراما السودانية من خلال عرض المنتج السوداني في التلفزيون القومي وعدم عرض أي مسلسل تركي أو هندي.. ولابد من تجويد الدراما السودانية حتى تجد حظها من المنافسة … وسيتم قيام قناة خاصة بالدراما السودانية سيتم من خلالها عرض الأفلام والمسلسلات السودانية

 

 

 

> هل قدمتم أي تجربة سينمائية تعبر عن رؤيتكم لما عرف بالربيع العربي؟

 

— انفعالا بما يدور حولنا من ثورات الربيع العربي في الفترة القريبة الماضية قمت بإنتاج فيلم (ثورة ألوان) وتحكى فكرة الفيلم عن تداعيات وآثار ومخرجات ما قام به الشباب العربي في بعض الدول العربية الشقيقة. ولقد استطاعت السينما العربية تصوير وتجسيد التطورات السياسية أو ما يسمى بالربيع العربي عبر الأفلام والمسرحيات والمسلسلات ونحن لم نقف متفرجين وإنما طرحنا رؤيتنا من خلال الفيلم الذي قمت بإخراجه.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى