جائزة الثبيتي تثير جدلاً في المشهد الأدبي

الجسرة الثقافية الالكترونية

 

صادق الشعلان

 

على رغم مضي أيام على ختام فعاليات ملتقى جائزة محمد الثبيتي للإبداع، الذي ينظمه نادي الطائف الأدبي، وشارك فيه عدد من الأدباء والمثقفين، إلا أن ردود الفعل ما تزال قائمة، سواء تعلق الأمر بالتنظيم أم بالشاعر نفسه الذي تسمى الجائزة باسمه.

وإذا كان معظم الشعراء يرون أهمية أي جائزة تحمل اسم الثبيتي، فإن هناك من يرى أن مثل هذه الجائزة قد لا تكون موفقة. من الطبيعي أن تختلف الآراء حول أي جائزة، باتجاه تصحيح مسارها مثلاً، لكن على ألا يتـــحول الاختــــلاف في الرأي أو الانتقاد لمجرد الانتقاد، في تقليل من الجهود التي تبذل، ومحاولة للنيل من تجارب عميقة أثرت ولا تزال تؤثر. هنا شهادات لعدد من الكتاب، أدلوا بها إلى «الحياة».

 

عمرو العامري: ضد

الجوائز وأنحاز إلى التكريم

الجوائز أصبحت مثار لغط داخل الوسط الثقافي، وهذا طبيعي لأن القائمين عليها تختلف مرجعياتهم الثقافية والفكرية وذائقتهم الشعرية، بل وتتعرض اللجان أحياناً لضغوط مجتمعية من تيار معين لمنحها لهذا الشاعر أو حجبها عن ذلك.

بالطبع نقدر للجنة وللقائمين على جائزة الثبيتي، ولا يداخلنا شك في نبل أهدافهم وأهليتهم، ونعرف مقدماً اللحظة الصعبة التي يجب عليهم أن يقولوا فيها نقرر منح الجائزة لهذا الشاعر أو ذلك. فالمستوى الشعري متقارب والشاعر الأسطورة بقامة الثبيتي لا يتكرر كل يوم. ولعل النتاج الأجمل لهذه الجوائز هو إحداثها لحراك ثقافي ما، وأنها تعيد للمثقفين سبل التواصل، ويبقى للفوز رمزيته ودلالاته المعنوية قبل كل شيء.

أنا دائماً ضد الجوائز الثقافية، وأنحاز إلى تكريم المثقف أو الشاعر، بناء على الزخم الكبير الذي يحدثه في المجتمع وفي المشهد الثقافي، وإعادته لصياغة اللغة الشعرية ومنحها أفقاً جديداً على مستوى القصيدة أو الوعي. لماذا يتم تجاوز شعراء وشاعرات بحجم الوطن؟

 

حصة البوحيميد: رسم

تضاريس القصيدة الحديثة

الحديث عن جائزة الشاعر محمد الثبيتي للإبداع، التي ينظمها نادي الطائف الأدبي تعد عملاً إبداعياً بحد ذاته، قد لا نوفق فيه إلى إعطائها حقها من الاحتواء كفكرة وأهداف ومراحل ترشيح حتى الإعلان، فهناك مجلس ولجان ترشيح متخصصة ومستقطبة لإدارتها تحت مظلة النادي الإشرافية، وهي الأكثر قدرة على التوضيح والتأطير لمعالم الجائزة. الفكرة التي ترجمتها العقول والجهود إلى عمل ملموس على أرض الواقع، بتقنين وتنظيم وإشباع لفروعها، تحمل معاني ولمسات إنسانية وتحقق أهدافاً أدبية على الساحة الأدبية والثقافية، وانفتاحاً وتعريفاً بأهل الإبداع على الخريطة العربية. وهي لمسة وفاء تجاوزت مكنونية المشاعر إلى الإفصاح الفعلي على أرض العمل، لشاعرٍ يستحق منا هذا التجاوز والتأبين والتأييد. فهو من ترك بصمةً جليةً على معالم الشعر السعودي المعاصر، ورسم بعمق تضاريس القصيدة الحديثة، مميزاً بصوره المبتكرة والمستقاة من بيداء وطنه فجاء شعره يحمل طاقات إيجابية التأثير على مشاعر المتلقي في أقطار الوطن العربي. من هنا تأتي أهمية هذه الجائزة في دعمها للإبداع الشعري وتوثيق الإنجازات، والتشجيع على استمرارية العطاء للشعراء والنقاد والباحثين.

 

جاسم الصحيح:

تحريض إيجابي للشعراء

أهمية جائزة الثبيتي نابعة من أهمية الشاعر الكبير محمد الثبيتي، الذي ارتفع بمنسوب الشعر في المملكة العربية السعودية إلى مستوى الشعر العربي في بقية أنحاء الوطن العربي. قرأ الثبيتي التاريخ الشعري قراءة وافية واستلهم رموزه واستحضر أساطيره بأسلوب فني جميل، تجاوز من خلاله التجارب الإبداعية السابقة وفتح أفقاً جديداً على المستقبل الشعري للأجيال الشعرية المقبلة. الثبيتي شاعر عظيم وهو قنديل القصيدة في مشهدنا الشعري، ولا استغرب تسابق الشعراء إليه، مثل الفراشات يحومون حول ضوئه.

جائزة الثبيتي تهدف إلى أن يتم تخليد ذكرى الثبيتي وتكريمه، عبر الأجيال المتعاقبة، وهذا حق من حقوقه على وطنه. أيضاً هي محاولة جادة لتقديم شعر الثبيتي إلى المشهد الشعري العربي، مع كل دورة جديدة من الجائزة وبذلك يقرأ الآخرون منجزاتنا الإبداعية في المملكة العربية السعودية، خصوصاً أننا المنبع الأول للشعرية العربية. أما الهدف الأهم من الجائزة فهي تشكل تحريضاً إيجابياً للشعراء الشباب كي يواصلوا إبداعهم، بوصفهم امتداداً حياً لتجربة هذا الشاعر الثبيتي الكبير. فشعوري حينما فزت بالجائزة شعور مسؤولية الانتماء إلى الثبيتي، ولو كان عبر جائزة، إنما هو انتماء للقصيدة والجمال والحب والحياة.

الانتماء إلى كل هذه القيم الإيجابية يلقي بالمسؤولية على كاهلي للحفاظ على هذه القيم، ومحاولة الكفاح بالكلمة الحرة من أجل اســــتمرار هذه القيم، وهذا لعَمري مسؤولية كبرى ليس بعدها ما هي أكبر.

 

محمد الشقحاء:

عبقرية شعرية

الشاعر محمد الثبيتي عبقرية شعرية في زمن انحسر فيه مد البحر الشعري. وقدم النص المبهر الذي حرك الساكن في الساحة الأدبية. وتبني نادي الطائف الأدبي لجائزة أدبية باسم محمد الثبيتي هو اعتراف بهذه العبقرية، وكما تعودنا من نادي الطائف الأدبي جاء التنظيم مكتملاً. في الدورة الأولى تحقق الهدف. وفي الدورة الثانية تألق الهدف. وهناك فرق التحقيق والتألق، وهنا يأتي نادي الطائف الأدبي الذي تميز عن بقية الأندية بجائزة حقيقية علمية وفكرية وأدبية، عبر فروعها الثلاثة. وهذا فشل فيه الآخرون مع أنهم يملكون القدرة على المنافسة. وإن لم أحضر شخصياً حفلة الاحتفال بالجائزة، لكني أشعر بأن جميع من حضر على قناعة تامة بالنجاح الكامل، من خلال لجنة الجائزة أو أعضاء نادي الطائف الأدبي. وأتمنى أن يضاف إلى جائزة الدراسة الخاصة بالمناسبة، الدراسات الأكاديمية المستقلة المطبوعة، التي تناولت شعر محمد الثبيتي، وبين يدينا ثلاث دراسات جامعية ماجستير ودكتوراه حول الثبيتي الشاعر.

المصدر: الحياة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى