جائزة الرواية اللبنانية.. مشروع تحقق

الجسرة الثقافية الالكترونية

 

اسكندر حبش 

 

 

من سنوات قليلة، كان الأمر مجرد فكرة بعيدة التحقق: أن تكون هناك جائزة للرواية اللبنانية. ربما كان علينا أن نقول، منذ عقود قليلة، كانت «الرواية اللبنانية» مشروعا «شبه متعثر»، بمعنى أن هذا النوع الأدبي عندنا كان يبحث دائما عن أسباب وجوده الحقيقية، في ظلّ بقائه في مرتبة لاحقة للشعر مثلا. تغيّر الأمر بالتأكيد في سنيّ القرن الماضي الأخيرة، لتعرف الرواية في لبنان نهضة كبيرة بفضل أقلام عرفت كيف تحفر عميقا في المشهد الإبداعي.

مشهد «يتكامل» اليوم، مع وجود هذه الجائزة، جائزة وزارة الثقافة للرواية اللبنانية المكتوبة بالعربية التي علينا أن نعترف أنها لما كانت شهدت النور لولا إصرار وزير الثقافة الحالي ريمون عريجي على تحقيق الفكرة، وليؤمن لها الدعم المادي واللوجستي اللازم. إننا في النسخة الأولى منها. أُعلن عن إنشائها في أيار الماضي، وطلب من الجميع تقديم وترشيح أعمال عن فئتين: الأولى للروائيين «المكرسين» أي الذين سبق لهم أن نشروا روايات قبلا، والفئة الثانية خاصة بالشبّان «أو الناشئين والناشئات»، الذين لم ينشروا بعد، ليقدموا مخطوطاتهم، والفائز منهم تتكفل الوزراة بطباعة كتابه.

لوهلة قد يظن المرء أن المشروع سيغيب في الذاكرة كباقي المشاريع التي نعلن عنها في هذا البلد. بيد أننا لم ننجح في ظنوننا، إذ أعلنت النتائج أمس في مؤتمر صحافي عقده وزير الثقافة والمدير العام للوزارة فيصل طالب ورئيسة لجنة التحكيم يمنى العيد وبحضور باقي أعضاء اللجنة التي تألفت من جورج دورليان وسميرة آغاسي ولطيف زيتوني وديزيره سقال وشوقي حمادي وخليل أبو جهجه وعبد المجيد زراقط ووجيه فانوس وميشال معيكي.

الرواية الفائزة كانت «غريقة بحيرة موريه» لأنطوان الدويهي (الدار العربية للعلوم ناشرون)، والمخطوط الفائز بعنوان «فاقد الهوية» لحنان فرحات. وإذا كان علينا أن ننتظر طبع المخطوط لنكتشف الكاتبة الجديدة التي تدخل إلى حياتنا الأدبية، إلا أننا لا نستطيع إلا احترام خيار اللجنة بمكافأتها واحدة من أجمل الروايات التي صدرت ـ برأيي الخاص ـ في السنوات الأخيرة في لبنان. وإن كان لي أن أدلي بدلوي في هذا المجال، تبدو الجائزة في نسختها الأولى، على كثير من المصداقية والجدية والاحترام تجاه المرشحين، وإن لم يبدُ المرشحون (الروائيون) على كثير احترام تجاه جائزة تحمل اسمهم. أقول ذلك وأنا أفكر بالقول: «جائزة للرواية اللبنانية بدون روائيين». ولكي لا تثير الجملة حفيظة أحد أستدرك شارحا ان حفل التوزيع لم يشهده أي روائي، إذ غابوا بأسرهم (يجدر التنويه أن الكاتبة الشابة حنان فرحات كانت موجودة خلال حفل توزيع الجوائز)، مع العلم أن الوزارة اتصلت بجميع المرشحين لدعوتهم. أضف إلى ذلك انه لولا وجود رانيا المعلم (من «دار الساقي») وعزة الطويل (من «شركة المطبوعات المصورة») لقلت أيضا إن الناشرين غابوا بدورهم، وهنا أمر لا أفهمه: هل معنى ذلك أن الدور تنشر فقط من دون أي اهتمام بكتّابها، ولا حتى أدنى اهتمام بالكتاب الذي أخرجته إلى النور؟ سؤال يبدو بحاجة إلى إجابة وبخاصة في تلك اللحظة التي كان على اللجنة تسليم الجائزة فيها إلى الدويهي فهو لم يحضر مثلما لم يحضر أي ممثل عن دار النشر فكان الاتفاق «على الطريقة اللبنانية»، إذ صادف وجود الشاعر جرمانوس جرمانوس، (الذي ينحدر من المدينة عينها التي ينحدر منها الدويهي) فطلب منه استلامها عنه.

في أي حال، هي النسخة الأولى من هذه الجائزة. وبانتظار النسخة الثانية التي ستعلن في حزيران 2016، ربما تغير الوضع، وانتبه الروائيون أكثر إلى هذه الجائزة التي تحمل اسمهم.

 

المصدر: السفير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى