جوائز الدولة تعانق عوالم صناعة الأفلام الأردنية

الجسرة الثقافية الالكترونية
* ناجح حسن
المصدر / الراي الاردنية
جاء الاعلان عن جوائز الدولة التقديرية والتشجيعية لعام 2014 التي فاز بها مجموعة من المبدعين الاردنيين في حقل صناعة الافلام والاشتغالات السمعية البصرية تأكيدا على أهمية هذا الحقل التعبيري في الثقافة المحلية، خاصة مع تلك النجاحات التي بدأت تحصدها صناعة الافلام الاردنية في اكثر من مهرجان عربي ودولي في السنوات القليلة الفائتة، التي كان احدثها الفيلم الروائي الطويل (ذيب)، والفيلم التسجيلي الطويل (المجلس) ليحيي العبدالله، وغيرهما من الافلام القصيرة المنجزة ضمن قواعد واحكام «السينما المستقلة».
ذهبت جوائز الدولة التقديرية والتشجيعية الى مخرجين مكرسين ومخضرمين في العمل السمعي البصري الذين شقوا طريقهم في هذا النوع من الثقافة بثبات وصبر كرواد وشباب يمتلكهم طموح صناعة افلام اردنية، ولذلك لم يكن غريبا ان يظفر المبدعان الرائدان عدنان الرمحي وموفق رفيق الصلاح بتقاسم جائزة الدولة التقديرية في حقل الفنون والى جوارهما المخرج الشاب معتز جانخوت صاحب العديد من الافلام التسجيلية اللافتة والتي كان احدثها فيلمه الطويل (وطن).
لا شك ان التفات وزارة الثقافة لمبدعين اردنيين في مجال صناعة الافلام بعد غياب، منح جوائز الدولة التقديرية القدرة على تعزيز هذا الابداع الاردني بالوان جديدة من فنون السرد الفيلمي لقصص وحكايات عبر تقنية وجماليات السرد السمعي البصري، في اتساق مع قول وزيرة الثقافة د. لانا مامكغ في المؤتمر الصحفي الذي جرى فيه الاعلان عن اسماء الفائزين بالجوائز « اننا نفخر وتعتز بدعم جلالة الملك عبد الله الثاني وتوجيهاته السامية برعاية المبدعين وتكريمهم تقديرا وعرفانا بجهودهم المميزة، لاسيما ان منح الجوائز هذا العام يتزامن مع تطورات وانجازات في قطاع الثقافة في محافظات المملكة».
من ناحيته أوضح المخرج عدنان الرمحي الذي يعتبر من رواد صناعة الافلام ومسلسلات الدراما المحلية، اهمية الاشتغال على الجيل الجديد وتطوير ذائقتهم وقدراتهم السمعية والبصرية ليخوضوا غمار حقل صناعة الافلام بمواهبهم مدعمين بالدراسة والتدريب، مشيرا ل (الرأي) الى دور الصورة والفيلم بانواعه التوثيقي والدرامي أو التجريبي في تسجيل اسئلة الحياة اليومية وتدوين الواقع بسائر تجلياته.
ويستعيد الرمحي محطات اولى في محاولات صناعة الافلام الاردنية التي كانت تركز على البعد التوثيقي لجوانب من التنمية المحلية ولحؤراك الحياة اليومية سواء على الصعيد السياسي او الاجتماعي او الثقافي والاقتصادي والتربوي والتي كانت تتم من خلال قسم السينما الذي كان يتبع وزارة الاعلام قبل ان يجري نقله الى التلفزيون الاردني.
وثمن الرمحي المولود العام 1943 والذي انهى دارة السينما والتلفزيون في برلين المانيا العام 1965، قيمة تلك الاعمال التي انجزت بروح من التعاضد والتكاتف بين الزملاء ومنحت الخبر الاردني صدقيته وهي مدعمة بالألق والامتاع للمتلقي، مشيرا ايضا الى جرى تقديمه من جملة اشتغالات درامية خلال مرحلة مبكرة من تأسيس التلفزيون الاردني، والتي بدورها مهدت الطريق امام انطلاق اعمال متنوعة ومشبعة بتلك اللمسات التوثيقية التي تصور تحولات الناس والامكنة في اكثر من حقبة زمنية، كما انها اشرت على وقائع واحداث عايشها افراد وجماعات من سائر مكونات المجتمع الاردني.
وحول تجاربه في صناعة الافلام التسجيلية بيّن الرمحي الحاصل بكالوريوس الإخراج من برلين، انه قدم مجموعة من الاعمال من خلال شركته الانتاجية التي اسسها في المانيا، كان من بينها الفيلم التسجيلي الطويل المعنون «رحلة المشتى» العام 1996 وفيه توثيق لتلك الجماليات والمفردات الاثرية التي تتمتع بها القصور الصحراوية في الاردن ، لافتا الى ان الفيلم تتبع فيه عبر الصورة الفوتوغرافية والوثيقة الفيلمية احوالا اجتماعية وسياسية تعود الى بدايات القرن الفائت في المنطقة العربية وفي المانيا وانكلترا وفرنسا، تبين وسائل وطرق كان يلجأ اليها افراد ومؤسسات اجنبية للتنافس على جلب الاثار الانسانية، وخصوصا تلك الموجودة في بيئتنا، لتستقر لاحقا في متاحف الغرب.
ويستعرض الفيلم ان العديد من القطع الاثرية جرى نقلها الى المانيا عبر القطار لغاية تأسيس اول متحف اسلامي هناك وهي ترمي ايضا الى ترميم وحفظ القطع الاثرية الخالدة في فنون العمارة الاسلامية الموزعة بين بلاد الشام وتركيا والمغرب العربي من العبث والاهمال.
وحول فيلمه التسجيلي (الحياة في الجنة) العام 1998 فانه صور باسلوبية التوثيق وقائع تاريخية في الصحراء العربية الكبرى من خلال تلك الرسومات والصور التي اكتشفت في كهوف وجبال الصحراء الجزائرية والتي يقطن فيها رجال الطوارق.
ويقول الرمحي الذي ينوي الاستقرار في الاردن لممارسة اعماله الانتاجية، انه فكر قبل تأسيس التلفزيون الاردني بالعمل في صناعة السينما المصرية، بعد ان تعرف على اقطاب هذه السينما هناك، وأنه بدأ في الاستعداد لانجاز فيلم وثائقي عن احدى مرشدات السفن في قناة السويس وذلك اثر تأميم القناة ، مبينا انه كانت لديه اصلا الخبرة في العمل السينمائي حين صور بكاميرا 35 ملم فيلما عن احدى المسرحيات كانت تعرض ببرلين العام 1965، وفيه رصدت الكاميرا السينمائية حركات الممثلين وتكويناتهم الجسدية في التفاعل مع النص، وهو عمل جرى عرضه في مسابقة مهرجان اوبرا هاوزن في المانيا العام 1966.
ويضيف الرمحي انه تزامن مع افتتاح التلفزيون الاردني العام 1968 ، حقق الفيلم التسجيلي « عشرون عاما» تسجيلا عن حياة اللاجئين الفلسطينيين في الاردن، ثم قدم دراما (فندق باب العمود) عن قصة لامين شنار، ومجموعة افلام توثيقية عن مناطق بوادي الاردن ووادي رم والبترا والعقبة، بالاضافة الى ثلاثة أفلام تسجيلية بعناوين: (اقرأ)، و(صور على الحيطان)، و(الطبل في القبر)، وفي جميعها تناول رغم شح الامكانيات المادية والتقنية، اوضاعا من البيئة الاردنية في قطاعات الزراعة والسياحة والتعليم والمعرفة والموروث والذاكرة الشعبية، حيث انجزت باسلوبية صناعة الفيلم السينمائي.
وقدم الرمحي من خلال شركة الانتاج التلفزيوني والاذاعي والسينمائي ثلاث تجارب في الفيلم الروائي منها فيلم (الحنان المر) عن ذوي الاحتياجات الخاصة في الاردن، والحائز على جائزة أفضل اخراج في مهرجان التلفزيون العربي الرابع في تونس