جولة في العتمة وما هو أحلك وأبعد.. قراءة في ديوان “عتمة” للشاعرة إسراء زاهر

الجسرة الإلكترونية الثقافية
إبراهيم الغمري
المصدر: إيلاف
منذ اللحظة الأولى يصدمك ديوان «عتمة»، عنوانه صادم، وغلافه الجريء الذي جاء خالياً من الألوان إلا الأسود (لون العتمة)، والكتابة عليه سوداء لامعة تبرز الكلمات وكأنها كتلٌ مضيئةٌ ولامعةٌ في عتمة السواد. في ديوانها الأول «عتمة»، قدمت الأستاذة إسراء زاهر قصائد مليئة بالحزن والفقد والشجن، ومرتديةً وشاحاً عريضاً من العتمة، فالاشتياق يولّد العتمة والحزن يشعرك بالعتمة والفقد يجعلك لا تخلعها، حتى لو حلّت أزمنة العيد والفرح … في قصيدة من الديوان تكتب : اسمع أنت لم تأتِ حتى الآن ولا العيد … تعال وأحضر العيد معك انتظِرُك في تقديمها للديوان تقول «لما بداخلي من نور»، تهدى العتمة إلى ما بداخلها من نور في تضادٍ غريب، معلنة صراعاً بين العتمة التي ترتدي قصائدها وذلك النور الذي بداخلها، وما أن ينطلق الديوان في قصائده حتى يبدأ الإعلان عن وحشة الغياب والخوف المريع، تقول في إحدى قصائده : في غيابك أقسم كل شيءٍ إلى نصفين وأحفظ لك حصةً من كل شيءٍ وأدعو أن تأتي قبل أن تفسد حصتك وأفسد أنا كثير من قصائد الديوان رغم قلة كلماتها تشعرك أنك أمام قصة قصيرة، لها بدايتها وتنتهي مع نهايتها، وهو ما يعكس ذكاء الشاعرة في استثمار الكلمات القليلة ونجاحها في رواية قصة قصيرة جداً، تقول: كانت عيناه معلَّقتين في وجهِها امتلأَ بالصدق ما أبكاها لم يكُن صدقُه بل كذبُها ورغم أن الشاعرة لم تورد كلمة «عتمة» في أيٍ من قصائد الديوان، إلا أن الشعور بالحزن والاشتياق والفقد الذي يلمسه القارئ لقصائده يشعرك أنك أمام عتمة إن لم تكن بداخلها، وفي خاتمة تتجلى فيها كثيرٌ من المعاني، وبعد أن تجول في صنوف العتمة تخشى ما هو أحلك وأبعد، لتقترب من القول أن هناك ما هو أشد ظلمةً من العتمة، تخاطبه قائلة : «هل أطلبُ الكثير حين أسألك ألا تموت؟».