حاكم الشارقة يفتتح مؤتمر الناشرين العرب الثالث ويكرم المعلم

الجسرة الثقافية الالكترونية

 

محمد الحمامصي

 

تساءلت الشيخة بدور بنت سلطان بن محمد القاسمي، المؤسس والرئيس الفخري لجمعية الناشرين الإماراتيين، في كلمتها الافتتاحية أمام مؤتمر الناشرين العرب الثالث، الذي تستضيفه إمارة الشارقة، وينظمه اتحاد الناشرين العرب وجمعية الناشرين الإماراتيين المؤتمر وافتتاح الشيخ سلطان القاسمي حاكم إمارة الشارقة، تحت شعار “صناعة النشر: آفاق وتحديات العصر الرقمي”، تساءلت: هل أخاطب المشاركين في هذا المؤتمر بلهجة إيجابية عن المستقبل أم أناقش التحديات المختلفة التي تواجه صناعة النشر في العالم العربي؟ هل أتجاهل العوائق التكنولوجية والتقنية والاستراتيجية التي تواجه قطاعات النشر في هذه المنطقة من العالم أم أستعرض فقط الفرص العديدة المتاحة أمامنا في العصر الرقمي؟”

 

وأضافت أنها لم تجد جوابا واحدا لكل سؤال، فالموضوع مركب ومعقد والعوامل المؤثرة فيه متداخلة تحتاج إلى أكثر من خطاب وأكثر من مؤتمر لدراستها وتحليلها.

 

وأكدت أن حجم المتغيرات التي طرأت على قطاعات النشر في السنوات القليلة الماضية وطبعتها المعقدة ووتيرتها المتسارعة فرضت علينا رؤية جديدة ليس فقط كناشرين في العالم العربي بل في العالم أجمع، واليوم مع التغيير المتواصل أصبح دورنا كناشرين في العالم العربي والعالم كله أكثر أهمية من أي وقت مضى لشرح مواقفنا وأدورانا والنقاش مع جميع الأطراف المعنية بالنشر من كتاب وناشرين وموزعين وحكومات ومنظمات عالمية.

 

وقالت الشيخة بدور القاسمي: إن انعقاد هذا المؤتمر في إمارة الشارقة ودولة الإمارات يعكس الدور المهم لحكومتنا على المستوى الإقليمي والعالمي وجهودها في دعم المعرفة والعلوم والثقافة بصفة عامة وصناعة النشر بصفة خاصة، فقد حلت دولة الإمارات في المرتبة الأولى على مستوى دول غرب آسيا وشمال أفريقيا، والـ 36 عالمياً من بين 143 دولة في مؤشر الابتكار العالمي لعام 2014، وهو ما يعكس مدى حرص حكومتنا على تطبيق أفضل الممارسات في مجال محاربة القرصنة وحماية الملكية الفكرية، نظراً لدورها المحوري في تعزيز جاذبية بيئة الإبداع ودعم الاقتصاد المعرفي، ويأتي هذا التوجه أيضا كواحد من أهم أولويات قيادتنا الرشيدة في العام 2015 الذي أعلن عنه كعام للابتكار في دولة الإمارات”.

 

وحول تحدي الملكية الفكرية، قالت الشيخة بدور القاسمي: “إن موضوع الملكية الفكرية هو موضوع محوري في صناعة النشر، وهو أحد أهم أطراف معادلة النجاح أو الفشل في توفير بيئة حاضنة لصناعة النشر والإبداع، وقد أثبتث الدراسات أن الدول التي وضعت قوانين صارمة واستراتيجيات فعالة لحماية الملكية الفكرية، مثل سنغافورة وكوريا الجنوبية، تشهد ازدهاراً صناعياً واقتصادياً، ورواجاً ثقافياً وعلمياً وإبداعياً يساهم بإيجابية في دعم وتنشيط دورة الحياة بشقيها الأساسيين: الثقافة والاقتصاد”.

 

ودعت المؤسس والرئيس الفخري لجمعية الناشرين الإماراتيين جميع الأطراف المعنية بقطاع النشر إلى فتح نقاش مسؤول وموضوعي حول إعادة تعريف مبدأ حرية النشر، مشيرة إلى ضرورة أن تعكس المعايير الدولية، التنوع الثقافي والفكري لكل البلدان التي تطبقها، مطالبة المشاركين في هذا المؤتمر بمناقشة هذه القضية المهمة بقدرٍ كافٍ من التسامح والمرونة، يُعبّر عن احترام الجميع لمبدأ حرية النشر واحترام ثقافات الشعوب وخصوصيتها”.

 

وختمت الشيخة بدور القاسمي حديثها قائلةً: “إذا كان الكتاب هو مرآة المجتمع، فإن قطاع النشر هو المحرك الفعلي للفكر، وتنشيط هذا القطاع يكمن في رعاية كافة العناصر التي تضمن له الازدهار والاستمرار، كي نكون قادرين على مواكبة المتغيّرات اليومية واستيعابها والاستفادة من الفرص التي تطرحها”.

 

وأكد الناشر محمد على بيضون الأمين العام لاتحاد الناشرين العرب علينا أن نضع نصب أعيننا أن النشر والكتاب والثقافة بشكل عام جميعها أعمدة بناء الأجيال القادمة التي ستتولى مسئولية النهوض بالمجتمع في المستقبل. لعقود طويلة كانت وسيلة النشر هي الكتاب الورقي والصحف والمجلات، أما الآن في عصر التكنولوجيا وتطوراتها الهائلة أصبحت هناك وسائل أخرى للوصول للمعلومة، ومن ثم كان علينا أن نعمل جاهدين لمواكب التطور التكنولوجي والرقمي.

 

وقال بيضون “لا يزال للكتاب الورقي ثقله الكبير في مجتمعاتنا بدليل هذا الكم الكبير من معارض الكتاب عربيا وعالميا ونسبة المبيعات التي تحققها هذه المعارض عاما بعد عام، ومع كل ذلك الكتاب الورق سيبقى له دور، ولن تتمكن التكنولوجيا بكل ما تحمله من تطور وعلوم أن تنهي دوره، علينا أن نكون مستعدين لمواكبة عصر الكتاب الرقمي الذي ينتشر بوتيرة متسارعة”.

 

وأضاف “نحن على ثقة كاملة أن النشر الرقمي والكتاب الرقمي قد أخذا حيزا لا بأس به في السنوات الأخيرة ولكن الكتاب الورقي له راغبه ومتعة المطالعة الحقيقية لا تكتمل إلا بالكتاب الورقي. هذه وجهة نظري الخاصة وربما لا يؤيدني الكثير فيها. إن النشر الرقمي وانتشار الحلول الثقافية بين الدول شكل غزوا ثقافيا لعالمنا العربي والاسلامي عبر ترجمة الكتب الغربية للغتنا العربية وهذا شيء محمود من أجل الاطلاع على العلوم التي جعلتهم يتقدمون بها علينا ودورنا نحن أن نقوم بنشر ثقافتنا من خلال ترجمة تراثنا وكتبنا باللغات الأجنبية لتصدير ثقافتنا وحضارتنا لجميع دول العالم”.

 

ولفت ريتشارد شاركن رئيس اتحاد الناشرين الدوليين والمدير التنفيذي لدار بلومزبيري أن صناعة النشر تواجه أوقاتا صعبة في مواجهة النشر الرقمي، والناشرون يتعرضون للخطر وكلنا يعلم ما حدث للناشر البنغلادشي أخيرا، ومع ذلك يدركون قيمة النشر وحجم المخاطر التي يمكن أن يتعرضون لها.

 

وقال شاركن إن الناشرين العرب لا بد أن يكونوا لاعبين رقميين والتوسع في تغطيات احتياجات القارئ الآن، وأعرب عن تقديره للظروف التي يمر بها مجتمع الناشرين العرب وما يتعرض له من سوء الحظ وعراقيل.

 

وأضاف أن اتحاد الناشرين الدوليين يمد يد التعاون والتواصل مع الناشرين العرب، وقد رحب الاتحاد أخيرا بقبول عضوية كل من الجزائر والسعودية وتونس وبصدد دراسة ملف عضوية الأردن.

 

وقال الروائي والمسرحي اللبناني إلياس خوري إن الاحتفاء بالكتاب هو احتفاء بالقعل والوجدان وإرادة الحياة، الكتاب هو وطن المنفيين والمسافرين في صحراء الكون، إنه الحاوي الأخير لإنتاج القيم والمعاني. إن الكتابة هي مزيج من عالمي السفر والحلم، في السفر نكتشف العجيب وفي الحلم نسافر إلى أعماقنا، والحكاية هي مزيج من الواقع المعيشي والحلم.

 

وأضاف خوري “لمواجهة الانحطاط دعانا خليل حاوي إلى خلع الوجود المستعار وها نحن نكتشف اليوم أن ما هو أكثر صعوبة من خلع الوجود هو خلع الكلمات المستعارة من أجل الوصول إلى القدرة على الكتابة بحبر الحرية، لا خوف على الحرية من القمع ولا خوف على الكتابة، فالكلمات الملائمة هي الجسر الذي يعبره الإنسان في بحثه عن المعرفة والتحرر من الاستبداد”.

 

وفي ختام الجلسة الافتتاحية كرم الشيخ سلطان بن محمد القاسمي حاكم إمارة الشارقة الناشر المهندس إبراهيم المعلم، أحد أعلام صناعة النشر في مصر، ورئيس مجلس إدارة مجموعة “الشروق”، وتم عرض فيلم تسجيلي عنه، تحدث فيه المعلم عن نشأته في بيت والده محمد المعلم، كما تحدث عدد من الكتاب الذين نشر لهم كتاباتهم مثل أهداف سويف وأحمد مراد وعاصم شلبي، واستعرض الفيلم لقطات من صور عائلية وشخصية للمعلم.

 

يذكر أن المؤتمر يستمر لمدة يومين ويشارك فيه أكثر من 50 متحدثا من الوطن العربي والعالم إلى جانب 250 مشاركاً متخصصاً في جلسات المؤتمر التي تتناول موضوعات متنوعة تشمل: المكتبات، والتعليم، والملكية الفكرية، وحقوق الملكية والقرصنة الرقمية، والتوزيع الإلكتروني، وحرية النشر، والترجمة واللغة العربية، وتطور قطاع النشر، وتطوير المحتوى. وستساهم خبراتهم الطويلة في مجالات اهتمامات المؤتمر بإثراء النقاشات والحوارات التي سترصد واقع صناعة النشر وتستشرف مستقبلها.

 

 

 

المصدر: ميدل ايست اونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى