«حرب السوس» تروي ضمن «أيام الشارقة» قصة الأرض والإنسان

الجسرة الثقافية الالكترونية
محمد جميل خضر*
المصدر / الراي
– الرغبة الصادقة بتمثّل روح أبي الفنون، هو العنوان الذي تجلى أكثر من غيره في المسرحية الإماراتية «حرب السوس» التي عرضت أول من أمس على مسرح قصر الثقافة، ضمن فعاليات الدورة 25 من مهرجان أيام الشارقة المسرحية، من تأليف حميد فارس وإخراج فيصل الدرمكي.
العرض الذي يمثّلُ مشاركة جمعية كلباء للفنون الشعبية والمسرح في عروض الأيام، شارك فيه تمثيلاً: عادل سبيت، رانيا العلي، جمال السميطي، إبراهيم العضب، محمد آل رحمة، جوهر سعيد، محمد جمعة وخليفة ناصر.
يتمسك العرض الذي تابعه جمهور الأيام من داخل إمارة الشارقة ومن خارجها، بقيمة الأرض وقيمها، ويعاين أثر الدمار البيئي والوبائي الذي يمكن أن يصيب غابات النخيل وبساتين الرزق الحلال عند تعرضها لسوس الخراب، أو عند ابتلاء العذوق بحفّار القبور.
إنه (أي العرض) في هذا السياق ومن خلاله، يربط درامياً ما بين سوس النخيل وسوس المعنى، مقدماً لفتة إنسانية طيبة للناس الذين ما يزالون يجنون أرزاقهم مما يزرعون ويأكلون مما ينتجون. وفي تفاصيل النص وعناوينه تجفف الكراهية منابع الحب، وينهض الحقد والحسد كموجهيّ قوة ومحركيّ وجهات.. وتتعربش الضغينة سلالم الروح وموجبات الندى سارقة هدأة البال من وجدان الناس المعانقين حبات رمل أرضهم.
فما الذي يبقى بعد كل ذلك؟ الحب النقيّ الصافي الخالي من الشهوات، الوفاء المبارك لحامل أيقونة الأرض ورافع عذق النخيل عالياً كأنه الأمن والأمان والغذاء والدواء والحياة. وما الذي يبقى بعد أن يتسلل السوس للحاء الحياة نفسها، ويلقي بأسفاره عميقاً داخل خلايا العقل والجسد؟ تبقى صرخة الصدق في وجه الأسى، وتبقى عدالة الأرض وحضنها الدافئ لمن يبرّها من أبنائها.
العرض الذي أدلى بدلوه فيه فنياً وإدارياً كل من: عبد الرحمن الملا مخرج مساعد ومصمم رقصات، مبارك الفاشي مصمم ديكور، أمجد علي مصمم صوت، يوسف الدرمكي تنفيذ صوت، عارف سلطان إدارة إنتاج، فهد سعيد إدارة مالية وآدم علي مصمم إضاءة، وعلى صعيد شكله والسينوغرافيا الخاصة به، اجتهد ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وجعل مفردات الديكور جميعها مصنوعة من مكونات النخيل من جذوع وعذوق وأوراق وأجواء.
الأكثر سطوعاً كان صوت الأسى، في متوالية الآباء والأبناء، والأكثر تجلياً صرخة الأب: «النخيل يموت واقفاً». وأما الأكثر مرارة فهي الصرخة المدوية النابضة بالرفض والغضب والحياة: «الحامي حرامي» أو كما نقول نحن في بلادنا: «حاميها حراميها».
في سياق متصل أقامت إدارة المهرجان أول من أمس قبيل مسرحية «حرب السوس» حفلاً تكريمياً للفنانة سعاد العبدالله مكرمة المهرجان التي سلمها الشيخ د. سلطان بن محمد القاسمي درع جائزة أفضل ممثلة خليجية لهذا العام.