حسن ظاظا في أبحاثه: نعرة العنصرية لا تظهر إلا في مجتمع مصاب بعقدة الضعة

الجسرة الثقافية الالكترونية

 

محمد الحمامصي

 

في هذا الكتاب “أبحاث في الفكر اليهودي” يجمع د. حسن ظاظا ثلاث مقالات ينتظمها حرص على معرفة أعمق لأمة ظهر بوضوح عداؤها للعرب والمسلميين، ومحاولتها تصديع كيانهم وتقويضه بكافة الوسائل، من الدس والتشويه والتلويث، إلى الدعاية التخريبية ضدهم في جميع أنحاء العالم، إلى التعاون مع كل عدو لهم طامع فيهم، إلى تزيين الخيانة لبعض ضعاف النفوس منهم، إلى ضربهم في ميادين المال والأعمال، وأخيرا إلى اغتصاب أرضهم، وإجلاء سكانها منها، وسفك دمائهم بقوة السلاح.

 

كل هذا في رؤية د. ظاظا تنطلق به ظواهر تاريخية محددة، منذ القدم وحتى الأزمان المعاصرة التي شهدت جرائم الصهيونية، يرتكبها قادتها كل يوم، وعلى مرأى ومسمع من العالم الذي يزعم أنه متحضر، دون أن تجد ضحايا هذا التشكيل العنصري الرهيب أية وقفة جدية في سبيل الحق والعدل في دنيا الأنانية والقماءة والجشع التي تعيش فيها.

 

أحد أبحاث الكتاب الصادرة طبعته الثانية في سلسلة مكتبة الأسرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب “القدس مدينة الله أم مدينة داود” وفيها يرسم المؤلف الخطوط العريضة لتاريخ المدينة العريقة قبل اليهود، بتخطيطها ووصف إقليمي لها، ثم ما كان من قيام حكم داود وسليمان عليهما السلام في طرفها الشمالي الغربي، بعيدا عن حوزة المسجد الأقصى وقبة الصخرة وكنيسة القيامة، وما يتبع ذلك من آثار عمرانية موغلة في القدم، مستقلة تمام الاستقلال عن الأشياء الطارئة على المدينة مع اليهود القدماء إلى أن دالت دولتهم.

 

ويبرر د. ظاظا عنوانه “مدينة الله أم مدينة داود” أن اليهود درجوا على تسميتها “مدينة داود حتى في نشيدهم الصهيوني، بينما يتضح من سيرة سيدنا إبراهيم عليه السلام أنها كانت “مدينة الله” عندما حل بها ضيفا على أميرها “ملكي صادق كاهن الله العلي، وهو حاكم فلسطيني صالح كان إبراهيم ـ حسب ما جاء في التوراة الموجودة بين أيدي اليهود الآن ـ يصلي معه، ويلتمس بركته، كل هذا قبل داود بما يقارب ألف سنة.

 

أما البحث الثالث فهو تعليق المؤلف على بحث ترجمه حول تاريخ الأنبياء عند بني إسرائيل للعلامة الييهودي م. ص. سيجال، وقد قام سيجال بإعداده باللغة العبرية الحديثة وأهداه إلى السياسي الصهيوني هيرتس الحاخام الأكبر لبريطانيا وما وراء البحار بمناسبة بلوغه سن السبعين.

 

ورأى المؤلف أن بحث سيجال على إيجازه فهو بحث قيم في دراسة تاريخ الأديان ومقارنتها، ويشرح بجلاء فكرة اليهود عن النبوة بما لا يدع مجالا للشك في أنها تختلف عن فكرة المسلمين اختلافا تاما، على حين يشعر الدارس بأن المسيحية تقف بين بين.

 

وفي البحث الثالث “الدولة الصهيونية والتعصب العنصري” يرصد المؤلف للأبعاد السحيقة للطغيان الصهيوني منبها ومحذرا من خطرها، حيث رأى أن صهيونية اليوم تعتبر استمرارا لتلك العقيدة القديمة التي نشأت في الوجدان اليهودي في عصور الاضطهاد، وقال إن نعرة العنصرية لا تظهر إلا في مجتمع مصاب بعقدة الضعة، مع تأخر فكري وثقافي وجمود روحي مزمن، فهي إنن حالة مرضية فريستها مجموعة بشرية ضعييفة تقع في وسط محيط من مجتمعات أقوى منها، فترى في العزلة والانطواء ورفض الأخذ والعطاء مع المجتمعات القوية الأخرى الوسيلة الوحيدة للحفاظ على الكيان، فتخترع لنفسها نسبا محددا تدعي أنه لم يختلط بغيره، معللة ذلك بأن قوة غير منظورة قد رشحتها لدور قيادي دون البشر جميعا، وأنها بفضل تلك القوة الخفية تبقى نقية الأعراق عبر الزمان والمكان”.

 

وأضاف “مع الزمن تتراكم حول هذا الشعور أساطير وحكايات وجداول للأنساب ومناقب للآباء والأجداد، تتخذ بريقا سحريا في عين السذج والجهال من عامة هذه المجموعات البشرية فيقوم حول ذلك كله بناء خرافي من العقائد العنصرية الانعزالية الخطيرة على الحضارة وعلى الإنسانية جمعاء.

 

والذي لخص إصابة اليهود بهذا المرض ما يردده شيوخهم في العصور المظلمة ونجده أكثر من مرة في التلمود والمدراش من مثل قولهم “كما أن العالم لا يمكن أن يعيش بلا هواء فإنه لا يمكن أن يعيش بدون إسرائيل”.

 

وأوضح أن النعرة العنصرية تبقى سياجا حول اليهود مثل أسوار الجيتو “اهتموا بالانتساب إلى أسلاف كبار في مقدمتهم يعقوب بن اسحق بن إبراهيم الذي سمي إسرائيل لأنه كما يقول الرواة في سفر التكوين قد اجتاز اختبارا في المصارعة أمام الله أثبت فيه قوته لدرجة أنه غلب الله نفسه، تعالى عن ذلك، فسمي في تلك اللييلة إسرائيل أي قوة الله.

 

المصدر: ميدل ايست اونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى