حوار مع الأستاذ إبراهيم الجيدة رئيس نادي الجسرة الثقافي الاجتماعي

الجسرة الثقافية الالكترونية-خاص-

 

 

نادي الجسرة الثقافي الاجتماعي بالدوحة الذي يعود تاريخ تأسيسه لسنة 1960 والذي يرأس مجلس إدارته الأستاذ إبراهيم الجيدة حافل بالفعاليات الثقافية الهادفة: ندوات تظاهرات ثقافية وفكرية إصدارات، مجلة الجسرة ومجلة التشكيلي العربي ومجلة الطفل العربي، وموقع الجسرة الذي يتم تفعيله بشكل يومي وضخه بمواد متنوعة ومتعددة في الابداع والفكر والفن والثقافة…

من موقع رصد هذه الحالة الثقافية التي ظلت راسخة في الواقع العربي الثقافي لأكثر من خمسة عقود، وحول بعض القضايا الثقافية ودورها في بناء صرح المجتمعات  العربيةكان لنا نص هذا الحوار مع الأستاذ إبراهيم الجيدة.

 

 

*”الجسرة” الأفق الثقافي الحالم،هل لنا أن نعرف خلفيات تأسيسه..؟

 

– كان ظهور هذا الكيان مرتبطاً بالنشاط الرياضي في بداية أمره ، ولاحقاً سد فراغاً هاماً في إطار الثقافة والإبداع المحلي والعربي والعالمي. كانت خطوة جريئة بكل المقاييس هذا الانتقال من تحريك الأقدام إلى تحريك العقول والأفكار .

ومنذ أن تحمل النادي هذا الأمر  خلق إطاراً تكاملياً مع الثقافة المحلية أولاً عبر النشاط الفكري والتي شملت الندوات والمحاضرات وإستقطاب المفكرين والادباء والشعراء العرب ، والعدد أكبر بكثير من أن تعد وأن تحصى منذ أن غلف واقع النادي الإبداع والفكر وثقافة ، هذه النقلة النوعية كانت في صالح الحراك الإبداعي المحلي ، موازياً للأطر الرسمية وإن كان الأكثر تأثيراً منذ أن ظهر هذا الكيان وتحمل وزر تقديم الثقافة الى العالم أجمع.

إن عام 1972 هو الحد الفاصل بين ظهور هذا الكيان في بدايات العقد السادس من القرن الماضي والإرتباط الحقيقي لاحقاً بالإطار الفكري ، ولسنوات تحمل النادي إحياء المواسم الثقافية وحرك المياه الراكدة عبر العديد من المحاور منها ذات الإرتباط العضوي بالثقافة المحلية أو تقديم الإبداع المحلي للآخر أو تنشيط الحراك المحلي عبر الصالون الثقافي أو إصدار مجلة النادي ، وهكذا خلق هذا النادي أبعاداً مختلفة ، دون الإعتماد على الإبداع – ذات الإطار الأحادي – ولكن عبر تقديم بطاقات التعارف للآخر عبر المرور بالعواصم العالمية في مشارق الأرض ومغاربها من   طوكيو .. مروراً بأسبانيا، ألمانيا.. وأمريكا الشمالية والجنوبية ، كان المؤسسون الأوائل على ثقة من نجاح التجربة وإرتباط إسم هذا الكيان بكل مامن شأنه أن يقدم صورة للآخر تحمل أفكاراً وأحلاماً لدولة اسمها قطر.وهكذا نجد أن الأحلام التي إقتصرت ذات يوم على مجموعة من أبناء منطقة الجسرة ، حملت تباشير حلم أعمق وأكثر تأثيراً في مسار الإبداع العربي، بل نستطيع أن نقول إننا جزء من الحراك العالمي في حاضرنا المعاش.

 

 

الجسرة النادي والموقع والفكرة والأدبيات كلها آليات تسهم بكل ما أوتيت من قوة الفعل لترسخ تقاليد ثقافية تنويرية،هل من استراتيجية  تستشرف المستقبل وتعيد للثقافة بعدها الروحي والحضاري وتجعل منها ممارسة حياتية ويومية للناس..؟

 

 

– سؤال صعب الإجابة  عليه ، في ظل العديد من المتغيرات التي تغلف واقع ثقافة العالم ، كان الإعتماد الأساسي فيما مضى على الندوات والمحاضرات والأمسيات ، ولكن في ظل صراع الهواء والوسائط المختلفة فالأمر قد شكل مع الأسف واقعاً مغايراً ، كثيراً مايتم طرح تساؤل من قبل الآخر ، أين الشعراء العرب ؟ ويتم هذا التساؤل ، عن قيمة الشعر قبل الشاعر ، هل هناك في واقعنا الحالي ، شاعر يحمل وزر أمسية شعرية ، بمعنى آخر هل هناك نماذج ذات تأثير حقيقي في واقع الشعر الآن ؟ هل لدى أمة العرب أسماء مثل نزار قباني ، محمود درويش ، محمد الفيتوري، على سبيل المثال لا الحصر. الساحة الثقافية للأسف مصابة بالأنيمياء ، فليس هناك  الجديد الذي يستطيع أن يتصدى لموجة التهميش وفي كل الأطر الإبداعية.

سؤال آخر ،هل هناك جمهور يتحمل وزر الحضور في ظل الوسيط الأسرع والأسهل وأعني الوسائط الحديثة التي تغذي الذاكرة بكل شيء ، أعتقد أن إيقاع الحياة في إطاره السريع قد همش كل شيء حتى الإنسان العربي المطحون الذي يبحث عن لقمة تسد الرمق ، فهل يعتمد على غذاء العقل، أم همه الأزلي غذاء للبطن على حساب الروح !! ومع أن السؤال فلسفي بعيداً عن الواقع المعاش سواء في إطار الدول الثرية أو الفقيرة ، فإن الثقافة الآن وبمقدورنا أن نقول بملء الفم، لاوجود لها. مع كل المحاولات ، نعم لدى النادي الكثير من الأحلام ولكن الأمر في مسيس الحاجة الى الدعم المادي أولاً وعاشراً والدعم المعنوي لاحقاً ، والإيمان بأن النادي عبر كل الأطر لايريد أن يسرق من الآخر ومضة بسيطة ولكن تسهم بجهدها في العمل من أجل أهداف سامية ولكن الواقع بخلاف المأمول!!

الأستاذ إبراهيم إلى أي حد لا زلت تعتقد بأهمية الفعل الثقافي في   حياتنا المدنية والحضارية..؟

 

 

– إعتقاد راسخ ومتين مع المتغيرات الكثيرة في الواقع العربي ، أحلم كغيري، وهذا حق من حقوقي ، ولكن نظرة على خريطة الوطن العربي ، فإن روح التشاؤم يغلف واقع لغة الضاد ، سواء في السودان أو كردستان العراق ، أو ظهور الدعوة الأمازيغية في بعض دول شمال أفريقيا ، الفعل الثقافي مهم ، متى مانظر الآخر، الى أن جهودنا تصب في إتجاه واحد ، الأمر الآن مغلف بالضبابية ، أحدهم يرى مثلاً أنه الوصي على عرش الثقافة ، وأن الثقافة لاتعني سوى نقش الحنة وعمل خبز رقاق والمبخر والمرش ، الثقافة نحن في مسيس الحاجة اليها الآن ، لأنها الحياة في شمولية الكلمة .

 

هل ينتج هذا الزمن “المعولم” إشارات دالة تؤسس لأفق ثقافي وحضاري بديل..؟ أم أن استهامات الاقتصاد في راهنيته  وتصدع سوق المال وجشع اللبيرالية المتوحشة يحول دون هذا الأفق..؟

 

 

 

 

– أجمل مافي هذا السؤال أنك قد أجبت عليه ولا أجد كلمة أرد بها على هذا الإستفسار سوى بكلمة نعم … نعم.

 

في اعتقادك ما مرد أن البرجوازية العربية لا أفق ثقافي لها..؟ 

 

– لا أتفق معك في هذا الرأي ، هناك بعض الرئاسات العربية البرجوازية تتنفس الآن ، وكما قال شاعر أموي ذات يوم:

أرى تحت الرماد وميض نار …. ويوشك أن يكون له ضراما.

البرجوازية العربية مغلوبة على أمرها ولكنها ليست ميته أو مدفونة تحت الثرى ، هناك أصوات وإن كانت خافتة ولكن تحمل جذوة الحياة ، وذات يوم يخرج هذا المارد من القمقم، قد يكون الإطار لهذا الأفق غير متوفر على أرض الواقع في العديد من المدن ولكن جذوة هذا الأفق موجودة وسيأتي وقت ما وينطلق في فضاءآت الله .

 

 

في ظل الثورة الرقمية وما تنتجه من علامات لهدم الحواجز والمتاريس،هل تعتقد أن هذه الثورة سترقى بالفعل الثقافي للحفاظ على أدمية الإنسان وكرامته وحقه في الانتصار لقيم العدل والجمال..؟

 

 

– كنت أتمنى أن يكون الطرح بشكل آخر هل نحن كأمةٍ إستفدنا أو سوف نستفيد من الثورة الرقمية ؟

الثورة الرقمية فتحت السماوات وغزت العقول ولكن نحن كأمةٍ لم ولن نعرف كيف نتعامل معها وهذه حقيقة. نحن نتلبس بالقشور ونتمسك بكل ماهو ضحل والآخر يمحو تاريخنا وذاكرتنا وهويتنا ترقى بالعمل  الثقافي لدى الآخر ، أما نحن فاكثر شعوب العالم بعدا عن هذا الإطار.

نعم هدمت الثورة الرقمية الحواجز والسدود والمتاريس ولكن هل ساهمت في هدم الأفكار التي تعشش في ذاكرة البعض. نعم ساهمت لدى الآخر في تقريب كل الثقافات وأثرت لدينا ، إننا لانستطيع التعامل مع الوسيط الذي يغلف سماوات العالم. سؤال جميل ولكن الإجابة صعبة وتنكأ الجروح فدعنا في رحمة الله ورحمة الظروف فذات مساء قد تحصل على إجابة لمثل هذا لسؤال؟

 

*نشر في جريدة المنعطف المغربية يوم الثلاثاء 17مارس 2015

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى