حياة وليم مورتنسن صانع أساطير الفوتوغرافيا في كتاب

الجسرة الثقافية الالكترونية
لم يكن ذلك الفنان من مرحلة مطلع القرن العشرين ساعياً إلى النقاء الذي بحث عنه كبار المصورين الفوتوغرافيين في عصره، بل كان يتلاعب بالأجسام والأشياء مكوِّنا منها وبها آفاقا وكائنات لم تقع عليها عين في الحياة الحقيقية. لم يكن يلتقط الصور بقدر ما كان يخلقها، ولقد شطح البعض إلى تسميته بـ المسيخ الدجال، أو المسيح الضد. ولعل سبب ذلك أنه كان ينجذب إلى الجوانب المشوهة من الحياة الإنسانية وغير الإنسانية في أغلب أعماله. وهو ما يجعل الإصدار الجديد المخصص لحياته وأعماله ملائما لهذه اللحظة التاريخية أشد الملاءمة.
يصدر الكتاب الجديد بعنوان “الغروتسك الأمريكي” لمؤلفيه لاري لايت ومايكل موينيهان. عن دار نشر فيرل هاوس، مستكشفا حياة ذلك العلم من أعلام الفن غير المشهورين بالقدر الواجب لدى الجماهير.
بدأ مورتينسن حياته فنانا في هوليود يمارس كل شيء في صناعة السينما: ابتداء من الديكور ووصولا إلى تصميم الأزياء والإضاءة وغير ذلك. علاوة على أنه كان مصورا فوتغرافيا لنجوم الأفلام ومشاهدها. ومع اشتهار متعدد الصنائع هذا في أروقة صناعة السينما واستديوهاتها، بات بوسعه أن يقوم بتصوير أمثال جين هارلو وبيتر لوري لتنتهي صوره هذه في كبريات المجلات الفنية وأكثر الكتب مبيعا. غير أن مورتينسن لم يكن بأية حال مصور بورتريه عادي.
فبتأثير من أفلام الرعب الناشئة في ذلك الحين، أي عشرينيات القرن الماضي وثلاثينياته، أنتج مورتينسن بورتريهات كابوسية بعيدة عن الواقع. ومن خلال التدخل في صوره ببعض التقنيات الطباعية وأعمال الكولاج بدت صوره في مراحلها النهائية أشبه باللوحات المرسومة منها بالصور. وجاءت صوره غير المتعلقة بمشاهير الفن أعمالاً فنية لا توقفها أية حدود.
يكتب موينيهان في صفحات الكتاب الأولى قائلا إن “الغروتسك بالنسبة لمورتنسن كانت له قيمة جوهرية تتمثل في كونه مهربا من زنازين الواقعية”.
واليوم، بعد مرور قرابة القرن على ميلاده، تسنح الفرصة أخيرا للجمهور العام لمعرفة لمحة من حياة صانع الأساطير المعاصر هذا. فهذا العالم لم يشهد فقط صدور كتاب “الغروتسك الأمريكي” بل وشهد العديد من المعارض المخصصة لأعمال مورتنسن في نيويورك وسياتل ولوس آنجلس، وإننا نتوقع قريبا أن يشيع الهوس بمورتنسن .