دار المعلمين شهد أولى بطولاتي المسرحية

الجسرة الثقافية الالكترونية
*محمود الحكيم
المصدر: الراية
حفل الزمان الجميل بإبداعات عمالقة الثقافة والفنون في دولتنا الحبيبة، قدموا الكثير خلال مسيرتهم التي كانت في بعض الأحيان مليئة بالمطبات والعثرات. منهم من رحل عن هذه الدنيا مخلفاً وراءه فنّا يعلن عن وجوده الدائم على الساحة الإبداعية، وآخرون ما زالوا ينبضون عطاء إلى يومنا الحالي، ممتطين قطار الفن مواصلين طريقهم في خطوات ثابتة.
نحاول من خلال هذه الزاوية التعرف على أهم المحطات التي توقف عندها أو انطلق منها “قطار” الفنان علي حسن في رحلة تحمل لحظات سعادة ونجاحًا أو إخفاقًا وخيبة أمل، ذكريات جميلة، وآمال وطموحات مشرقة قادمة، والفنان علي حسن أحد رواد الفن القطري يطل علينا عبر نافذة الذكريات ويفتح خزانة رحلته الفنية ليطلعنا على أهم محطاته التي أثرى خلالها الوجدانيات عبر الشاشة الصغيرة أو خشبة المسرح أو بالدراما الإذاعية، ويكشف لنا عن رؤيته للحركة الفنية وهمومها.
حدثنا عن بداياتك؟
بداية موهبتي كانت بتقليد بعض المشاهد من الأفلام التي كانت تبثها قناة “أرامكو” الأمر الذي دفعني للمشاركة في تقديم اسكتشات تمثيلية أثناء انضمامي للمعسكرات الكشفية في الفترة الإعدادية، وكان التحول الحقيقي في موهبتي عندما التحقت بدار المعلمين، فقد طلب مدير دار المعلمين المربي الدكتور محمد عبد الله الأنصاري، وتم اختياري أنا وصلاح درويش ومحمد سلطان الكواري وقدمنا مسرحية “صقر قريش”، وفي السنة الثانية قدمنا مسرحية محلية بعنوان “حلاة الثوب رقعته منه فيه” وأدخلنا لأول مرة صوتًا نسائيًا فقط وكان صوت إحدى المذيعات القطريات، وفي السنة الثالثة أسسنا فرقة المسرح القطري. وقدمنا مسرحيتي “سبع السبمبع” و”العانس” وهما من تأليف عبد الله أحمد، وظهرت فرقة السد وفرقة الأضواء والفرقة الشعبية.
وبعد تخرجي من المعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت سنة 1980، عينت بالتلفزيون رئيسًا لقسم الإخراج التلفزيوني، وقدمت أعمالًا كثيرة تلفزيونية ومسرحية بقطر وخارجها وكنت أول فنان قطري أمثل بالأردن بمسلسل “الغدير”، كما مثلت العديد من الأعمال المسرحية التلفزيونية بالكويت وقدمت مسلسلا في دولة اليونان من إنتاج العراقي إبراهيم الزبيدي بعنوان “الرحيل المر”، كما مثلت بمسلسل “المرايا” في أبو ظبي، وقدمت في القاهرة مسلسل نور الدين زنكي وكان معي الفنان غازي حسين، من إخراج ممدوح مراد عام 1985 م.
كيف ترى الساحة الفنية اليوم؟
كان تلفزيون قطر يقدم أفضل الأعمال التاريخية على مستوى الوطن العربي كله، وكان وزير الإعلام وقتها عيسى غانم الكواري رجلا واعيًا ومثقفًا ومدركًا لأهمية الدراما، فكان عصره هو العصر الذهبي للفن.
كان بالتلفزيون قسم يسمى مراقبة الدراما وكان رئيسه الفنان غانم السليطي وكنت رئيس قسم المخرجين والفنان حمد الرميحي رئيس قسم النصوص وقد تعهد ثلاثتنا بتقديم أفضل الأعمال الدرامية فقدمنا من الأعمال التاريخية نور الدين زنكي، خالد بن الوليد، عبد الرحمن الداخل، ابن تيمية، كتابة على لحم يحترق، وأواخر الأيام وكان عبارة عن 13 حلقة منفصلة قمت ببطولة إحداها بعنوان “الخصيب” وحصلت على جائزة أفضل أداء تمثيلي في مهرجان قرطاج التلفزيني بتونس، سنة 1983، كما قدمنا عددًا من المسلسلات الاجتماعية مثل التائهة، وبنات الفريج، والبيت الكبير، وصرخة ندم وأيام العمر وعفوا سيدي الوالد ونأسف لهذا الخلل، وأنتجنا أعمالا تراثية وبدوية وبحرية وفانتازيا، كانت الدراما القطرية تضج بالحياة متوهجة متألقة غير تقليدية وخارج المنافسة حتى كتبت الصحافة الكويتيّة مقالاً بعنوان “غزو الدراما القطرية” بينما صدّرت الصحف الإماراتيّة إحدى أعدادها قائلة “الدراما القطرية تتفوّق على الكويتية”.
ما سر نجاح الدراما آنذاك؟
كانت ميزانية مراقبة الدراما في فترة الثمانينيات والتسعينيات تصل إلى 14 مليون ريال في العام، وهو ما يعني أن الدولة كانت تهتم كثيرًا بالدراما التلفزيونية، وهو ما انعكس على المستوى العام للدراما القطرية، وكانت مراقبة الدراما تمثل معهدًا مصغرًا خرج ألمع المؤلفين والمؤلفات والمخرجين والممثلين حيث تم إعدادهم وتبنيهم داخل تلفزيون قطر.
ما أسباب تراجع الدراما إذا؟
كان مديرو التلفزيون السابقين مثل يوسف المظفر ومانع الهاجري، يهتمون بالدراما وكانت الأمور على خير مما يرام حتى جاء بعدهم رجل كان أخذ عدة قرارات كانت هي السبب وراء القضاء على الدراما التلفزيونية فأنهى تعاقد الخبراء وقلص الميزانية وألغى المسلسلات التاريخية والبدوية والبحرية والمسلسل الفنتازيا، فغادر عاصم توفيق وحسن بشير وتفرغ غانم السليطي وحمد الرميحي كذلك خرج من التلفزيون وبقيت أنا والفنان علي ميرزا ثم جاء بعده مدير آخر ألغى مراقبة الدراما مرة واحدة وخرجت تفرغا.
الركود الفني لم يضرب الدراما القطرية وحدها بل ضرب كل عناصر الحركة الفنية المسرح بأنواعه والإذاعة، فلم يبق شيء على الساحة أصلاً فالمسؤولون للأسف لا يُدركون خطورة هذه الدراما كقوّة ناعمة لقطر ويظنّون أن الدراما مجرّد ترفيه.
هل ابتعدت عن الدراما بسبب ذلك؟
سبب ابتعادي عن الدراما أن المنتجين المنفذين باتوا لا يسعون إلا إلى كسب المال ولو على حساب الجميع فيعطيك أحدهم نص 14 حلقة مثلا من جملة 30 حلقة ويحاسبك بالساعة لك 14 ساعة مثلا وتجد أجرك في النهاية لا شيء ولسان حالهم “هذا إن كان عاجبك”، في التسعينيات ابتعدت عن الدراما التلفزيونية وكنت أعمل بالدراما الإذاعية، وفي الألفية الثالثة قدمت مسلسل “حكم البشر” وفيلم “عقارب الساعة” وثلاث مسرحيات وهي : السياب يعيش مرتين والفيلة والديكتاتور.
كيف ترى الحركة الفنية الشبابية؟
الحركة الفنية الشبابية تطرح البديل والحلول الأخرى وهم يسيرون على الطريق الصحيح ولعل بعض المسؤولين يأتون ليعيدوا ترتيب البيت الفني، ويهتمون بالسينما ويتجهون إلى الاهتمام بالسينما الروائية الطويلة ولدينا مؤسسة الدوحة للأفلام التي تستطيع أن تقدم الكثير في هذا الجانب.