دراسة :الطفل القطري يعتز بثقافته وهويته الوطنية

الجسرة الثقافية الالكترونية
كشفت دراسة بعنوان “واقع ثقافة الطفل في المجتمع القطري” اتفاق الأطفال وأولياء أمورهم مع العاملين في المؤسسات الثقافية على أن هناك وعيا ثقافيا لدى الأطفال في بعض جوانب مجالات الثقافة، إلا أن هناك بعض القصور في جوانب أُخرى، ففيما يتعلق بالهوية الوطنية أثبتت نتائج الدراسة اعتزاز معظم الأطفال بهويتهم من خلال حماسهم وتمسكهم برمز الدولة وهو العلم وحرصهم على المشاركة في الشعائر الدينية.
كما أكد أولياء أمورهم مشاركتهم في المناسبات الوطنية بفخر وحماس واحترامهم للعادات والتقاليد المجتمعية.. وقد أكد مشرفو الأنشطة الثقافية التزام الأطفال بارتداء الملابس الوطنية في المناسبات الرسمية وافتخارهم بانتمائهم إلى وطنهم قطر، إلا أن هناك قصورا في بعض أبعاد الهوية الوطنية مثل: التعرف على خريطة قطر وعلى بعض المعارف الدينية والتراثية.
جاءت الدراسة التي نظمها المركز الثقافي للطفولة انطلاقا من الأهداف التنموية لدولة قطر والأهداف التأسيسية للمركز وذلك ضمن جهوده الرامية إلى الاهتمام بالطفل والتعرف على واقع ثقافته في المجتمع القطري ومواجهات تحديات العصر ومتغيراته من خلال تحقيق أهداف الدراسة في تحديد معايير وحدود لثقافة الطفل في المجتمع القطري والتعرف عليه من وجهة نظر الأطفال أنفسهم وأولياء أمورهم ونظر العاملين في المؤسسات الثقافية والتعليمية أو المعنية بثقافة وتنشئة الطفل بشكل عام، ورصد دور المؤسسات الاجتماعية في دعم ثقافة الطفل القطري.
” الخصائص الثقافية”
كما قام الفريق البحثي التابع للمركز الثقافي للطفولة بتصميم استبيانات خصيصا لهذا الغرض وعددها 3، حيث خصص الاستبيان الأول لمعرفة وجهة نظر الأطفال حول توفر بعض الخصائص الثقافية لديهم، وخصص الاستبيان الثاني لقياس وجهة نظر أولياء أمور الأطفال، أما الاستبيان الثالث فقد خُصص لقياس وجهة نظر العاملين مع الأطفال في المؤسسات الثقافية والتعليمية حول موضوع الدراسة.
ويتكون كل استبيان من /6/ مجالات وتتعلق هذه المحاور بالهوية الوطنية، الثقافة السياسية والقانونية، الثقافة الاجتماعية والاقتصادية، الثقافة الفنية الأدبية والرياضية، الثقافة الصحية والترويحية، الثقافة البحثية والتكنولوجية.
شاركت في الدارسة “32” مدرسة ابتدائية مستقلة من مدارس دولة قطر من صفي الخامس والسادس، حيث مثلت عينة الدراسة وذلك وفق الطرق العلمية المتفق عليها بما يتناسب مع مجتمع الدراسة.
واقتصرت هذه الدراسة على القطريين فقط بالنسبة لعينة الأطفال وأولياء أمورهم أما عينة العاملين فشملت القطريين وغير القطريين.
وقام فريق الدراسة بتدريب مجموعة من الباحثين والمنسقين من المدارس الابتدائية على كيفية تطبيق أدوات الدراسة وجمع البيانات أيضاً من خلال ورشة عمل تم عقدها في شهر نوفمبر من العام الماضي، وبلغت عينة الدراسة من الأطفال 859 طفلا قطريا، تتراوح أعمارهم بين (10-12) سنة، منهم 423 من الأطفال الذكور بنسبة 49%، كما بلغ عدد الأطفال الإناث 436 بنسبة 51%.
وقد بلغ عدد أولياء الأمور المشاركين في عينة الدراسة 740 ولي أمر، فيما بلغت عينة العاملين مع الأطفال 69 عاملا، معظمهم من الإناث وهم (58)بنسبة 84% و(11) عاملا من الذكور بنسبة (16%).
” الثقافة السياسية”
وحول الثقافة السياسية والقانونية أثبتت نتائج الدراسة أن الأطفال يدركون أهمية التعليم كحق لكل مواطن كما تبين كذلك إدراكهم لبعض مواد دستور قطر. وقد أكد أولياء الأمور التزام صغارهم بالقانون، وقد لوحظ القصور لدى الأطفال في متابعة الأخبار المحلية والعالمية والتعرف على الثقافات الأُخرى والتعايش معها.
وأظهرت النتائج الاتجاه الإيجابي لدى الأطفال فيما يتعلق بثقافة مساعدة الآخرين وأهمية الإتقان في العمل وحول القيم الأخلاقية، كما أكد أولياء أمور الصغار على محافظتهم على الممتلكات العامة وميلهم إلى الحياة الاجتماعية، إلا أن القصور كان جليا في الثقافة الاستهلاكية لدى بعض الأطفال مثل: ترشيد الكهرباء واقتناء الأشياء المفيدة والضرورية فقط، وذلك فيما يتعلق بالثقافة الاجتماعية والاقتصادية.
“ثقافة رياضية وفنية”
وقد أثبتت النتائج وعيا كبيرا لدى الأطفال حول الثقافة الفنية والرياضية حيث كان وعي الأطفال الثقافي جليا بأهمية الرياضة كأساس للصحة العامة وببعض قواعدها وقوانينها، فيما لوحظ القصور في المعرفة الفنية وإدراك قيمة الفنون وأنشطتها كالتمثيل المسرحي، بالإضافة لعدم رغبة الأطفال في قراءة الكتب والقصص والمجلات.
وحول الثقافة الصحية والترويحية فقد بينت نتائج الدراسة أن هناك وعيا لدى الأطفال /عينة الدراسة/ حول الثقافة الصحية إلا أن هناك قصورا لديهم في الثقافة الغذائية أو في معرفة مبادئ الإسعافات الأولية، بالإضافة إلى قصور في كيفية قضاء وقت الفراغ والثقافة البحثية والتكنولوجية والعلمية واتضح أن هناك قصورا لدى الأطفال في استخدام المواقع الإلكترونية، وعدم رغبتهم في حماية أنفسهم من المخاطر الإلكترونية، كما أظهرت الدراسة ضعف مشاركة بعض الأطفال في المسابقات العلمية.. وقد تبين وجود فروق في الوعي الثقافي لدى الأطفال بين البنين والبنات وذلك لصالح البنات.
وجاءت التوصيات على ضوء استنتاجات الدراسة وذلك بعد التعرف على أوجه القصور في واقع ثقافة الطفل القطري كالتالي: اعتبار المركز الثقافي للطفولة هو الهيئة الرسمية التي تشرف على ثقافة الطفل القطري على أن يُمنح صلاحيات التخطيط والتنفيذ كمظلة لتنسيق الجهود بين المؤسسات المنوطة بتقديم ثقافة الطفل على النحو التالي.. تقديم برامج ثقافية تعمل على زيادة الانتماء الوطني وتفعيل الأنشطة التراثية، لدعم الهوية الوطنية والدينية لدى الطفل القطري، التركيز على تقديم السيرة النبوية وقصص الأنبياء ضمن أنشطة وفعاليات البرامج الثقافية للطفل.
“اللغة العربية”
كما أوصت الدراسة بغرس أهمية اللغة العربية في نفوس الأطفال والاعتزاز بها، وتشجيعهم على استخدامها دون دمج أو تعريب الكلمات من لغات أُخرى، تصميم برامج ثقافية لتنمية المهارات الإعلامية لدى الأطفال وتشجيعهم على الاهتمام بالآخر من خلال متابعة الأخبار العالمية والعربية والمحلية، غرس احترام القانون والالتزام به في نفوس الأطفال من خلال الأنشطة والمسابقات، وتنمية الوعي الاستهلاكي لدى الطفل القطري، تشجيع الأطفال على المشاركة في الأنشطة الاجتماعية والتطوعية، تنمية معرفة الأطفال بأنواع الفنون وتشجيعهم على ممارسة الأنشطة الفنية والرياضية والأدبية.
ودعت إلى تنمية الرقابة الذاتية الإلكترونية للأطفال لتقنية المعلومات والمعارف التي تقدمها لهم المواقع المختلفة، ودعم الثقافة الوقائية لدى الأطفال وتشجيعهم على الممارسات الصحية الإيجابية، دعم الوعي باستثمار أوقات الفراغ من خلال البرامج والأنشطة والفعاليات المفيدة لسلوك وصحة و وجدان الطفل، وتشجيع الأطفال على الانخراط في المسابقات العلمية ومتابعة المجلات العلمية وأخبار العلماء وأهم اختراعاتهم المختلفة، علاوة على تنمية مهارات العاملين بالمؤسسات الثقافية من خلال الورش والبرامج التدريبية المؤهلة لمواجهة أوجه القصور التي كشفت عنها الدراسة.
وحثت مقترحات الدراسة على إجراء دراسات مشابهة لدراسة واقع ثقافة الطفل في المجتمع القطري في فئات عمرية مختلفة عن مجتمع الدراسة، وعلى توثيق العلاقة بين المركز الثقافي للطفولة والمنظمات الدولية للطفولة لتبادل المعرفة وتدريب الكوادر الوطنية للعمل في مجال ثقافة الطفل، كما حثت على دعم البحث العلمي والدراسة حول قضايا ومشكلات الطفولة في المجتمع القطري.
المصدر: الراية