دراسة: تفسير اللوحات يرتبط بالحالة الذهنية

الجسرة الثقافية الالكترونية
تشير دراسة بحثية حديثة، إلى أن الميل في تفسير اللوحات التجريدية يرتبط بانعكاس شخصية الإنسان، كما يرتب الإعجاب أو النفور من لوحة بالبيئة المادية أو مكان العرض.
وتقول الدراسة التي أجراها فريق بحثي إيطالي بقيادة عالم النفس أنطونيو شيرومبولو، إن بعض الأشخاص لديهم حاجة قوية إلى الانغلاق الإدراكي، أي الإجابات السريعة النهائية على الأسئلة المحيرة، وهؤلاء هم الأقل احتمالاً لتذوق الفن التجريدي، حسبما نشر موقع باسيفيك ستاندرد.
وقد لا يكون ذلك مدهشاً، لكن الباحثين لاحظوا أنه في حين تكون الرغبة في اليقين راسخة لدى البعض، فإن من الممكن إغواء آخرين إليها، ذلك أن إشارات في البيئة المحيطة قد تدفع عن غير قصد إلى هذه الذهنية، وتجعل الزوار أقل انفتاحاً على الفن التجريدي.
ومن ثم فإن “على منظمي معارض الفن الحديث والتجريدي أن يأخذوا العوامل البيئية في الحسبان، فهي قد تغري الزوار إلى الحاجة للانغلاق الإدراكي، ومن ثم تؤثر عليهم تأثيراً سلبياً” وذلك بحسب ما يرد في الدراسة المنشورة إلكترونياً حول تجربتين قام بهما الفريق البحثي الإيطالي.
شملت التجربة الأولى ستين امرأة تتراوح أعمارهن بين 19 و30 عاماً، ولم تتلق أيٌّ منهن أي تدريب على تذوق الفن أو العمارة.
بعد ملء استبيان مصمَّم لقياس الحاجة الطبيعية إلى الانغلاق، تم تعريض النساء لاختبار الارتباط الضمني بعرض سلسلة من الصور (التجريدية والمجازية) والكلمات (الإيجابية والسلبية) على شاشة كمبيوتر عرضاً سريعاً، لاحظ الباحثون مدى السرعة والدقة التي ربطت بها النساء بين الكلمات والصور.
قال الباحثون إن النساء إجمالاً “نزعن إلى إظهار تفضيل ضمني للفن المجازي على الفن التجريدي” ولكن هذه النزعة بدت أكبر لدى النساء ذوات الاحتياج إلى الانغلاق الإدراكي.
شملت التجربة الثانية 54 امرأة تتراوح أعمارهن بين 19 و28 سنة، ومرة أخرى لم تكن أي منهن قد تلقَّت أي تدريب على تذوق الفن، وبعد قياس حاجاتهن الأساسية إلى الانغلاق الإدراكي، تم تعريضهن بصورة عشوائية لـ”ظرف ينطوي على ثقل إدراكي كبير” حيث طولبن بتذكر 9 أرقام، أو “ظرف ينطوي على ثقل إدراكي بسيط”، حيث طولبن بتذكر رقم واحد، ثم تم تعريضهن لبقية التجربة السابقة.
ومرة أخرى أظهرت النساء ذوات الاحتياج الكبير إلى الانغلاق الإدراكي كراهية ضمنية للفن التجريدي، وتشابهت معهن النساء المطالبات بتذكر الأرقام التسعة، وتبيَّن أيضاً أن الثقل الإدراكي الكبير كان أشد قوة في تأثيره على المشاركات من الحاجة الأساسية إلى الانغلاق الإدراكي.
يوضح شيرومبولو وزملاؤه أنه “في المواقف التي تكون فيها معالجة المعلومات أشد إجهاداً، تكون الغلبة للرغبة في المعرفة الواضحة المستقرة، وأن كل ما يبدو معاكساً لهذه الرغبة يبدو غير ممتع وغير مريح”.
بعبارة أخرى، إذا كانت عوامل التشتيت أكبر مما تحتمل طاقة الذهن، فإنك لن تتسامح مع الغموض، وستكون بك رغبة قوية إلى الحصول على إحساس واضح مما تنظر إليه.
وإذا ما تم أخذ هذه النتيجة في الاعتبار يكون “على منظمي معارض الفن الحديث والتجريدي أن يراعوا العوامل البيئية التي قد تغري الزوار بمزيد من الرغبة في الانغلاق الإدراكي، ومن ثم تؤثر سلباً على تقديرهم للأعمال المعروضة” بحسب ما يرد في الدراسة.
وكل شيء من شأنه تخفيف الثقل الإدراكي لدى زوار المعارض، مثل الكتيبات المصاحبة للعروض، والشروح المجاورة للأعمال.
يقول شيرومبولو إن “الجمال ليس سمة غريزية، والأحكام على الجمال فردية وذاتية، وقائمة على عوامل سيكولوجية”.
فإذا كرهت معرضاً لأعمال جاكسن بولوك، فتأمل حالتك الذهنية في اليوم الذي زرت فيه معرضه، ولو تبيَّن لك أن أنك كنت تحتفظ في ذهنك بقائمة المهام طويلة ومشتتة، فلعل من المناسب أن تفكِّر في زيارة أخرى وأنت في حالة أقل توتراً، فقد تكون التجربة هذه المرة أكثر لذة وإمتاعاً.
……..
وكالات