دعوة إلى التدبر بالكون في محاضرات كتارا

الجسرة الثقافية الالكترونية-الراية-

في إطار زيارتهما للحيّ الثقافي كتارا ومشاركتهما في إحياء ليالي رمضان العطرة بالإيمان والتقوى في جامع كتارا، قام كل من الدكتور زغلول النجار والشيخ فهد الكندري بجولة حول معارض الحيّ الثقافي أبرزها معرض الاسطرلاب ومعرض المجموعة الشمسية ومعرض الخريطة الكونية.

 

وفي هذا السياق، أثنى كل من الدكتور زغلول النجار والشيخ الإمام فهد الكندري بما تقوم به كتارا من جهود في سبيل تزويد الناس بالعلم والمعرفة التي ستساعدهم على تدبر الآيات الكريمة وتعتبر الثقافة العامة من السبل المهمة لجذب الناس لكتاب الله، مشيدين بالمعارض القيمة التي تضمنها مهرجان كتارا الرمضاني والتي تفتح للجمهور آفاقًا شاسعة للمعرفة والتدبر في ملكوت الله.

 

ويشار إلى أنّ المحاضرات التي يستضيفها مسجد (كتارا) الكبير بالتعاون مع قطر الخيرية ويتناوب على إلقائها نخبة من كبار العلماء والدعاة في العالم العربي والإسلامي، تحظى بإقبال منقطع النظير، حيث ألقى فضيلة الشيخ الدكتور زغلول النجار في ثنايا صلاة التراويح ليلة أمس الأول محاضرته القيمة التي تميزت بحضور جماهيري كبير عن إبداع الخالق للكون، داعيًا الحضور إلى التأمل في خلق الكون والإنسان والحياة وفق الهدي الإلهي، لأن الله ترك لنا في الأرض والسماء شواهد وآيات يمكنها أن تقدم تصورًا عن عملية خلق الأرض، واستشهد الدكتور النجار بقوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون) (الأنبياء 30)، مؤكدًا أن أكثر الشواهد التي جمعها العلماء قوة، هي النظرية التي تسمى بـ (الانفجار العظيم) وهي التي تتباعد فيها المجرات عن بعضها البعض بسرعات هائلة تقترب من سرعة الضوء.

 

وشدد الدكتور النجار على أن الاستشهاد بالإعجاز القرآني لا بد أن يترافق بالحقائق العلمية الثابتة لأن المسلم له في الآيات القرآنية والحديث الشريف نور يمكن أن يرتقي من خلاله المؤمن إلى مقام الحقيقة، ولا يمكن للمرء أن يستشهد بالقضايا الغيبية إلا بما أثبته الله سبحانه وتعالى.

 

وأوضح فضيلته قائلاً:” القرآن مليء بالإشارات العلمية ولا يمكن أن تفهم هذه الإشارات فهمًا كاملاً في إطار اللغة وحدها، فلا بد من إضافة الحقائق العلمية والضوابط الشرعية حتى تفهم دلالة هذه الآيات الكريمة، مضيفًا:” مع اعترافنا بفضل المفسرين القدامى إلا أنه لا يجوز لنا أن نعيش أبد الدهر على جهودهم، ولا بد من تقديم الإسلام في كل عصر باللغة التي يفهمها أهل هذا العصر، مبينًا أنه من أفضل وسائل الدعوة والدين، تقديم الحقائق العلمية التي جاءت في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لاسيما أننا نعيش عصر العلم والمعرفة.

 

من جانب آخر، أشاد الدكتور زغلول النجار بما يتميز به مسجد (كتارا) الكبير من فخامة وجمال في التصميم وفق أفضل المواصفات الفنية والهندسية والمعمارية، ووصفه بأنه تحفة معمارية فريدة من نوعها في العالم العربي والإسلامي.

 

كما أحيا رواد مسجد (كتارا) الكبير، الليلة الأولى من ليالي المغفرة التي تفتح فيها باب التوبة والغفران (أوسطه مغفرة)، حيث بدأت شعائر الليلة المباركة من صلاة العشاء وحتى صلاة الفجر، وأدى المصلون صلاة التراويح خلف الإمام القارئ الشيخ فهد الكندري، منصتين إلى تلاوته العطرة وصوته العذب الندي، خاشعين متضرعين إلى الله أن ينعم عليهم بنفحات الإيمان في ليالي رمضان المبارك.

 

ومن جهته، أشاد فضيلة الشيخ الكندري بالفعاليات الثقافية والدينية التي تحتضنها (كتارا) خلال شهر رمضان المبارك، مثنيًا على حسن اختيار إدارة الحي الثقافي لموضوع المهرجان الذي يتعلق بالفلك والقرآن، وهو ما يدعو الزوار والحضور إلى التأمل والتدبر في آيات الله وخلقه للأكوان، وتوجه فضيلته لإدارة المؤسسة العامة للحي الثقافي قائلاً:” هنيئًا لقطر وهنيئًا لكتارا حرصهم على خدمة كتاب الله تعالى” .

 

وحثّ فضيلته على إمعان النظر في هذا الكون والتفكر في آفاقه وظلاله، مستشهدًا بالآية الكريمة من سورة آل عمران :” إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي الأَلْبَابِ . الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ” (سورة آل عمران)، مشيرًا إلى قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: “ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها”.

 

 

 

محاضرة الدكتور الجميلي

 

ولليوم الثاني على التوالي، تابع العالم الدكتور غانم علوان الجميلي محاضرته القيّمة “جولة في كتاب الكون المفتوح والتي اختار لجزئها الثاني عنوانًا الآية الكريمة (وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون)، “يوسف105”.

 

ولئن استهل الدكتور الجميلي محاضرته بإلقاء بسطة على ما تعرّض له سابقًا أي في الجزء الأول من المحاضرة من حقائق علمية مبهرة إلّا أنّه تعمّق في الحديث عن خصائص النجوم والكواكب وفائدتها بالنسبة إلى الإنسان. ومن هذه الفوائد أنه اعتمدها للاهتداء بها في السفر سواء كان على الأرض أو في الفضاء أيضًا.

 

كما سلّط الدكتور الجميلي الضوء على الشمس كنجم ينتفع الإنسان بنوره ودفئه. إلى جانب تناوله لما سماه الكواكب الداخلية التي اعتبر أنها بمثابة مختبرات لأحوال البيئة. أما الكواكب الخارجية العملاقة فلها دور في حماية الأرض. وقد أبهر الدكتور الجميلي الحضور بعرضه لصورة الأرض كما تبدو من زحل وذلك سنة 2006 والتي التقطت بعدسة كاسيني والذي كان الدكتور الجميلي من ضمن الفريق العامل فيه، حيث بدت الأرض وكأنها نقطة صغيرة في بحر الفضاء.

 

وتحدّث الدكتور الجميلي عن تكوّن مادة الحديد مستشهدًا بقول الله تعالى” قال الله تعالى:(لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (الحديد: 25)، حيث أكّد أنّ الحديد عنصر خارجي عن الأرض إذ يتكون في النجوم و هو لم يوجد في الأرض وإنّما أسقط عليها. فقد كان يُظَنّ سابقًا أنّ الحديد الذي على الأرض نشأ من تفاعلات تمت على الأرض. ولكن علماء الفضاء قاسوا كمية الطاقة اللاّزمة لتشكل الحديد فوجدوها كبيرة جدًا، فتأكدوا أنّ مثل هذه الطاقة لا تتوفر إلا في النجوم الضخمة (التي هي أضخم بكثير من الشمس). وقد قادهم هذا الأمر إلى التصريح بأن عنصر الحديد لا يمكن أن يتشكل داخل المجموعة الشمسية أو على الأرض، بل تشكل في الفضاء بدرجات حرارة وطاقة عالية جدًا ثم قُذِف به إلى الأرض على شكل نيازك، أي نزل إلى الأرض.

 

وقال الدكتور الجميلي يجب أن نتعلم من الكون ومن الظواهر الطبيعية، فالإبداع الحقيقي للإنسان أن يصنع شيئًا ممّا هو موجود وفي الوقت نفسه يكون متناسقًا مع ماهو موجود. وليس الإبداع في ابتكار شيء من شأنه أن يُخِّل بتوازن البيئة ويهدد الإنسان والطبيعة فيما بعد.

 

وبأرقام علمية وصور مدهشة ملتقطة من الفضاء قدّم الدكتور الجميلي مجموعة من الكواكب وهي عطارد والزهرة والأرض والقمر والمريخ وزحل وأورانوس، ذاكرًا صفات كلّ واحد منها، مبيِّنًا العديد من الظواهر الفلكية كالخسوف والكسوف. كما تحدّث عن حكمة اعتماد السنة القمرية في تحديد هلال رمضان التي تؤكد عدالة الله في الخلق وذلك حتى يتساوى كلّ الناس طوال حياتهم في الصيام أينما كان موقعهم في الكرة الأرضية. كما تطرق للحكمة من شفافية الماء والهواء واستدلّ في عرضه على معلومات علمية دقيقة. وقد أثار الدكتور الجميلي دهشة الحضور وهو يتحدث علميًا على بروز الهلال، مبيِّنًا كيف يمكن معرفة وقت ولادته قبل سنوات.

 

ويشار إلى أنّ العالم الدكتورغانم علوان الجميلي يشغل حاليًا منصب سفير العراق في المملكة العربية السعودية. كما شغل سابقًا العديد من المناصب المهمّة من بينها نذكر منصب رئيس مؤسسة الحياة للإغاثة والتنمية (ولاية ميشجان). إضافة إلى أنّه كان عضو الهيئة العلمية (معهد الدفع النفاث) في مؤسسة الفضاء الأمريكية.

 

وللدكتور الجميلي العديد من الإصدارات، حيث نشر أكثر من 30 بحثًا أصيلاً في المجلات العلمية المؤقتة. كما ألقى أكثر من 50 بحثًا في المؤتمرات العلمية العالمية. هذا، وأشرف على نشر كتابين في استخدام الليزر في القياسات. ومن بين مؤلفاته نذكر كتاب “السياسة الخارجية”. إلى جانب تحصله على أربع براءات اختراع في مجالات تطبيقات الليزر في خزن المعلومات والقياسات.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى