دور مشترك للقطاعين العام والخاص بدعم الحركة التشكيلية

الجسرة الثقافية الالكترونية
*أشرف مصطفى
المصدر: الراية
أكد الفنان علي حسن الجابر على الدور الذي يلعبه القطاعان الخاص والعام في دعم الحركة التشكيلية كاشفا في حوار مع الراية عن استعداده لإقامة معرض شخصي له بعنوان “آثر” بجاليري أنيما وذلك يوم 15 فبراير الجاري، مؤكداً أن آثر هو مخزون الذكريات التي تم ترجمتها في مجموعة من الأعمال الفنية تنتمي لفن التصوير الضوئي، والرسم، والنحت، وذلك عبر مجموعة من التقنيات الجديدة على أعماله، والذي بدأ يرتكن عليها بعد تركه لحرف النون.
> ما هي رسالتك في معرض “آثر”؟
– أردت من خلال هذا المعرض التعبير عن مجموعة من المشاعر الخاصة بحالات إنسانية متنوعة عبر تصوير كل ما هو متعلق بالإنسان، حيث يتضمن المعرض مجموعة من اللقطات الفنية والجمالية لمشاهد تركها الناس لتمثل أعمالا فنية غير مباشرة أو مقصودة أردت تسجيلها عبر أعمالي ليتم توثيقها بطريقة إبداعية، حيث بدأت تجذبني تلك المشاهد وتستفز كاميرتي لتسجيلها منذ ما يقرب من العامين فأرتبط بالتصوير الضوئي، وأصبحت أحمل الكاميرا باستمرار لالتقاط تلك الصور العابرة التي أصبحت تستوقفني بما تتضمنه من عوالم إنسانية جميلة تحمل قيما تراثية تنتمي للبيئة القطرية وتستغرق في المحلية، كما أقدم من خلال المعرض مجموعة من الأعمال التي تستعرض ملامح بعض الوجوه، وأطلقت عليها مسمى “وجوه منسية”، فضلاً عن مجموعة من الأعمال النحتية التي سيتضمنها المعرض.
> ما الجديد الذي سيتيحه “آثر” لجمهور الدوحة؟
– آثر سيتيح للجمهور مشاهدة أولى إبداعاتي النحتية بعد توقيع العقد الذي أبرمته مؤخراً مع أنيما جاليري، في مبادرة رائدة ولأول مرة في سوق الفن القطري، ولقد اعتبرت هذه التجربة تقديرا لأعمالي وتجربتي، من خلال الاستمرارية والتواصل في تنفيذ الأعمال بمواصفات عالمية، حيث يمثل العقد تجربة فريدة لتنفيذ أعمالي في أحد أهم معامل الفنون في ألمانيا، وهو الذي يتولى تنفيذ أعمال كبار الفنانين العالميين المعاصرين بأفضل المواصفات العالمية.
> حدثنا عن تجربتك من اللوحة إلى المجسمات والنحت؟
– على الرغم من أن تجربة المجسمات والمنحوتات، كانت مفاجئة لجمهور الفن الذي اعتاد على أعمالي في فن الرسم، إلا أنها كانت تتويجا لبحث مستمر في الحروفية عموما وفي حرف النون على وجه الخصوص، وكانت تجربة خيول الصحراء ومن بعدها مجسم قرية الشعراء، انطلاقة لمغامرة فنية حملت الحرف من جماليات التلوين إلى مضمار المجسمات والنحت، وقد سعدت بالاستجابة المميزة والقبول الذي وجده مجسم قرية الشعراء عندما عرض في جاليري أنيما في انطلاقته عام 2011.
> انتقلت من حرف النون إلى آفاق أكثر اتساعاً بعد تنفيذك لمجسم “قرية الشعراء” كيف تم ذلك؟
– لقد كان نجاح تلك التجربة مدخلا للتواصل والاستمرارية لتنفيذ مشاريع أخرى، توجت بالعقد الذي أبرمته مع “أنيما”، وكذلك اختيار هيئة متاحف قطر لي لتنفيذ مجسم خيول قطر لوضعه في مطار حمد الدولي، وتعد تجارب قرية الشعراء وخيول الصحراء والجمل العربي، امتدادا لتجربة واحدة هي البحث عن جماليات حرف النون، واكتشاف قابليته للتشكل والتعبير بصور وأشكال متعددة. ويمثل الخيال الكلمة المفتاح في هذه التجربة، التي فتحت لي آفاقا واسعا لمعالجة حرف النون من خلال وسائط السيراميك والحفر الطباعي والنحت.
> ما العوالم الجديدة التي أردت اختراقها؟
– في معرضي “قرية الشعراء” كان كثيرًا ما تراودني أحلام بأمكنة مختلفة ارتبطت بمخيلتي، أمكنة سكنتني منذ زمن بعيد، حيث باتت تتملكني ذكريات القرى ببساطة بنائها وحياة القاطنين فيها أماسيه الممتلئة بقصص الحب الخيالية والشعر المتوارث والحكم والأمثال، أتذكر النساء والأطفال والشيوخ وارتباطهم بالأمكنة والحكايات”، وفي هذه التجربة حاولت استذكار بعض هذه المشاهد التي وظفتها بشكل عفوي من خلال ومضات متدفقة من تدريجات الأسود والأبيض، ومن هذه المشاهد والذكريات أعد صياغة أعمالي بأشكال تتسق مع مخيلتي في توصيف هذه المفردات في العمل الفني، متنقلاً من تجربة لأخرى حاملاً ذكريات الأمكنة أو معبرًا عما يعيش في داخلي من ومضات تساعده على الحياة.
> بماذا تصف تجاربك المتواصلة مع أنيما جاليري؟
– يسعدني دائماً التواصل مع جاليري أنيما، حيث أن إسهامات الجاليري تعبر عن الإضافة الحقيقية التي يقدمها القطاع الخاص للفن القطري وللفنان، فيعجبني حرصه على تبني المشروعات والتجارب الفنية القطرية، وتقديمها بأفضل الطرق والوسائل إلى سوق الفن العالمي، ولا شك أن تعاوني مع الجاليري أثبت نجاحه عبر مجموعة من التجارب المتصلة كان آخرها مشاركتي في معرض إسطنبول للفن المعاصر بتركيا وذلك عبر أول مشاركة لجاليري من قطر في هذا الحدث المهم والتي ساهمت كثيرًا في تعريف العالم بالمستوى المتميز الذي وصلت إليه الحركة التشكيلية القطرية، وعندما جاءني عرض التعاون مع “أنيما” بتوقيع عقد حصري لتنفيذ أعمالي النحتية وتسويقها محليا وعالميا، كان بمثابة بادرة طيبة تهدف لتقديم ما هو مختلف ومتطور للساحة التشكيلية الخليجية بشكل عام، ويمكنني القول إن التعامل مع مؤسسة جاليري أنيما يمثل نموذجا للرقي والاحترام المتبادل، وقد استطاعت تلك المؤسسة من خلال المواصفات الرفيعة للجاليري أن تجعل منه قبلة للفن العالمي وللفنانين العالميين.
> أيهما الأجدر للنهوض بالحركة التشكيلية..المؤسسات الخاصة أم الرسمية؟
– المشهد الفني يجب أن يسير في إطار واحد وعلى كل المؤسسات الرسمية أو الخاصة إدراك أن كلا منهما يكمل الآخر، فالجاليريات الخاصة تقدم خدمات للفنان يصعب تقديمها من قبل المؤسسات الحكومية والعكس أيضاً صحيح، فالمشهد التشكيلي لا يستطيع أن يستغنى عن أحدهما.
> متى بدأ شغفك بالتصوير الضوئي؟
– بدأ شغفي بالتصوير الفوتوغرافي منذ فترة السبعينيات، وحينها كنت أقتني كاميرا أقوم من خلالها بتصوير عدد من الصور ذات الموضوعات التراثية المتعددة والتي مازلت أحتفظ بها إلى الآن، وربما أكثر ما كان يستهويني حينها المراكب والبحر والصيادين، وفي تلك الفترة لم تتوفر لنا بالطبع تلك التقنيات الحديثة الموجودة حالياً، فكانت زاوية التصوير ورؤية المصور للأشياء من منظور خاص هي أساس العمل المصور، وهو ما جعلني دائم البحث عن العديد من الأشياء التي لا يهتم بها الإنسان لأراها أنا من زاوية أخرى، وفي زمننا الحالي يمكنني القول إن كل بيت به عدة كاميرات لكن أيهما تخرج فناً، فعين المصور وعشقه للتأمل هو ما يدفعه لاختيار غير التقليدي ليبهر به محبي مشاهدة الصور الفوتوغرافية الجمالية، وعامة فأنا لا أبحث عن الشكل الجمالي الجاهز، فالجدران مليئة بالجماليات المختفية وببعض التأمل يمكن أن تخرج الكثير من المشاهدات التي تعبر عن الكثير.