ذاكرة قماش

الجسرة اثلقافية الالكترونية
رفعت العلان*
المصدر / الراي الاردنية
– تحكي اللوحة التي رسمها كونستانتين فلافيتسكي عام 1864، قصّة الأميرة تاراكانوفا، وتحديداًً مصرعها.
وكان ألكسي أورلوف القائد العسكري الروسي هو من قضى على الأسطول العثماني في الأناضول وشارك في الحرب ضدّ نابليون عام 1770، و لعب هو وشقيقه دورا مهمّا في الإطاحة ببطرس الثالث وتنصيب كاثرين ملكة على روسيا. وعُهدت له مهمّة حراسة الإمبراطور المعزول والحفاظ على سلامته الشخصيّة. وكان أورلوف يعرف أن بقاء بطرس حيّا يمثّل خطرا حقيقيّا على كاثرين. لذا قام شخصيّا بتصفية سجينه الأعزل خنقاً.
ثمّ كلّفه رجال كاثرين بإغراء وخطف الأميرة اليزابيتا تاراكانوفا «موضوع اللوحة «التي كانت تزعم أنها الابنة المفقودة للإمبراطورة الراحلة اليزابيتا. وشيئا فشيئا أصبحت تاراكانوفا تمثّل، هي الأخرى، خطرا حقيقيّا على سلطة كاثرين. وفي النهاية تمكّن من إغوائها واستدرجها إلى سفينته ثمّ جلبها معه إلى روسيا عام 1775م حيث سلّمها لكاثرين. وقد أودعت في سجن بإحدى القلاع القديمة. لكنّها توفّيت في نفس تلك السنة غرقا بعد أن اجتاح فيضان نهر النيفا المنطقة التي يقع فيها السجن.
الرسّام كونستانتين فلافيتسكي صوّر قصّة مصرع تاراكانوفا في هذه اللوحة. وهو يرسم معاناة المرأة الشابّة وإحساسها بالعجز واليأس بطريقة معبّرة ومأساوية. وتظهر وهي تواجه الموت المحقّق في غرفتها الكئيبة بالسجن الذي غمرته مياه الفيضان.
تاراكانوفا ترتدي فستانا مهلهلا ومتّسخا وتقف على سريرها بينما تتدفّق المياه عبر نافذة الغرفة. يمكن للناظر وهو يرى استكانتها واستسلامها أن يستنتج أن الغرفة محكمة الغلق وأن لا سبيل للفرار أو النجاة من هذا الموقف المشئوم. الفئران، وهي السكّان الطبيعيون لمثل هذه الأمكنة عادة، أخافها هي أيضا منظر المياه الآخذة في الارتفاع فقفزت إلى السرير طلبا للنجاة. وفي الزنزانة يمكن ملاحظة طاولة خشبية ورغيف خبز وزجاجة. والمرأة تقف في منطقة الضوء، بينما كلّ شيء آخر في الظلّ.