«رانيا زبيب» من الإخراج إلى قصص الأطفال

الجسرة الثقافية الالكترونية
زينة برجاوي
«في شوارع مدينتي ألوان وروائح وأصوات تحمل معها هوية المدينة، وتطبع في ذاكرتي تاريخا مضى ومستقبلا يعبق بالذكريات.
يرن جرس المدرسة فتعلو أصوات الأطفال فرحة بوقت العودة إلى البيت. أما بالنسبة لي فأجمل ما في وقت العودة هو الطريق من المدرسة إلى البيت… أشد على يد أمي، وأفكر كيف أصبحنا جزءا من مشهد المدينة، كيف أن وجودي ومروري بهذه الشوارع الضيقة هو إضافة لذاكرة الطريق والرصيف والشارع… مهما تنوعت الوجوه والأصوات ومهما تغيرت الروائح وتعددت الألوان… تبقى ذاكرة المدينة…».
هكذا اختارت مؤلفة كتب الأطفال الكاتبة اللبنانية رانيا زبيب أن تسترجع ذكرياتها مع مدينتها بيروت حين كانت طفلة صغيرة. فبرغم الحرب التي كانت تُشنّ على العاصمة آنذاك، خزّنت زبيب صورة جميلة عن بيروت، فنجحت في سرد يوميات كانت تعيشها مع والدتها التي كانت تصطحبها من المدرسة الى المنزل مشياً على الأقدام. ففي شوارع مدينتها ألوان وروائح تحمل هوية تلك المدينة، وتطبع في ذاكرتها تاريخاً مضى ومستقبلاً يعبق بالذكريات.
تولًت رسم صور الكتاب لينا غيبي، فاستوحتها من صور حقيقية، وجمعت الأحداث في شارع واحد من بداية الكتاب الى نهايته. بطلتا الرواية الكاتبة ووالدتها، اللتان كانتا تمشيان وتضحكان. تسمعان من بعيد صوت بائع الكعك على دراجته ينادي: «كعك..كعك»، ثم تتوقفان عند دكان والدها «أبو وليد»، فتجدانه يلعب الطاولة مع صديقه، فمحطة أخرى عند الحلاق «كوستي» الذي يلقي التحية على زبيب ووالدتها حين مرتا من أمامه.
وكانت زبيب قد أطلقت كتابها خلال «معرض بيروت الدولي للكتاب» ومن إصدار دار النشر «أكاديميا» وتمّ ترشيحه لجائزة «اتصالات» عن «أفضل نص» فوصل الى النهائيات. وتلفت زبيب لـ «السفير» الى أن «الكتاب يتوجه الى عمر 10 سنوات وما فوق، وتمّ تأليفه بطريقة تحث الأطفال الى النظر لمدينتهم بطريقة إجابية». وبرأيها، يتوقف قارئ الكتاب الذي يتوجه أيضاً للكبار عند «ضرورة الا ينسى أنانيته ويعيش الأشياء كما هي». و «ذاكرة المدينة» هو واحد من مجموعة كتب أطفال أطلقتها زبيب هذا العام، نذكر منها الكتب الصادرة عن «أكاديميا» وهي «أنا والشيء»، «نسيت أجنحتي في البيت»، «يوم اختفت الأشجار»، وكتاب «آدم لن يخاف بعد اليوم».
دخلت زبيب عالم الكتابة من باب الصدفة لانها تهواها، رغم تخصصها في مجال «الإخراج». وبعدما تزوجت وأنجبت أطفالها، راحت تقرأ لهم القصص قبل النوم. هنا اكتشفت موهبتها، فجمعت نصوصها وبدأت مشوارها لتتفرغ للكتابة، وأطلقت أول قصة أطفال «دجاجة باق بيق» في العام 2009. حينها، كانت تعيش في دبي، حيث تولت قراءة قصص للأطفال لقيت عندهم إقبالاً إيجابياً. ترى زبيب أنه «ليس من السهل الكتابة للأطفال، لان على الكاتب في هذا المجال أن يعي كيفية إيصال الرسالة، متجنباً أن يُشعر الطفل بالملل». لذلك، سعت أن تكون كتبها أداةً للفرح والخيال، وليست كتب مدرسة، حسب تعبيرها. وفي العام 2010 بدأت العمل مع أهم دور نشر عربية مثل «أكاديميا لبنان»، و «دار الفكر اللبناني»، و «لمسة» التي تعمل على إصدار تطبيق خاص بقصص الأطفال على الهواتف الذكية وأجهزة «الآيباد».
اليوم، في جعبة الكاتبة زبيب أكثر من 30 قصة للأطفال باللغة العربية أصبحت نادرة في زمن يهرب فيه الجيل الجديد من أجواء الثقافة العربية، ليدخلوا عالمهم الخاص الذي تهيمن عليه أدوات التكنولوجيا الحديثة. وتأكيداً على رسالتها، سافرت زبيب مؤخراً الى العاصمة السويدية للمشاركة في «مهرجان القراءة العالمي»، وقرأت نصوصاً باللغة العربية على الأطفال العرب المقيمين هناك. وبرأيها، في الخارج، يتم الحفاظ على الهوية العربية في حين نخسرها نحن في الوطن الأم.
المصدر: السفير