رحيل الأردنية فتحية السعودي

الجسرة الثقافية الالكترونية
رحلت الشاعرة والطبيبة فتحية السعودي أمس الأول الخميس 21 كانون الثاني/ يناير، في مدينة لندن، بعد صراع مرير مع المرض عن عمر يناهز 66 عاما. والسعودي من مواليد عمان، درست وتخصصت في طب الأطفال في فرنسا، عملت أخصائية أطفال في لبنان والأردن، خاصة مع الفئات الأقل حظا، ولها اهتمام بالدفاع عن القضايا الإنسانية العادلة، حيث شاركت في العديد من المؤتمرات والندوات على المستوى العربي والدولي، وصدرت لها مؤلفات باللغات العربية والفرنسية والإنكليزية، كما قامت بترجمة مختارات من الكتب العلمية والأدبية، وحصلت على عدة أوسمة وجوائز لنشاطها في المجالات الإنسانية والثقافية والعلمية.
صدر لها شعرا: «الأنبياء طفولة ونبوّة»، بالإنكليزية أولا وبتقديم جون برجز، ثم صدر بالعربية بتقديم من فيصل دراج مع ترجمة لمقدمة جون برجز؛ «بنت نهر التيمز»، صدر بالإنكليزية أولا، ثم صدر بالعربية بتقديم خالدة السعيد؛ كما صدر لها أيضا: «النسيان المتمرد»، «يوميات حصار بيروت عام 1982»، باللغة الفرنسية أولا، ثم صدر باللغة العربية بعنوان «أيام الجمر، يوميات حصار بيروت عام 1982»؛ «الطفل الطبيعي»، مرجع طبي من تأليف رونالد النغورث، ترجمته من الإنكليزية وصدر عن دار المدى في عمان؛ «صحة الأطفال دليل الأمهات»، صدر باللغة العربية عن اليونسيف في عمان؛ «من عايدة إلى كزافيه»، رواية لجون برجر ترجمتها من الإنكليزية ونشرتها الدار العربية للعلوم في بيروت، «قضايا الأطفال»، علم نفس لفرانسواز دولتو، ترجمته من اللغة الفرنسية ونشرته دار المدى في عمان؛ «عربة الوهم»، كتاب شعري لغريب إسكندر ترجمته من اللغة العربية إلى الإنكليزية ونشر في لندن. حصلت على الجوائز والأوسمة التالية: وسام الاستحقاق الوطني الفرنسي من رتبة فارس – جائزة الحسن بن طلال للتميز العلمي- جائزة محمود الرمحي الطبية.
خالدة السعيد كتبت في تقديمها لكتاب «بنت النهر»: «تعرفت إلى فتحية السعودي أثناء الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، كانت تتولى رعاية الأطفال الفلسطينيين ومن فقدوا أهلهم تحت القصف، وكانت تنتقل بالأطفال من مكان إلى مكان في أخطر الظروف هربا من مواقع الخطر، وتشارك في تأهيل مشفى طوارئ وسط بيروت، ودائما كانت فتحية السعودي امرأة المهمّات الاستثنائية في حقل الطب والنضال، على مدى عشرين عاما بعد ذلك في تعاون مع المنظمات الدولية والعربية (…) ومنذ الاجتياح لم ألتقها إلا في الميادين؛ لم التقها إلا ناشطة في ساحات العطاء».
وفي تقديمه لكتابها «أطفال وأنبياء» كتب فيصل دراج: «في مسار فتحية السعودي ما يستدعي النظر الروائي إلى العالم، الذي يحاور إنسانا انتهى إلى حيث لا يريد، ويرصد طريقا يخادع السائر فوقه، ويقوده إلى موقع لم يتوقعه. لم يكن في شباب فتحية، ما يلمح إلى احتراف الكتابة، فقد درست الطب في فرنسا واختصت لاحقا بطب الأطفال. كانت تعبّر في اختيارها عن كراهية المرض وضرورة الشفاء، وتنظر إلى عالم الأطفال البريء، الذي تعالجه الحياة كما تشاء. وكانت، آنذاك مقتصدة في الكلام وممتلئة بالأمل. وتابعت أقدارها مع الحياة، من دون أن تتخلّى عن احترام الكلام والاحتفاء بالتفاؤل.
صاغت كتابها إلى الأطفال والأنبياء متكئة على مرجع واضح ثنائي العلاقة: المعاناة والنبوّة، إذ في المعاناة ألم وقلق وحيرة، وإذ في النبوة قبول الألم والتصدي له. وقد يأتي المرجع، وحيدا، من تجربة متراكمة، عرفت الاغتراب والمواجهة، أو من عودة إلى سير الأنبياء، الذين جمعوا بين المأساة والانتصار، أو بين الرسالة والحقيقة. رجعت فتحية، التي علمتها الحياة دلالات المأساة، إلى «قصص» أنبياء أربعة: إبراهيم، موسى وعيسى ومحمد. تأملت تجاربهم، في ضوء أقدارها وترجمت ما رأت في كتابة تحاكي الشعر، وتريد أن تكون شعرا، متوسلة الإيقاع والصور، وفراغات تقول ما لا تقوله الكتابة».
المصدر: القدس العربي