رحيل المبدعَيْن السودانيّين محمد طه القدال وعيسى الحلو

فجع الوسط الثقافي السوداني بالرحيل المتزامن لاثنين من أبرز مبدعيه.
فقد رحل الشاعر محمد طه القدال مساء أول أمس بالدوحة التي غادر إليها من القاهرة للاستشفاء، وتجري ترتيبات نقل الجثمان للبلاد ليوارى الثرى بمسقط رأسه. كما لحق به بعد ساعات قليلة بالخرطوم، الروائي والناقد الفني عيسى الحلو.
وللراحلين إسهامات كبيرة في إثراء الساحة الفنية بالكثير من القصائد والروايات والقصص القصيرة والمقالات النقدية في الصحف والمجلات السودانية.
برع الشاعر القدال في استخدام المفردات العامية في الكثير من أشعاره التي رسخت في الذاكرة السودانية، وأضفى أسلوبه في قراءة الشعر قوة ورصانة تفرد بها عن أبناء جيله من الشعراء السودانيين، وتخطت أشعاره الحدود لتحظى بمكانة متقدمة وسط أقرانه من الشعراء العرب.
ولد القدال بقرية «حليوة» بوسط السودان 1951، وتلقى تعليمه الأولي والثانوي بالقرية، إلى أن التحق بكلية الطب جامعة الخرطوم، ليتركها قبل أن يكمل دراسته ويتفرغ لكتابة الشعر.
وعُرف القدال شاعرًا ثوريًا معارضًا لكل الأنظمة الشمولية العسكرية والمدنية، وأسهمت أشعاره القوية في استنهاض الشارع وحشده للمقاومة، وبرز اسمه إبان انتفاضة أبريل 1985 ضد الرئيس الأسبق “جعفر نميري”، كما عارض حكم الإنقاذ أكثر من 3 عقود، وكان له دور بارز في المشاركة الشخصية وبالشعر في حراك ثورة ديسمبر 2018 التي أطاحت بحكم “البشير”.
وقد نعاه رئيس الوزراء السوداني، عبدالله حمدوك، في تغريدة له على صفحته الرسمية بـ”فيسبوك” قائلاً: “إن القدال لم يكن مجرد شاعر عبر تاريخنا، لكنه صاحب مشروع شعري وإنساني ووطني عظيم، غنى بالمعاني والقيم الجميلة، شاديًا بأغنيات الحرية والطلاقة حتى في ظل أعتى الديكتاتوريات. أنعى إليكم علمًا من أعلام الأدب السوداني، وحكيم الشعراء، أو شاعر الحكماء، الذي كانت حكمته المسجوعة زادًا للصبر على عسفِ الاستبداد وعهوده المتطاولة، ووقودًا لمقاومته”.
كما نعى أعضاء مجلس السيادة الانتقالي السوداني، الشاعر القدال في بيان جاء فيه أنه “ظل طوال عمره يصدح بكل المعاني التي رسخت للحب والخير والجمال، وعززت من معاني الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان”.
وتغنت فرقة عقد الجلاد، أشهر المجموعات الغنائية في البلاد، بالكثير من قصائد الراحل، منها «الطمبارة والغناي» و«مسدار أبو السرة» وهما من القصائد التي كانت تلهب حماس الشباب في أجواء العسف والرقابة الذي كان يمارسه نظام البشير.
أما الروائي والقاص، عيسى الحلو، فعرف بكتابته الرواية والقصة القصيرة، إلى جانب إسهاماته في كتابة المقالات النقدية في الصحف.
وولد الحلو بمدينة “قلي” تقع شمال مدينة كوستي على النيل الأبيض في عام 1945، ونال دبلوم التربية ببخت الرضا عام 1971، لكنه ترك مجال التدريس باكراً ليمتهن الصحافة، فعمل بكبريات الصحف السودانية، مثل «الأيام»، التي أشرف فيها على القسم الثقافي، و«الصحافة» و«الرأي العام»، التي رأس فيها أيضاً القسم الثقافي، كما رأس تحرير صحيفة «الخرطوم».
صحيفة “الشرق الأوسط”