رحيل سعيد صالح.. بطل الأدوار الثانية

الجسرة الثقافية الالكترونية-السفير-
توفي قبل ظهر اليوم الجمعة الممثل المصري سعيد صالح، عن 76 عاماً، بعد معاناة مريرة مع المرض. بوفاته، يُعاد النظر بموقع الكوميديا في الفن التمثيلي المصري، انطلاقاً من تلك المكانة التي أتقن صالح تفعيل حضورها، باشتغالاته المنصبّة على إيجاد منافذ معيّنة تُتيح له شيئاً من اختبار الأداء، وتمنحه بعضاً من هامش حرية متفلّتة من سطوة زميله وصديقه عادل إمام. الممثلان اللذان تشاركا بطولة “مدرسة المشاغبين” قبل 41 عاماً، إلى جانب يونس شلبي وأحمد زكي وسهير البابلي وحسن مصطفى وهادي الجيار، بَدَوَا ـ في مرحلة خصبة بالأعمال الفنية المتنوّعة على الشاشتين الصغيرة والكبيرة تحديداً ـ كأنهما يسعيان إلى احتلال المنصب الأول على عرش الكوميديا، وإن صادر إمام زعامة هذا الفنّ من دون غيره.
تُشكّل وفاة سعيد صالح لحظة تأمّل بأحوال صناعة الصورة البصرية في مصر، خصوصاً أنه يُعتبر إحدى العلامات الفارقة فيها، خصوصاً في الجانب الكوميديّ منها. آخر أعماله السينمائية حمل عنوان “متعب وشادية” (2013) لأحمد شاهين. لكن حضوره فيه لم يكن في المراتب الأساسية الأولى، على غرار نتاجات عديدة ارتأى الممثل أن يحتلّ فيها المرتبة الثانية على الأقلّ، كمن يُريد “إدارة” اللعبة كلّها، لكن من “الخطوط الخلفية” للتمثيل. لهذا، يسأل البعض عمّا إذا سعى الممثل الراحل، فعلياً، إلى انتزاع منصب الزعامة من عادل إمام، أقلّه على الشاشة الكبيرة. مع هذا، لم يكن ضرورياً التوقّف عند منافسة كهذه، في لحظة رحيل ممثل أتقن الانصياع إلى رغبات التمثيل أولاً، وأبدع في تقديم شخصيات كوميدية، بعضها محمَّل بأسئلة حياتية وإنسانية وأخلاقية، مستلّة من وقائع العيش على ضفاف الخراب البشريّ.
لم يكن عادل إمام الممثل الوحيد الذي رافقه سعيد صالح. لكنه كان الأكثر حضوراً في أعماله المتنوّعة، التي تشارك فيها مع ممثلين وممثلات آخرين، أمثال سعاد حسني وماجدة الخطيب ونجلاء فتحي ونادية الجندي وشيريهان ومحمود ياسين وسمير صبري ومحمود عبد العزيز وفاروق الفيشاوي وغيرهم. كما أنه لم يتردّد عن المشاركة في أفلام كوميدية، أبطالها منتمون إلى جيل لاحق به، أمثال محمد هنيدي وهاني رمزي مثلاً.