رسامون- شعراء عراقيون: العالم جعل الفنون فضاء واحداًفي البحث عن العلاقة بين النتاج الإبداعي

الجسرة الثقافية الالكترونية – القدس العربي – تسعى المناهج النقدية الحديثة لفك الحدود بين الفنون، وهذا ما سعى إليه مؤخراً الناقد الامريكي راؤول إيشلمان في مفاهيمه الجديدة التي أسماها (الأدائية)، أو بعد ما بعد الحداثة، في محاولة منه للخروج بنظرة مغايرة للبحث في الفنون والآداب.
هذا البحث الذي جعل من الحقول الإبداعية جميعاً باحة واحدة يدور فيها كل ما يمكن أن يعبّر عن الموهبة، كالرسم والموسيقى والأدب والمسرح وغيرها من الفنون. في الوقت نفسه لم يقف بعض الفنانين العراقيين مكتوفي الأيدي أمام ما تعلموه منذ بداياتهم وأبدعوا فيه، فالرسام حاول أن يكتب شعراً وأن يؤلف رواية أو عملاً أدبياً ما، والشاعر قدم أطراً جديدة في اللوحة التشكيلية، ليخرج بعدها وهو يلّوح عالياً بأنه قادر على كسر الجدران الصمّاء، والخروج إلى العالم بروح جديدة ومغايرة.
نحاول هنا أن نبحث في العلاقة بين الشعر والرسم، عدد من الشعراء العراقيين؛ على الرغم من اشتغالهم على تقديم كل ما هو جديد في عالم الشعر، إلا أنهم في الوقت نفسه قدموا فنوناً موازية سعوا من خلالها لتغيير وجه العالم، فضلاً عن بنية عالمهم الشخصية. فما العلاقة بين الفنون؟ وكيف يمكن أن يجمع المبدع بين عالمين مختلفين ومتجانسين في الوقت ذاته؟
الحضور المتكافئ
الشاعر والفنان هاشم تايه يقول إن العلاقة بين الشعر والرسم تقع في المستوى الغائر لعمل كلٍّ منهما. وفي هذا المستوى يلتقي فعل الشعر وفعل الرسم في آليتيْن متعاضدتيْن لاشتغالهما. وقوام هاتين الآليتين: رؤية أوليّة وإدراك يعقبها. رؤية بصَريّة بالعين- هي نقطة الشروع لكلٍّ من الشاعر والرّسّام- لمادة مرئيّة مشوشة تختلط عناصرها بعشوائية وتخضع لإدراكٍ حسيٍّ تحويلي، كما يدعوه فرانكلين روجز في كتابه الشعر والرسم، وهذا الإدراك يقوم بانتخاب عناصر محددة من المادة المرئية المشوشة تلتحم مع بعضها لتنتج نواة صورة أوّليّة مقترحة لتحولات مفتوحة يصنعها الخيال، وتنتهي بإنتاج تكوين صوري ذي عضويّة مهيّأة للتفتح والحياة، وبالوسع تمثيلها بمادة بصريّة أو لغويّة.
ويضيف تايه أنه تأسيساً على ما تقدّم سيكون الرّسم حاضراً في نصّ ذي طبيعة لغوية بمقدار حضور العين فيه، وبحجم فاعليتها في خلق عناصره، وكأن الكتابة تمّت بالعين. وسيكون الشعر حاضراً في الرسم حين يتوفر هذا الأخير على نظام من الإيقاعات البصَريّة بين أجزاء التكوين بأشكالها وألوانها وخطوطها على السطح التصويريّ، وبينها وفضاءاتها التي تقيم فيها. و’على الرغم من اختلاف المواد والوسائل التي تنتج القصيدة- اللّوحة إلاّ أن هناك تقنيات أظنها مشتركة بين الاثنين كتقنيات التحوير والحذف والإضافة والتلوين بالمادة أو بالأسلوب وإنشاء الفضاءات’.
ويشير تايه إلى أن المحاولات التي جرت وتجري لإقحام نصّ لغوي في نصّ بصَريّ أو بالعكس لم تخلُ من تعسف، لأنها كانت في الأغلب تتم قسراً ومن دون ضرورة فنيّة عميقة تفتح الباب للجمع بين الاثنين، وخارج هذه الضرورة يكون هذا الجمع متكلفاً وغير فاعل، وتكون النتيجة تزييناً أو تزويقاً لنصّ لغوي بنصّ بصريّ أو بالعكس. والأسوأ من ذلك أن يُشّوش أحد النصّين التلقي السّليم للآخر.
اقتناص ما لا يراه الآخرون
أما الرسم والشعر عند رنا جعفر ياسين فهما متداخلان ببعضمها، ولـ’أعترف: بالنسبة لي الرسم أو الفن التشكيلي (كوني أجرب أنماطاً أخرى من العمل التشكيلي كالنحت والكولاج) هو جانب من جوانب الشعر، فالجنس الأدبي عندي هو القصيدة أما الشعر فهو العالم الأوسع والأعم الذي يحركني لاقناص نص أدبي أو قصيدة من جهة، ومن زاوية أخرى قد يحفزني لانجار عمل فني’.
وتعرّف ياسين الشعر على أنه: اقتناص ما لا يراه الاخرون. ولهذا، القصيدة واللوحة عندها وجهان للشعر. لكن المحفز فقط هو ما يختلف، فقد ‘يقودني لكتابة قصيدة ربما إن كانت حاجتي النفسية للبوح في هيئة كلمات، وقد يقودني ذلك المحفز لعمل فني أو لوحة إن كانت روحي تبحث عن تعبير صوري. ومثلما يختلف المحفز، يختلف التلقي للاثنين، فالعمل الفني يصل إلى المتلقي من خلال القراءة البصرية. أما القصيدة فتحتاج إلى قراءة ذهنية وهي الأصعب، لهذا القصيدة واللوحة تقدمان مستويين مختلفين من التلقي، أشعر أن أحدهما أسهل من الآخر.
وتضيف: الشعر هائل، يفتح مغاليق كثيرة ويثير على طول الطريق مواطن الاستجابة لكل ما هو غامض أو مثار جدل، بالإضافة إلى كونه يملأ حاجات الروح إلى التفاصيل، وفي أدنى مستوى بتمنيها أو إعادة صياغتها بالخيال، فتظهر تلك المساحات في القصائد ببناء لغوي يرتكز على الجملة الشعرية والصورة الشعرية في رؤى خاصة ينسقها البعد التشكيلي من الذائقة المتراكمة في ذاكرة الشاعر، أما إذا ما ظهرت في عمل فني فهنا تأخذ العلاقات الهندسية والكتلية والفراغية على عاتقها مسؤولية بناء الفكرة/ الحاجة وبوجود اللون والضوء.
بالنسبة ‘لي جمعت في أكثر من تجربة بين القصيدة واللوحة، وصدر لي كتاب (المدهون بما لا نعرف/ شعري تشكيلي) وكانت التجربة متوازية، النص قاد إلى اللوحة وأحياناً كانت اللوحة هي من تضع القصيدة. فضلاً عن هذا الكتاب، فأغلفة كتبي الأخرى كانت لوحات من أعمالي، وكما يكون اختيار العنوان مرافقا لمرحلة كتابة نصوص الكتاب تكون اللوحة أيضاً في سياق التدوين، فهي تخرج من رحم الحالة الشعرية التي تحفزني للكتابة’.
كائن واحد
في حين لا يعتقد الشاعر والرسام سليمان جوني بوجودِ قوّةٍ ‘لا الّلغة ولا توابعها’ الفلسفة والتّنظير والنّقد لديها القُدرة على فكِّ التّشابك الذي يربط بين حقلي الشعر والرّسم ، فكلاهما ينتميان للفصيلة ذاتها ، قد يكون أحدهما أُنثى والآخر ذكراً ، بعبارة أُخرى هما ليس كلاباً ولا إنساناً، وبالتّالي فأنّنا قد نستطيعُ أن نحدّد الملامح الخارجيّة لكلّ مِنْهما لنرى كيفَ يقتربُ الواحد من الآخر، ولكنّ من دون أن ندّعي فيما بعد بأن ثمة علاقة بين كائنين. ويضيف: ببساطة بالإمكان الإشارة هنا إلى أنّ الكتابة قد تم ابتكارها من الرسم ‘الكتابة الصُّورِيَّة’ كما أن الشعر يستعمل الّلغة للتعبير عن نفسهِ وهناك من يرى أن الشعر عبارة عن كتلة لغويّة وبذلك فهو يكون مشابهاً للرسمِ، ولكن ‘مثل أدّعاء كهذا يبدو لي باطلاً، فهناك مَنْ يرى إنّ الشعر يأتي من المعنّى وليس من الّلغة وبذلك فهو يفقد هذه الميّزة التي تربطه بالرّسم، بالإضافة الى ذلك فأنّ بقيّة الفنون الإبداعيّة تلجأ إلى الّلغة أيضاً للتعبير عن نفسِها، وهكذا سنجدُ أنفسنا نباعد بينهما أكثر من محاولة الوصول إلى جذرهما ‘الأصل’. وأعتقدُ أنّ تفسيرهما معاً من الممكن أن يزيدهما غموضاً، ومن الأفضل في مثل علاقة كهذه أن نفكّر بهما بصورةٍ تقليديّةٍ، أي باعتبارهما كائناً واحدا’.
وعندما يدخل سليمان جوني الشعر، فانه عادة ما ‘آتٍ من حيّاتي وقادم الى حيّاتي، تماماً مثل قروي يدخل الى مدينة، آتٍ لأ تجول في أزقتها، فأنا غريبٌ عنيّ وتجولي هو محاولة للاكتشاف وليس للسياحة، وعادة لا أكترث إذا ما كان ما أكتبه للآخر ‘القارئ’ مهماً أم لا، ولكن ما يهمني جداً هو أن أقولني كما أنا وبلا رتوش، ولذلك فأنا أتعامل مع نفسي كمحترفٍ’. أما بالنسبة للرسم فيمارس جوني الطّقوس نفسها، أي أنه يرسمنفسه من دون أن يفكر بالآخر ‘النّاظر’، وبذلك فإنه يمارس الشعر والرسم من دون أن يستعير مِنْ مفردات أحدهما لإضافتها الى الآخر فهما ‘كائن واحد’، كما أنه من الصّعب استعارة مفردات الأنثى وإضافتها إلى الذكر والعكس صحيح أيضاً. ثمّة أشارة ‘أريد أن أوضحها هنا، وهي أنّ الشعر لا يحتاج إلى أكاديمية أو مدرسة للتعلم، على العكس من الرسم أو حتّى من فنون إبداعية أخرى، ولأنني لستُ متخرجاً من أكاديمية للفنون فأنني لا أتعامل مع الرسم كمحترف وإنما كهاوٍ فقط’.
متواليات الفنون
يقول الشاعر والرسام يحيى البطاط إن البحث عن علاقة بين الشعر والرسم ليس جديداً، فقد حاول منظّرون ومفكّرون وفنانون وشعراء، تلمس أواصر بين الفضاءين الجميلين التشكيلي والشعري، ‘أذكر أني قرأت في تسعينيات القرن الماضي كتاباً صدر عن دار المأمون بعنوان الشعر والرسم لفرانكلين روجرز بترجمة مي مظفر. كما اطلعت على دراسة أكاديمية للباحثة دلال جويد تتحدث فيه عن علاقة بين شعر المعلقات والرسم في العصر الجاهلي، متخذة من معلقة أمرىء القيس نموذجاً.. إذن المسألة تستحق الدرس والبحث، وبالاتجاهين، أي باتجاه البحث عن معالم اللوحة في القصيدة، وملامح الشعر في اللوحة’.
ويرى البطاط أن الاتجاه الأول أكثر سهولة من الاتجاه المعاكس.. فالقصيدة التي ترسم كلماتها لوحة نماذجها شائعة وكثيرة، فالصورة الشعرية لا شك توفر فضاءً تشكيلياً تخييلياً للمتلقي يمكن تلمسه والاستمتاع به ، غير أن البحث عن قصيدة في اللوحة أمر ينطوي على وعورة قد لا يستطيع سبر ممراتها إلا شاعر يمارس فعل رسام، أو رسام يكتب الشعر، و’اسمح لي هنا أن أخبرك شيئاً عن تجربتي المزدوجة في حقلي الرسم والشعر، على الرغم من أن الأمر لا يخلو من مجازفة، إذ لا أتذكر إني رسمت لوحة متعكزاً على قصيدة، أو العكس، أي كتبت قصيدة من وحي لوحة، أجد في ذلك نوعاً من العبث، الأمر ليس مجرد ترجمة آلية بين حقول إبداعية مختلفة، فثمة كيمياء نفسية وجسدية تدفع إلى مغامرة اللوحة تختلف تماماً عن ذلك المزاج الذي يحرض على كتابة قصيدة، ولأعترف أن اللجوء إلى الرسم، بالنسبة لي على الأقل، يحصل عندما أجد نفسي عاجزاً عن تفريغ شحنة نفسية داهمة في خامة اللغة، أي في هيئة كلمات تنتظمها قصيدة، بينما تجد لها فسحة بين خامات من طبيعة مختلفة كالألوان والفرش وسطح اللوحة’.
ويلخص البطاط رأيه من خلال تجربته، قائلاً: إن اللوحة يمكن أن تكون قصيدة شائهة في متاهات اللون، مثلما يمكن للقصيدة أن تكون لوحة وجدت فرصتها في نسيج اللغة.. نحن إذاً أمام ثنائية وربما ثلاثية أو متوالية متعددة الحدود تتجاوز الرسم واللون إلى حقول إبداعية أخرى كالموسيقى والغناء والنحت والأزياء والعمارة وحتى تخطيط المدن، كلها يمكن أن تنطوي على بصمات لإحداها في الأخرى، انظر إلى تصميمات المعمارية زهاء حديد، وتأمل تأثيرات الموسيقى فيها، شاهد أعمال بولوك التشكيلية واصغ إلى الأثر القوي للموسيقى التي يصدر عنها، الأمر برمته يشبه دلتا متشابكة لروافد تصب كلها في بحر الإبداع العظيم.
طرائق للخلق
ومن وجهة نظر الشاعر والرسام مهدي النفري، فإن علاقة الشعر بالرسم هي علاقة وثيقه ويمكن اعتبار الرسم مكملاً للشعر أو العكس فالأجناس الأدبية هي واحده، تنبع كلها من درب واحد، لتتفرع بعدها محاولة الوصول إلى ما هو الأجمل والأنقى. ويضيف: فالشاعر يكتب ليبلغ مقام النقاء والرسام يستعمل الفرشاة واللون ليصل تلك القمة أيضاً مع فارق أن لكل منهما طريقة للخلق وصنع الجمال. ‘قد يستطيع البعض الجمع بين الرسم والشعر إذا توفرت لديه شروط الموهبة ومن ثم تطويرها بالدراسة والممارسة، لكن هذا لا يعني أن كل فنان تشكيلي باستطاعته كتابة الشعر والعكس′.
أما بخصوص الاستفادة من النص الشعري في اللوحة، فبالتأكيد له تأثير كبير فاللوحة هي قصيدة وكلماتها هي الألوان. ‘وهذا لا يعني أنني أرسم بالكلمات، لكني أحياناً كثيرة أحاول تصوير قدرة اللغة في الوصول إلى العمق لاختار اللون المناسب’. ويشير النفري إلى نقطة مهمة يجب الأخذ بها، وهي أن علينا أن لا ننسى الخاصية التصويرية للشعر مما يمهد له أن يكون قاعدة قوية يستند عليها الرسام.
الفنون والعبقرية
وتبدو العلاقة بين الشعر والرسم من المواضيع العالقة في جسد الفكر الفلسفي الذي لم يتوان عن دراستها منذ عصر النهضة الاوروبي وحتى الان؛ بحسب رأي الشاعر والرسام مازن المعموري، إذ يجد التواشج بين فني الشعر والرسم يغرفان من مبنع واحد الا وهو العبقرية الإنسانية التي لا تنفك تمنح البشرية إيماناً متصاعداً بالخيال والقدرة على الخلق، فكان الشعر رافداً حيوياً للفنانين الرمزيين مثل (أوديلون ريدون 1840 ـ 1916) الذي كان يرسم الشعر كما يفعل بودلير وفرلين ومالارميه وغيرهم من الشعراء الكبار. وبالنسبة ‘لي لا أرى أن هناك فرقاً في الأدوات كما يعتقد البعض، فالكلمة واللون أو الصورة التي يرسمها الفنان والشاعر، إنما هي دال قادر على فتح آفاق المعرفة والتوصيل، وهو ما جعل الرسم في الحضارة المسيحية أحد العناصر الأساسية في التبشير الديني، وجعل الشعر لدى العرب سجلهم التاريخي ومنجزهم اللغوي المقدس′.
مضيفاً أن ميرلوبونتي أشار إلى أن الرسم يمنحنا القدرة على الرؤية. والحقيقة فإن هذه الرؤية لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال الفنون التي تجعلنا نرى الأشياء لاول مرة كما لم نرها من قبل، وهذا الرأي هو ما ‘فتح لي أبواب الغواية الجمالية في الرسم، فأصبحت أكتب الشعر كما لو أنني أرسم وبالعكس، وكانت النتائج أكثر من رائعة بشهادة الجميع، كما أن الرسم يشحذ الذائقة البصرية التي لا بد منها لكل شاعر، إذ إن حساسية اللون تعضد حساسية الكلمة لإنتاج جملة إبداعية تبقى في الذاكرة الجمعية، ومن يتابع نصوصي الشعرية سيجد الصورة المرسومة واضحة الملامح، كما أنني أدخلت الرسم كجزء من النص في مجموعتي الاولى (كتاب الموتى) كممارسة لإنتاج النص المفتوح وكسر التجنيس الإدبي في فترة التسعينات، وظل هذا الهاجس يلاحقني في الكتابة’.
اشتغالات عدة
ويرى الشاعر والروائي والفنان أحمد سعداوي أن من لديه اشتغالات في مجالات فنية متعددة يدرك أكثر من غيره، ربما، تلك الصلات العميقة بين الفنون وكيف تتراسل فيما بينها بالأدوات، وكيف تصب الخبرات الجمالية في مجال فني معين في المجرى العام لتجربة الفنان والمبدع بما يخدم المجالات الاخرى التي يجيد العمل عليها.
‘بالنسبة لي أفادتني الخبرة في القراءة والتأمل في تنمية عقلي التجريدي، إن جاز التعبير، ولكن الخبرة الحاسمة هي تلك التي جاءتني من التعاطي مع الرسم والفنون التشكيلية بصورة عامة، فهي التي نمّت عندي أهمية الصورة والشكل والتكوين، وقيم التجاور والتعارض وفهم الفراغ والكتلة وموقع التفصيلات ضمن الشكل العام، حتى اني أحسب نفسي محدداً، في نطاق الكتابة الأدبية، بالخبرات التي تكونت عندي مع الفنون التشكيلية، رغم اني لم اعد رسّاماً محترفاً، واحتفظ بالرسم كجزء من المتعة الشخصية، إلا في حدود ومناسبات نادرة’.
ويبيِّن سعداوي أن أية فرصة لتطوير الخبرات الجمالية تخدم الشاعر والروائي، كما أن اتصال الرسام بعالم الكتابة ممارسةً او تعاطياً هو شرط لا غنى عنه لتطوير المشغل التأملي والمعرفي عند الرسّام، وفي الثقافات الحية فان النوافذ مفتوحة دائماً بين الرسم والكتابة الشعرية والادبية وفنون السينما وغيرها. كما أن هناك تجارب عرض أصبحت شائعة في عالم اليوم، يقرأ فيها الشاعر داخل كاليري فنون، أو يتم رسم لوحات من وحي نصوص شعرية، وهذا الاختلاط يتأكد يوماً بعد يوم، من وحي هيمنة ثقافة الصورة، وإيجاد وسائط أكثر تنوعاً أمام الفنون الكتابية.