رهاب المسرح سبب ابتعادي عن الخشبة

الجسرة الثقافية الالكترونية

*مصطفى عبد المنعم

المصدر: الراية

 

يشعر الفنانون أحياناً بأن هناك ما ينقصهم ويؤثر بالتالي على قدرتهم في تقديم الخدمات الفنية للجمهور، إلا أن هناك من يتهمهم في بعض الأوقات بالتقصير، وبين اتهاماتهم التي يلقونها على أكتاف البعض والاتهامات التي توجه إليهم نرى أنفسنا نقف في المنتصف، وعلى ذلك نحاول من خلال تلك الزاوية تقريب وجهات النظر ومحاولة الخوض في بعض تفاصيل أبرز الإشكاليات التي تواجه الحراك الفني لمعرفة أصوله وتداعياته من خلال عرض كافة الآراء، وذلك عبر محاكمة افتراضية يتم خلالها توجيه اتهام أو أكثر إلى الضيف، ثم ننتقل إلى مرحلة أخرى يقوم خلالها الضيف بدور وكيل النيابة الذي يلقي هو بالاتهامات على من يراه مقصراً، ثم يقوم في المرحلة الأخيرة بإلقاء عدد من الأحكام على هؤلاء المقصّرين، وفي زاويتنا اليوم سنستضيف الفنان صلاح درويش المدير المالي والإداري لفرقة قطر المسرحية ليكون ضيف زاوية المحكمة الثقافية.

 

“الاتهام”

 

في البداية لم ينف الفنان صلاح درويش الاتهام الموجه إليه بالابتعاد عن التمثيل رغم كونه أحد الفنانين الذين أسسوا للحركة الفنية والمسرحية القطرية في بداياتها، واختياره البعد عن خشبة المسرح بعد أن كان واحدا من نجومها، حيث أقر بابتعاده عن خشبة المسرح ولكنه لم يبتعد عن الحركة الفنية، مبررا ما حدث بالقول: أنا أعتبر أن هناك عدة أسباب لابتعادي عن خشبة المسرح وعدم التمثيل بالرغم من كوني أحد الفنانين الذين أسهموا في تأسيس الحركة المسرحية، وكنت وقتها نجما في مختلف مجالات الفن سواء المسرح أو التلفزيون أو الإذاعة، ولكن يبدوا أن هذا النجاح المبكر هو السبب الرئيسي لابتعادي غير الاختياري عن خشبة المسرح.

 

تلاتة على واحد

 

صلاح درويش يتذكر كيف كانت نجوميته لافتة للنظر ففي مسرحية “تلاتة على واحد” مع الفنان علي سلطان وجبر فياض، جسد دور رجل متزوج من ثلاث سيدات وجميعهن من نجمات الصف الأول وكانت الزوجة القطرية تقوم بدورها الفنانة هدية سعيد، والزوجة الهندية تقوم بدورها الممثلة الكويتية زكية الخنجي، بينما قامت بدور الزوجة المصرية الفنانة المصرية ماجدة نور الدين وهي زوجة الفنان سامي العدل وقد اعتزلت حاليا التمثيل أيضا، وقال لاقى هذا العمل نجاحا كبيرا ولكن يبدوا أنني قد أصبت بعين قوية من جراء هذا النجاح الذي حققته بالرغم من صغر سني لدرجة أنني سقطت على خشبة المسرح وكان المخرج عبد الرحمن المناعي موجودا وقاموا باستدعاء طبيب لي، وتقريبا منذ ذلك التاريخ وأنا أعاني مشاكل صحية من جراء الوقوف على خشبة المسرح وباتت عندي حالة يمكن أن نسميها “رهابا” وللأسف حتى يومنا هذا عندما أسافر للمشاركة في أية مهرجانات مسرحية تصيبني حالة مرضية في الأيام الأولى من سفري في مختلف الدول التي ذهبت إليها.

 

ويضيف: لقد حققت نجاحات كبيرة على المستوى الفني منذ أن سافرت للقاهرة وللكويت لدراسة المسرح وكنت أتعلم على يد قامات مسرحية كبيرة مثل الراحل ذكي طليمات والذي تفاجأ بي في مهرجان المسرح العربي بدمشق وأنا أشارك كممثل لدولة قطر في هذا المهرجان المسرحي الكبير وكان فخورا بي كوني من أبنائه ونجحت في هذا السن أن أمثل دولتي، وقمت أيضا في الإذاعة ببطولة مسلسل “صور شعبية” وقدمت 360 حلقة وهذا العمل من تأليف أحمد أبودان.

 

وكيل النيابة

 

في المحور الثاني من الحوار انتقلنا مع الفنان صلاح درويش ليؤدي معنا خلال هذا الحوار دور وكيل النائب العام ويتلو بعض الاتهامات ضد أي من يراه سبباً في أي تقاعس ضد مسيرة الحياة الإبداعية سواء كان من الوسط الفني، أو من الجمهور، وليطلب تنفيذ أقصى عقوبة عليهم.

 

صلاح درويش قال “في الحقيقة لن أجد من أوجه له الاتهام سوى أولئك الذين يهمشون الحركة المسرحية والذين أعتبرهم هم السبب الثاني من أسباب ابتعادي عن المسرح، خصوصاً في ظل عدم وجود اهتمام بالحركة المسرحية بالصورة التي يمكن أن تغري الفنان لاقتحام هذا المجال مرة أخرى، كما أن الوسط المسرحي غير جاذب ويفتقد لمحفزات تسهم في التفاف الفنانين حول المسرح وأوضحأن الحركة المسرحية ستزدهر بجهود أشخاص لديهم انتماء للمسرح ويسعون للمحافظة عليه من الاندثار، ولذلك أطالب باستقطاب خبراء من الخارج لدراسة أحوال المسرح والوقوف على نقاط القوة والضعف وتعزيز مفهوم المسرح لدى أبنائنا وتعليمهم بشكل أكاديمي ممنهج، ومتسائلا لماذا لا يتم ابتعاث الطلاب لدراسة المسرح، ولماذا لا يتم تشجيع الفنانين الشباب للدخول في عالم المسرح بإيجاد دعم ومكافآت لتحفيزهم على العمل في المسرح والإبداع.

 

وأكد المدير المالي والإداري لفرقة قطر المسرحية أنه يجب الاهتمام بمن يعمل في المسرح أو من يتوقف، ومن يعتزل أو من يعود، فنحن لدينا فنانون اعتزلوا ولم يسألهم أحد عن أسباب اعتزالهم وآخرون ابتعدوا ولم يحاول أحد أن يعرف منهم أسباب ابتعادهم والتي عادة ما تكون أمراضا موجودة داخل الحركة المسرحية وتحتاج لمن يعالجها.

 

قاضٍ

 

في المرحلة الثالثة قام الفنان صلاح درويش بدور القاضي وألقى نص التهمة وأصدر حكمه، مؤكداً أن التهمة الأساسية موجهة لكل من يقصّر في حق المسرح وعلى الجميع أن يعمل على تهيئة مناخ صحيّ للعمل الفني، مؤكدا أن الحكومة لن تقصر في دعم المسرح، وعلى الراغبين في التميز في مجال المسرح أن يسعوا لتحويل مسألة ممارسة الفن كهاو إلى صقله بالجانب الأكاديمي العلمي بعيدا عن الخبرة والموهبة فقط لأن المخرج الذي يدرس وجهة نظره تعتمد في الأساس على أمور علمية وليس على الاجتهاد، وطالب بضرورة إلغاء شروط الاعتماد على المخرج القطري أو المؤلف لأننا يجب في البدايات أن نستعين بمخرجين ومؤلفين متخصصين ولهم خبرة وعندهم دراية بالجوانب الأكاديمية التي نفتقر إليها إلا من رحم ربي، فللأسف لدينا كثير من الممثلين لا يقرأون ولا يطلعون على أحدث المدارس الفنية والأساليب العصرية التي تتطور يوما بعد يوم، وهو ما ينجم عنه ممثل أو مخرج غير مؤهل.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى